كانت فكرة تشابه شبكة العصبونات المتواجدة في العقل البشري مع الشبكة الكونية أمر يشبه ضرب الخيال. بل إن الفكرة بحد ذاتها كانت عبارة عن أفكار وهمية. حتى أن تشابه الكون مع العقل البشري لم يتجاوز التشابه في الشكل فقط، واستمر الأمر حتى هذه الدراسة.
فالخلايا العصبية المتواجدة في دماغ الإنسان بالإضافة إلى الشبكة الكونية للمجرات تعد من أكثر الأنظمة تعقيداً وصعوبة، لكن هل تتشابه هذه الأنظمة بأكثر من تشابهها شكلياً؟
المحتويات
فهل تشابه الكون مع العقل البشري أمر مثبت علمياً
قام المهتمون بعجائب الكون والماورائيات بتبادل الصور التي توضح التشابه الرهيب بين الخلايا العصبية والشبكة الكونية. حتى أن اعتقادهم تجاوز تشابه الكون مع العقل البشري. ليصل إلى إعطاء نظرية مفادها أن الكون عبارة عن عقل بشري عملاق.
لكن كان للجانب الآخر رأي مثير في هذا الموضوع أيضاً، فقد حاولوا إثبات أن الأمر لن يتجاوز كونه وهماً بصرياً. فلن يحتاج الأمر إلى أكثر من عرض صورتين توضحان التشابه بين الخلايا العصبية في العقل البشري مع الشبكة الكونية.
لكن الباحثون على الدوام سيمحون لهم رأي يطعن الشك في هذه القضية، فقد نشرت دراسة على مجلة فروتيرز إن فيديكس (Frontiers in Physics). وكان مفادها الإجابة على هذا السؤال المحير، والتي كانت نعم تم إثبات تشابه الكون مع العقل البشري.
إثبات تشابه الكون مع العقل البشري
فقد صرّح الباحثون القائمون على هذه الدراسة، أنه في هذه التجربة الجديدة تم تطبيق طرق من علم الكون وعلم الأعصاب. كما أنهم قاموا بتحليل الشبكة العصبونية للإجابة عن هذا السؤال المثير للجدل وذلك باستخدام الفيزياء الكمية للمرة الأولى.
سنقوم باستكشاف الخصائص المورفولوجية والهيكلية والشبكية بالإضافة إلى قدرة الذاكرة لهذين النظامين الشبكيين الرائعين بالاستعانة بالنهج الكمي.
وقد قام فرانكو فازا وهو عالم فيزياء فلكي يعمل في جامعة بولوينا (University of Bologna) التي تقع ضمن إيطاليا. بالمقارنة مع ألبرتو فيليني وهو جراح أعصاب ضمن جامعة فيرونا (University of Verona) المتواجدة في إيطاليا أيضاً بين الشكلين في الخلايا الشبكية لكل من العقل البشري والكون لتظهر أوجه تشابه صادمة.
فرغم الاختلاف الكبير في الحجم بين الخلية الشبكية العصبية للدماغ وبين شبكة المجرات الكونية، فإن التحليل الكمي لكليهما (هذا الأمر يقع على مفترق الطريق بين علم الكونيات وجراحة الأعصاب) يشير إلى أن العمليات الفيزيائية المختلفة تستطيع بناء هياكل يمكن أن تتميز بمستويات متشابهة من التعقيد والتنظيم الذاتي.
وقد أضاف الباحثان أنه من أجل أن تحصل على تحليل متجانس لكل من النظامين فإن العمل لا يأخذ في عين الاعتبار الاتصال العصبي الفعلي لكم تقريبه.
ورغم التقريب البسيط جداً فإن درجة تشابه الكون مع العقل البشري التي يكشفها التحليل تشير إلى أن النظام الذاتي لكل من النظامين الشبكيين المعقدين يمكن أن يتشكل ضمن مبادئ مشابهة لديناميات الشبكة. وذلك على الرغم من الاختلاف الكبير بين المقاييس والعمليات بشكل جذري.
