محبة أفلام الرعب | لماذا نحبّ أن نعذّب أنفسنا باستخدام الرعب؟

من منا لم يشاهد أفلاماً عديدةً ومتنوعةً في مواضيعها ولكن بعد مشاهدة عدّة منها نجد أنفسنا ميالين إلى نوع محدد من هذه الأفلام فلكل منا ذوقه الخاص الذي يدفعه إلى اختيار مشاهدة نوع من هذه الأفلام فتراه محباً لهذه النوعية من الأفلام شغوفاً بمتابعتها ويكره متابعة سواها. فمن يحب الأفلام الكوميدية أو الأفلام الرومانسية فإنه لا يجد أية متعة في مشاهدة أفلام الأكشن وأفلام الحركة والتشويق. وهذا الأمر منطقي وطبيعي. ولكن غير المنطقي وغير طبيعي عندما يكون الأمر متعلقاً بمحبة أفلام الرعب. فلماذا يا ترى؟ وما السر في كره أفلام الرعب من قبل البعض ومحبتها من البعض الآخر. هذا ما سنحاول شرحه وتوضيحه في مقالنا هذا.

تحليل شخصية من يتّصفون بمحبة أفلام الرعب

في الواقع عندما نتحدث عن محبة أفلام الرعب أو كرهها فإننا لا نقصد هنا عن نوع من الأذواق أو التفضيلات الخاصة. فالأمر لا يشبه التفضيلات الأخرى في الحياة كأن تفضل هذا النوع من الطعام على ذاك. بل الأمر مختلف بصورة كلية ذلك لأن تفضيل أفلام الرعب أو كرهها هو أمر له خلفية نفسية وأسباب عميقة من وجهة نظر علم النفس. وحتى نتمكن من فهم سبب كره البعض لأفلام الرعب لا بد لنا من أن نفهم أولاً سبب محبة بعضنا الآخر لهذه الأفلام. وإلى حدٍّ ما يمكن اعتبار حبّ أفلام الرّعب أمراً تربوياً ومكتسباً بنسبة معينة. ولكن يرجع السبب في ذلك إلى الخلفية التربوية والبنية الفكرية للمحبّ أو الكاره. حالها كحال غيرها أحياناً بحيث تنقسم آراء العائلة الواحدة لعددٍ يحبّ وعددٌ يكره هذه الأفلام.

محبة أفلام الرعب
شاب وفتاة يشاهدون فيلم رعب في السينما

أسباب حب الأفلام المرعبة

في الواقع قد تعددت أسباب تقبل أفلام الرعب عند البعض إلى حد كبير. فمنهم حرفياً يعشق هذا النوع من الأفلام وإن هؤلاء الأشخاص قد تعرضوا لتجارب حقيقية مع الرعب إلا أنها كانت ذات نتائج إيجابية وأمكن تصنيفها من قبل العلماء بتجارب مرعبة إيجابية تحت عنوان الرعب الممتع. أما عن حالة الرعب الممتع والتي نقصد فيها نوعية هذه التجارب. فما هي إلا تجارب مباغتة ترفع منسوب الخوف إلى حد مقبول جداً وطبيعي. بل في الواقع تزيد من إثارتهم وحماسهم. لذا فإن مفعول هذه التجارب يشكل تصورات مقبولة جداً لمفهوم أو ماهية الخوف. لذا فإن أولئك الأشخاص لا ينظرون لأفلام الرعب أو الأصوات المرعبة والفيديوهات المخيفة على أنها شيء مرعب وغير مقبول. على العكس تماماً هي تحفزهم وتعطيهم جرعة من النشاط والحيوية.

كما ويمكن تصنيفه شعوراً ممتعاً عند هذا النوع من الأشخاص. أما النوع الآخر من الأشخاص. فهم بعد دراسات مطولة لوحظ أن أغلبية الأشخاص التي لم تمر بتجربة الرعب الممتع إلا أنها تعشق هذا النوع من الأفلام فإن السبب وراء هذا العشق هو بحثهم عن تجربة اختبار المشاعر القوية. فإن هذا النوع من الأشخاص ميال إلى أفلام الرعب أكثر من غيرها وذلك يعود إلى طريقة وأسلوب تفسيرهم لردات فعل الجسم على تلك المشاهد المرعبة وعلي التوتر بشكل عام.

