يعاني عدد كبير من الطلاب من ضياع وقتهم وعدم إنهاء دراستهم بالوقت المحدد. فيقعون في الحيرة والإحباط وتراهم يتخبطون في أفكارهم محاولين الخروج من هذا المأزق قبل فوات الأوان. ترى ما الذي أوصلهم إلى هذا الوضع؟ ولكن هناك طلبةٌ يكفيهم وقتهم ويزيد عن حاجة دراستهم. فتراهم متفوقين دراسياً ومواظبين على تنمية مواهبهم في أوقات فراغهم. فيا ترى أين الخطأ؟ هل يوم هؤلاء أطول من غيرهم؟ بالطبع لا فجميعنا نملك الوقت نفسه في اليوم أربعاً وعشرين ساعة. دون زيادة ولا نقصان فأين الخلل إذاً؟ في الواقع إن المشكلة والحل يكمنان في تنظيم وقت الدراسة وهذا هو موضوع مقالنا.
المحتويات
كيف أنظّم وقت دراستي
عندما نتحدث عن تنظيم وقت الدراسة فإننا نتحدث عن أهم ركائز التفوق والنجاح. ويعود ذلك إلى أن الدراسة هي محور حياة الطالب والشغل الشاغل له فتراه يكرس وقته وجهده من أجل التفوق الدراسي والوصول إلى مستقبله الذي ينشده. ولكن هناك خطوات لا بد من مراعاتها من أجل تنظيم وقت الدراسة والوصول إلى أفضل ما يتمناه. أهمها حسن استغلال الوقت بطريقة مثالية. فمثلاً ساعات الصباح الباكر مناسبة جداً للدراسة والحفظ والاستيعاب حيث يكون الذهن صافياً والجسم نشيطاً بعد فترة الراحة والاسترخاء أثناء النوم ليلاً.
كما تعتبر ساعات بعد الظهر ما بين الرابعة والسادسة من الأوقات الرائعة للدراسة حيث يزداد فيها إفراز هرمونات في الجسم تساعد على تنشيط الذاكرة وسرعة الحفظ وهذا ينطبق أيضاً على ساعات ما قبل النوم. إذاً الفكرة الأولى تكمن في اختيار أنسب الأوقات للدراسة وأكثرها جَدْوَى وفائدةً.
ولا ننسى ضرورة تقدير قيمة الوقت والابتعاد عن هدره دون فائدة. فتنظيم وقت الدراسة لا يعني أبداً أن تدرس بشكل مستمر دون انقطاع أو استراحة. بل على العكس تماماً. إذ إن تنظيم وقت دراستك يمنحك وقتاً إضافياً يمكنك أن تملأه بما تحب وتهوى من النشاطات. وإن هذه النشاطات في أوقات راحتك تحفّز عقلك على الفهم السريع. والتّعلم بشكلٍ أفضل وكل هذا لا يمكن الوصول إليه ما لم تنظم وقت دراستك.
أفكار لتنظيم الوقت
ثمة العديد من الأفكار الجيدة التي قد تساعد الإنسان على تنظيم وقت الدراسة وإليك أهمها:
ضع جدولاً زمنياً لدراستك
في الحقيقة فإن الجدول الزمني الذي يضعه الطالب يساعده في تحديد أولويات دراسته. وبالطبع فإن هناك الكثير من التطبيقات الإلكترونية التي تمكنك من ذلك ويجب أن يتضمن هذا الجدول أوقاتاً كافية للدّراسة. ويُفضّل اختيار الأوقات التي يكون فيها الجسم نشيطاً مما يجعل تركيزه عالياً. ويجب أن يراعي هذا الجدول الزمني تخصيص أوقات للاستراحة والقيام بالأنشطة الترفيهية والاجتماعية. ولا ننسى الأهم وهو تخصيص ساعات كافية للنوم تتراوح بين من سبعة إلى ثماني ساعات يومياً. ولا يجب علينا الاستخفاف بأهمية ساعات النوم أبداً. فهي ليست كما يعتقد البعض هدراً للوقت. بل إنها مهمة لكي يتمكن الدماغ من تخزين المعلومات في الذاكرة القريبة ليسهل استدعاؤها وقت الحاجة.
تحديد وكتابة المهام
تعتبر هذه الخطوة سابقة لوضع الجدول الزمني. حيث يتعين على الطالب أولاً تحديد المهام التي يرغب في إنجازها. كأن ينهي دراسة مقرر ما في غضون خمسة أيام مثلاً. وهذا التحديد يؤثر بشكل إيجابي على كفاءة الإنجاز. ويعتبر حافزاً داخلياً ورقيباً ذاتياً من الطالب على نفسه. إذ إن حصر المهام التي حددها في مدة محددة يدفعه إلى إنجازها في وقتها بعيداً عن التخبط وعدم التنظيم.