أوجه التشابه غير المتوقعة:
إن الدماغ البشري يقوم بوظائفه بفضل الشبكة العصبية الواسعة والتي تحتوي تقريباً على 69 مليار خلية عصبية. بينما الكون المرئي تتكون شبكته من 100 مليار مجرة على الأقل، وضمن النظامين الشبكيين كتلة كل منهما تتكون من 30 % من المجرات وخلايا عصبية. ويتم ترتيب المجرات والعصبونات نفسها في خيوط طويلة أو عقد بين الخيوط.
أخيراً، ضمن كل من النظامين الشبكيين يتكون 70 % من توزع الكتلة أو الطاقة الكونية من مكونات يبدو أنها تقوم بلعب دور سلبي. فالماء في الدماغ كالطاقة المظلمة المتواجدة في الكون المرئي. ومن هذه النقاط المشتركة للنظامين قام الباحثان بالمقارنة بين شبكة المجرات وأقسام القشرة الدماغية بالإضافة للمخيخ.
وقد أوضح فرانكو فازا:
لقد قمنا بحساب الكثافة الطيفية لكل من النظامين، وهذه تقنية تستخدم في الغالب ضمن علم الكونيات لنقوم بدراسة التوزيع المكاني للمجرات. وقد أظهر التحليل الذي قمنا به بأن توزيع التذبذب بداخل الشبكة العصبية ضمن المخيخ . وذلك على مقياس ميكرومتر واحد إلى 0.1 مليمتر ويتبع هذا المقياس نفس توزيع المادة ضمن الشبكة الكونية. لكن طبعاً على نطاق أوسع بكثير بداية من 5ملايين إلى 500 مليون سنة ضوئية.
وقد قام العالمان بحساب بعض من المعالم التي تميز كل من النظامين الشبكيين، مثل عدد الاتصالات في كل عقدة عصبية بالإضافة إلى ميل تجميع عدة اتصالات ضمن العقد المركزية المتصلة داخل الشبكة.
ويقول ألبرتو فيليني :
لقد قمنا بتحديد المعالم الهيكلي لمستويات تشابه غير متوقعة، فمن المحتمل أن الاتصال ضمن الشبكتين يقوم بالتطور تبعاً لمبادئ فيزيائية متماثلة. على الرغم من الاختلافات الواضحة بين القوى الفيزيائية التي تقوم بتنظيم الخلايا العصبية والمجرات.
ووفقاً لما أفادت به فسلتي فإن كل من الخلية العصبية ضمن شبكة المخ والشبكة الكونية. أظهرا أوجه التشابه بين الخلايا المشتركة بي الشبكة الكونية وإحدى المجرات، أو الشبكة العصبية وضمن أحد الأجسام العصرونية.
فكما نرى أن هذه النتائج المشجعة الناتجة عن الدراسة التجريبية للعالمين. تقوم بحثنا على التأكد بأن التقنيات الجديدة المبنية على التحليل فعالة في كل من المجالين. سواء في علم الكونيات أو في جراحة الأعصاب، مما سيسمح لنا بأن نفهم الديناميكيات الناتجة عن التطور الزمني لهذين النظامين.
وهنا لا يسعني تذكر إلا قول علي بن أبي طالب عليه السلام:
دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُرُ أَتَزَعَّم أَنَّكَ جُرمٌ صَغير وَفيكَ اِنطَوى العالَمُ الأَكبَرُ
هذا القول الذي يشير إلى أن الكون بكامله يتمحور حول الإنسان ويؤكد صحة هذا الاكتشاف. كما أنه يساعد على شرح هذه الدراسة البحثية بشكل بسيط ومفهوم، فرغم اختلاف النسب بالتشابه إلا أن التشابه مؤكد بشكل تحليلي باستخدام تقنيات علمية وتحليلية أكاديمية… وفيك انطوى العالم الأكبر.
تابع ملهمون فلعلك تكون ملهمًا يومًا ما.