عالم من علماء العصر الإسلامي الذهبي، يدعى العالم الموسوعي الذي قدم مساهمات ضخمة في مبادئ علم البصريات حتى سمي أبو البصريات الحديثة، وكذلك في علم التشريح، وعلم الفلك، والهندسة، والرياضيات، والطب، وطب العيون، والفلسفة، والفيزياء، وعلم النفس، والإدراك البصري، والعلوم بشكل عام من خلال تقديمه للمنهج العلمي، كما يعتبره البعض مؤسس علم النفس الفيزيائي وعلم النفس التجريبي لنهجه التجريبي في علم نفس الإدراك البصري، كذلك كان رائداً في المجال الفلسفي للظواهر، علاوة على ذلك تم تصنيف كتابه في البصريات جنبًا إلى جنب مع كتاب إسحاق نيوتن كواحد من أكثر الكتب تأثيرًا في تاريخ الفيزياء، إنه رائد المنهج العلمي الحديث، العالم الأول ابن الهيثم.
المحتويات
من هو ابن الهيثم
أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم، ولد عام 965 في مدينة البصرة جنوب العراق، ومن هنا يُعرف أيضًا بالبصري، تلقى تعليمه في البصرة وبغداد، عمل قاضي ومهندس ومدرس، وتوفي في القاهرة بمصر سنة 1040م عن عمر يناهز ال75عام.
حياة ابن الهيثم
بدأ حياته في المسجد حيث كانت معظم العائلات التي اختارت تعليم أطفالها من الأثرياء، ممن استطاعوا دفع الرسوم الدراسية للمعلمين، وكان ابن الهيثم واحداً من الأطفال الأثرياء، وقد تلقى تعليمه في سنواته الأولى في مسجد بالبصرة.
بعد هذه الفترة من حياته انتقل ابن الهيثم لدراسة أعمال الفيلسوف أرسطو، وكتب في سيرته الذاتية:
“عندما اكتشفت ما فعله أرسطو، انخرطت رغبتي في فهم الفلسفة بكل إخلاص.”
من خلال الانغماس في الفلسفة، قرأ العديد من أعمال أرسطو، وبدأ في تلخيص أعماله وفي النهاية قام بتعليق عليها.
لم يلتزم ابن الهيثم بدراسة الفلسفة فقط، بل اكتشف موهبته في مجال علم الرياضيات.
وبدأ يتعمق في أعمال عالم الرياضيات اليوناني، إقليدس، ثم درس أعمال أرخميدس وبطليموس، ولخص أعمالهما الشهيرة.
يقال إن ابن الهيثم كان من أنصار المدرسة الأشعرية في الفقه الإسلامي، وعارض تعاليم مدرسة المعتزلة، على الرغم من أنه ربما كان من أنصار المعتزلة في مرحلة ما من حياته.
وفي إحدى روايات حياته المهنية، استدعاه الخليفة الفاطمي إلى مصر لتنظيم فيضان نهر النيل، عندما أدرك ابن الهيثم من عمله الميداني على طول النيل أن مخططه لتنظيم تدفق مياه النيل من خلال بناء سد جنوب أسوان مخطط فاشل، خشي على حياته ولتجنب بطش وغضب الخليفة تظاهر بالجنون، مما أدى إلى تجريده من ممتلكاته وأمواله وكتبه، وبقي رهن الإقامة الجبرية مدة عشر سنوات حتى وفاة الخليفة عام 1021.
بعد إطلاق سراحه من الإقامة الجبرية، عاش في مبنى مقبب قريب من جامع الأزهر في القاهرة.
قام بتدريس الرياضيات والفيزياء، وكتابة النصوص العلمية وكسب المال عن طريق نسخ النصوص.
وخلال فترة سجنه، كتب كتابه المؤثر في البصريات “كتاب المناظر”، بالإضافة إلى العديد من الكتب والفصول المهمة في الفيزياء والرياضيات والهندسة والفلك والطب وعلم النفس والتشريح والإدراك البصري وطب العيون، كما كتب مقدمته في المنهج العلمي الحديث.
تأليف الكتب
وفقًا لكتاب السير في العصور الوسطى، كان ابن الهيثم مؤلفاً غزير الإنتاج، كتب أكثر من 200 عمل في مجموعة واسعة من الموضوعات، منها ما لا يقل عن 96 من أعماله العلمية معروفة، وما يقرب من نصف أعماله عن الرياضيات، و 23 عملاً منها في علم الفلك، و 14 عملاً منها في البصريات، مع القليل من المجالات الأخرى من العلوم، لكن لم تتم دراسة جميع أعماله الباقية حتى الآن، وفي مايلي أهم أعمال ابن الهيثم وهي:
- رسالة في الضوء.
