قبل أكثر من 100 عام قد غيرت الثورة الروسية عام 1917 النظم الاقتصادية والسياسية في معظم أنحاء العالم، وذلك على عكس الإمبريالية الغربية والتي استعمرت مناطق ما وراء البحار. وقد توسعت الإمبراطورية القيصرية وذلك بضم الأراضي المتاخمة لها من المحيط المتجمد الشمالي شمالاً إلى البحر الأسود في الجنوب ومن بحر البلطيق في الغرب إلى المحيط الهادي في الشرق وذلك ما قبل الثورة الروسية.
تتناول هذه المقالة الأحداث التي حصلت ما قبل الثورة الروسية، والمزيد من المواضيع المتعلقة بها.
المحتويات
سياسة فلاديمير ومعاداته للرأسمالية
وبصفته معادياً للإمبريالية، فكان الزعيم السوفيتي فلاديمير لينين يعارض ضم روسيا العظمى إلى أراضي الشعوب غير الروسية. كما كان يعارض ما تقوم به الإمبريالية الغربية من الضم لأراضي الغير، وقد أوضح ذلك في كتابه مقدمة عن “الإمبريالية، أعلى مراحل الرأسمالية” وذلك الذي نشر عام 1917. فقد اعتبر أن الرأسمالية تؤول إلى الاحتكار وتتسع الهوة بين الطبقات فتظهر الحاجة إلى أسواق جديدة لتصريف المنتجات بأسعار متدنية وأيدي عاملة رخيصة مما يخلق الحاجة إلى الاستعمار والمستعمرات.
وقد ربط لينين بين الاستعمار وبين الخوف الشديد من الحرب العالمية إذ اعتبر أن وجود أكثر من دولة رأسمالية في النظام الدولي قد ترتب عليه التنافس على المستعمرات. مما ينتج عنه صراع للسيطرة بين هذه القوى كما حدث سابقاً في الحرب العالمية الأولى.
وبالرغم من ذلك، عارض الكثير من زملاء لينين سياساته هذه التي تقوم بتفضيل حق المستعمرات الروسية في التحرر الوطني والثورة الروسية، وذلك وفق تقرير من صحيفة “ذا واير” (the wire) الهندية.
ومن بعد الاعتراف باستقلال فنلندا في سنة 1917، لم تحصل أي دولة أخرى على مثل هذه المعاملة. ولكن الدول الأكبر كأوكرانيا وبيلاروسيا وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان قد أصبحت جمهوريات سوفيتية مستقلة تماماً. بينما أصبحت الدول الأصغر داخل حدود الجمهورية الروسية الاتحادية الاشتراكية والسوفيتية (ضمنها دول آسيا الوسطى) جمهوريات ومناطق قد تتمتع بالحكم الذاتي ومسؤولة عن الشؤون المحلية للحكم. كالتعليم والثقافة والزراعة وغيرها.
قد اتخذت بعض السياسات الهادفة إلى تعزيز التقدم الوطني والاقتصادي والثقافي لغير السكان الروسيين. وذلك بحيث منحت الأولوية للّغة المحلية، وشهدت المدارس التي تدرّس اللغة الأم زيادة كبيرة. فقد كانت تلك السياسات تسعى إلى تطوير الثقافات الوطنية. وأيضاً إلى توظيف أكبر قدر ممكن من المواطنين المحليين في الإدارة السوفيتية، ولكن تلك الحقبة لم تدم طويلاً.
الإمبريالية الستالينية ما قبل الثورة الروسية
وأصيب لينين بجلطة دماغية تسببت له في شلل يده اليمنى وساقه وأثرت ايضاً على قدرته على الكلام في مايو/أيار 1922، وهو العام الذي عيّن فيه خلفه جوزيف ستالين أميناً عاماً للحزب الشيوعي. فقد عانى لينين بعد ذلك من جلطتين بالإضافة إلى متاعب صحية، مع تهميش لينين بسبب مرضه ازدادت قوة ستالين.