سايكولوجيا الرعب

في الواقع إن أي فيلم رعب يحتوي على مشاهد مرعبة والتي تعمل على بث الرعب والخوف في قلوب المشاهدين لهذه الأفلام. وبالتالي تبدأ نبضات القلب بالتسارع رُوَيْدًا رُوَيْدًا. ويتحول ضغط الدم بشكل رئيسي للمناطق المهمة في الجسم فنلاحظ احمرار الوجه وشعور بالحر. وبرود الأطراف.

ويكون التركيز في هذه المشاهد قد بلغ مستوياته القصوى. وفي الحقيقة تلك المشاعر هي بالضبط ما يبحث عنه أولئك الأشخاص. لأن الجسم يترجم كل تلك الظواهر إلى أنها تنبيهات لضرورة صرف الجسم للطاقة. وإن كل تلك المشاعر هي مشاعر ممتعة عند هذا الصنف من المشاهدين لأنها تترجم بشكل إيجابي وتبعث فيهم روح النشاط والحيوية.

وبالتالي فإن كل هذا التركيز سيتحول إلى تفاعل بيولوجي للجسم مع مشاعر الخوف والرعب. وبعد تحليل معمق في شخصية محبي أفلام الرعب لوحظ أن لديهم دائماً رغبة دفينة في اكتشاف كل ما هو جديد وغير روتيني. أي مختلف تماماً عن الأحداث والمواقف الطبيعية التي تمر في حياتهم بشكل يومي. وإن أولئك الأشخاص ميالون إلى الاهتمام ومحبة الشعور بالخطر أو اقتراب الخطر. بل الأغرب من ذلك أن هذا الشعور هو شعور مخبز جداً أو بالأحرى أمكننا القول حاجة ماسة تعتمد على مبدأ ضرورة تجربة النفس لتجارب ومواقف مختلفة وغريبة قد لا نصادفها في حياتنا الطبيعية. وبلغة أخرى هي طريقة جيدة للتخلص من الملل والشعور بالحماس والنشاط. وكما ذكرنا في السابق الشعور بالحيوية.

محبة أفلام الرعب
مشاهدة أفلام الرعب مع الأصدقاء

تحليل شخصية كاره أفلام الرعب

وكما كنا نتحدث في السابق فإن محبي وعشاق أفلام الرعب يبحثون عن الحيوية والمشاعر القوية والجياشة لا أكثر. وتنتهي قصة الفيلم مع انتهائه عند أولئك الأشخاص. إلا أن النوع الآخر من الأشخاص فهم على العكس تماماً. فإن الرعب سيلاحقهم حتى بعد انتهاء الفيلم ليتحول إلى كابوس وفوبيا تشغل بال وأفكار هؤلاء الأشخاص مع كل حركة أو موقف غير مألوف. فإن قصة الرعب لا تنتهي عندهم حتى يمر وقت لا بأس به وينسون تلك المشاهد التي كادت أن تسرق منهم أرواحهم خوفاً ورعباً. فكما تحدثنا سابقاً عن تجارب الرعب الممتع لدى محبي أفلام الرعب والتي قد شكلت لديهم مناعة أمام هذا النوع من الأفلام. إلا أنه في الجانب المقابل المظلم هناك أشخاص لم تنعكس نتائج التجربة عليهم بشكل إيجابي بل ذات الأمر سوء. فهم يترجمون تلك المشاعر المرعبة كمشاعر في قمة السلبية بل مشاعر مرعبة ومخيفة وبشعة وغير مرغوبة على الإطلاق.

وإن هذا الخوف الشديد يعود بشكل أكبر إلى موقف مخيف تعرض له هذا الشخص وأدى إلى ارتفاع منسوب الخوف لديه أكثر من الحد الطبيعي أو لضعف الشخصية وبالتالي تنقلب كل الموازين ليصبح الأمر نقمة على هذا الشخص. وإننا في الواقع نحمل المسؤولية الأكبر للأهل والأصدقاء. فكما هو شائع ومعروف أن الإنسان في مرحلة محددة من العمر يكون مهتما بالأمور المخيفة وقصص الرعب. وإنها مفيدة في الواقع إذا لم تتجاوز المعدلات المقبولة والمنطقية للخوف.

ولكن في حال تجاوز الحد الطبيعي مرة واحدة فقط. فإن التجربة سيتم تخزينها في الذاكرة الطويلة الأمد. لتقوم بإعادة تعريف أي شعور مخيف أو مرعب إلى شعور سلبي ومزعج وقد يكون مضرا.

تابع ملهمون لعلك تكون ملهما يوما ما
قد يعجبك ايضا