ممارسة التمرينات الرياضية
هناك حكمة تقول (العقل السليم في الجسم السليم) وبالطبع هذه المقولة لم تأت من فراغ. إذ إن ممارسة بعض التمرينات الرياضية غير المجهدة في أوقات الفراغ والاستراحات له أهمية لا تقل عن أهمية النوم الكافي بالنسبة لعمل العقل والذاكرة. حيث إن الرياضة تساعد على تصفية ذهن الإنسان وزيادة تركيزه أثناء الدراسة. ومن أفضل الرياضات أثناء فترات الدراسة. المشي السريع لمدة نصف ساعة يومياً أو الجري لمدة عشر دقائق يومياً
ضرورة تجنب الملهيات والنوم الكافي لتنظيم الوقت
وأقصد بالملهيات جميع الأمور التي تؤدي إلى تشتيت انتباه الدّارس. وتسبب ضياع وقته في أمور غير مفيدة مثل المكالمات الهاتفية. والفيس بوك والرسائل ومشاهدة اليوتيوب وأشياء وأمور أخرى تسبب هدرا وضياع وقت الدراسة دون جدوى. لذا أنصح بوضع الهاتف المحمول بعيداً عنك أثناء الدراسة. بالإضافة إلى ذلك الحصول على قسط كافٍ من النوم وأعني تحديداً النوم ليلاً لمدة لا تقل عن سبع أو ثماني ساعات يومياً. وتأتي أهميّة هذا النوم لَيْلاً من حاجة الجسم إليه لتجديد طاقته. وحاجة العقل إليه لتخزين المعلومات وأخذ قسطٍ من الراحة. لذلك يجب علينا عند وضع جدول زمني للدراسة تخصيص موعد محدد للنوم وأن تكون ساعات النوم كافية. ومن الجدير بالذكر أن قلة النوم تسبب قلة في التركيز وانخفاض معدل طاقة الإنسان العقلية والجسمية.
ولا ننسى ضرورة تقدير الإنجاز ومكافأة نفسك بالراحة كأن تقرر أنه إذا التزمت بالبرنامج الذي وضعته وأنجزت كافة المقررات التي خصصتها لنفسي اليوم سأذهب في نزهة. أو سأشاهد فيلماً مفضلاً لدي مثلاً. حيث إن تقدير الإنجاز ومكافأة النفس عليه يسهم بصورة تلقائية في زيادة اَلدِّفَاعِيَّة للدّراسة واسترخاء العقل مما ينعكس إيجابياً على زياداته التركيز والدّراسة بصورة أفضل عند العودة إليها. وهنا لا بد لنا من الانتباه إلى تجنب المبالغة في هذا الأمر حتى لا يصبح شكلاً من أشكال الفوضى وهدر الوقت مما يقف عائقاً أمام إنجاز المهام المحددة خلال اليوم.
أهم فوائد تنظيم وقت الدراسة
في الواقع إن هناك فوائد جمّة يمكن أن يجنيها الطالب نتيجة تنظيم وقت دراسته نذكر منها:
- التفوّق الدراسي: إذ إنه من الطبيعي والبديهي أن ينال الطالب الذي ينظم أوقات دراسته ويحسن استثمار وقته التفوق والتميز. ذلك أن تنظيم الوقت بصورة فعّالة والتزام الطالب به يساعده على إنجاز المطلوب منه بأريحية. فتراه صافي الذهن. أكثر تركيزاً على العمل الذي يؤديه. إضافة إلى تمكنه من القيام بعمله وإنجازه بإتقان.
- تجنب الحيرة والارتباك والتوتر: حيث إن تنظيم أوقات الدراسة يمنح الطالب شعوراً بالتوازن النفسي. ويمنحه سكينة وطمأنينة وهدوءاً في الأعصاب. فلا حاجة للتوتر والخوف ما دامت الأمور تسير وفق منهج محدد ومنظم.
- النجاح في تحقيق الأهداف: فتنظيم وقت الدراسة يمكن الطالب من النجاح في إنجاز مهامه المطلوبة وبالتالي تحقيق طموحاته وأهدافه.
- الشعور بالراحة النفسية والرضا عن النفس: ذلك أن الطالب الذي يستخدم وقته استخداماً منظماً. ينجح في تحقيق أهدافه وهذا بالطبع يشعره بالرضا عن الذات والراحة النفسية.
في الختام لا بد من التذكير بدور الأهل في تربية أبنائهم على أهمية الوقت وتقدير قيمته وعدم هدره فيما هو غير مفيد. لأن ذلك سوف ينعكس على تنظيم أمور حياتهم ويدعم تحصيلهم الدراسي.