فوصل الخلاف حول التحرر الوطني لذروته خلال هذه الفترة. فقد عارض لينين محاولة ستالين ضم الجمهوريات الخمس المستقلة في الاتحاد الروسي، ولكن ستالين مضى قُدماً في خططه. فكان لينين عاجزاً عن منعه حتى توفي عام 1924.
كان أقصى ما يمكن أن يفعله لينين هو إملاء ما قد أصبح يعرف بـ “وصيته”، بما فيه تأملاته الرائدة بالمسألة القومية الاستعمارية التي أملاها في نهاية ديسمبر/كانون الأول عام 1922. فهي تأملات تستحق القراءة وسنشير الآن إلى بعضها هنا.
بدءاً من حادثة قد أزعجت لينين بشدة (اعتداء جسدي من قبل مبعوث ستالين على رفيق من جورجيا الذي لم يوافق على الخطط التي تم فرضها عليهم). فقد لاحظ لينين أنه “في مثل هذه الظروف فإن “حرية الانفصال عن الاتحاد” التي نروجها إلى أنفسنا من خلالها ستكون فقط مجرد قصاصة ورق، وأيضاً لن يكون بمقدورها حتى الدفاع عن غير الروسيين في وجه هجوم ذلك الرجل الروسي حقاً، السوفيتي الروسي العظيم، والذي هو في جوهره وغد وطاغية”، وذلك وفق وصفه.
فيُصرّ لينين على ضرورة التمييز بين قومية الدول المُضطهدة وبين قومية الدول الممارسة للاضطهاد. وأضاف ايضاً “نحن مواطنو الدولة الكبرى، وطالما كنا ضالعين عبر التاريخ. و في عدد لا حصر له من حالات العنف، وعلاوة على ذلك. فإننا قد نرتكب أعمال عنف وإهانة لا حصر لها بدون أن نلاحظ ذلك حتى”.
فقد توفي لينين في يناير/كانون الثاني عام 1924، دون أن تتاح له الفرصة للدفاع عن هذه المبادئ داخل ذلك الحزب. وتم التكتم على جميع أفكاره من قبل ستالين الذي كانت سياساته نقيضاً للذي كان لينين يدعو إليه.
محاكمة مير سلطان غالييف
وحوكم القيادي في الحزب الشيوعي والسوفياتي الملقب ب مير سلطان غالييف محاكمة صورية. فكان أول من يواجه هذا المصير، وايضاً اعتقل فيما بعد وقتل رمياً بالرصاص. ففي ثلاثينيات القرن الماضي. وصف رافائيل ليمكين الذي قد قام بابتكار مصطلح “الإبادة الجماعية” سياسات ستالين والتي تضمنت القتل الجماعي للمثقفين والكهنة الأوكرانيين. والاستيلاء القسري على الحبوب من الفلاحين الأوكرانيين وذلك بالرغم من موت الملايين منهم جوعاً. فوصف ذلك ضمن ما قد سماه “الإبادة الجماعية السوفيتية”، وقال “ما رأيناه هنا لا يقتصر على أوكرانيا فقط. الخطة التي تم استخدامها من قبل السوفيات هناك كانت ولا تزال تتكرر حتى الآن”. وهذا ما قبل الثورة الروسية.
وكما يشير الكاتب تيموثي سنايدر خلال كتابه أرض الدماء: أوروبا بين هيتلر وستالين (Bloodlands: Europe Between Hitler and Stalin) إلى أنه قد استهدفت الدول الإسلامية الواقعة القوقاز وشبه جزيرة القرم بشكل خاص، خلال عامي 1943 و1944، فحيث تم اعتقال وطرد كل سكان قراتشاي – تشيركيسيا. وكالميك والشيشان والإنغوش والبلقار وتتار القرم وايضاً الأتراك. فتم إطلاق النار على كل الذين لم يتمكنوا من التحرك، وحُرقت قراهم بالكامل.
في الختام، نرجو أن تكون مقالتنا هذه ممتعة لك، وتعرّفت من خلالها على مرحلة ما قبل الثورة الروسة، وأبرز الأحداث في تلك الفترة، تابعنا وقم بالاطلاع على مقالاتنا المتنوعة بمختلف المجالات.