- رسالة في الدعوة.
- الخطاب في المكان
- كتاب في تكوين العالم.
- أطروحة ميزان الحكمة.
- شكوك بخصوص بطليموس
- كتاب المناظر، كتاب البصريات
- نموذج حركة الكواكب السبعة
- مقالة في القرستون (رسالة في مراكز الجاذبية)
إنجازات ابن الهيثم
سمي ابن الهيثم بالموسوعي لأنه كان رائداً في العديد من المجالات العلمية وهي:
في الفيزياء والبصريات
يعتبر ابن الهيثم أبو البصريات الحديثة لتأثير الكبير لكتابه البصريات، الذي شرح وأثبت بشكل صحيح نظرية التدخل الحديثة للإدراك البصري .
كانت تجاربه في البصريات تتضمن تجارب على العدسات والمرايا والانكسار والانعكاس، وتشتت الضوء في الألوان المكونة له.
يعتبر ابن الهيثم رائدا ومؤسس علم النفس التجريبي وعلم النفس الفيزيائي نتيجة لبحثه الرائد في علم نفس الإدراك البصري.
درس الرؤية ثنائية العين ووهم القمر، وتكهن بالسرعة المحدودة والانتشار المستقيم والجوانب الكهرومغناطيسية للضوء.
كما وصف ابن الهيثم الكاميرا ذات الثقب واخترع الكاميرا المظلمة (مقدمة للكاميرا الحديثة) .
اكتشف مبدأ فيرمان لأقل وقت وقانون القصور الذاتي، المعروف باسم قانون نيوتن الأول للحركة.
بالإضافة إلى اكتشافه مفهوم الزخم وهو جزء من قانون نيوتن الثاني للحركة.
اكتشف أن الأجرام السماوية كانت مسؤولة عن قوانين الفيزياء، كما قدم نقدا مبكرا وإصلاحا للنموذج البطلمي، وذكر لأول مرة نظرية ويلسون في نظرية الأعداد.
في الفلك
وفي بحثه البصري وضع الأسس للتطوير اللاحق لعلم الفلك التلسكوبي، بالإضافة إلى المجهر واستخدام المساعدات البصرية في فن عصر النهضة .
كان نموذج حركة كل من الكواكب السبعة لابن الهيثم، الذي كتب عام 1038، كتابا مهما في علم الفلك، وتم اكتشاف المخطوطة الباقية من هذا العمل مؤخرًا فقط، بالإضافة لكتابة كتاب الشكوك بخصوص بطليموس وكتاب تكوين العالم .
أثبت قدرته على حل المشكلات التي حظيت باهتمام علماء الفلك العرب، مثل تحديد اتجاه القبلة.
في الرياضيات
كان رائدًا في الهندسة التحليلية، وصاغ حل مشكلة الهيثم هندسياً، من خلال إقامة صلة بين الجبر والهندسة.
كما طور وأثبت الصيغة العامة الأولى لحساب التفاضل والتكامل متناهي الصغر والمتكامل باستخدام الحث الرياضي .
ابن الهيثم في علم النفس
يعتبر ابن الهيثم في الفلسفة رائدا في الظواهر، حيث صاغ علاقة بين العالم المادي والعالم المرئي وعالم الحدس وعلم النفس والوظائف العقلية.
أدت نظرياته فيما يتعلق بالمعرفة والإدراك، والربط بين مجالات العلم والدين، إلى فلسفة الوجود القائمة على الملاحظة المباشرة للواقع من وجهة نظر المراقب.
أثر ابن الهيثم
أثرت كتاباته البصرية على العديد من المفكرين الغربيين مثل روجر بيكون، وجون بيكهام، وويتلو، ويوهانس كيبلر بالإضافة إلى أن جميع بحوثه تتدارس بالجامعات العربية والغربية حتى الأن .
وفي الختام كان لابن الهيثم أثره في الكثير من المجلات العلمية من خلال عبقريته وملاحظاته، وكرأي شخصي لا أظن أن في عصرنا الحالي من يضاهي العالم الأول ابن الهيثم .
تابع ملهمون لعلك تكون ملهما يوما ما