أمير العلم ابن رشد أعظم علماء الفلسفة في العصر الإسلامي الذهبي

يعتبر أحد أعظم رموز الفلسفة في العصر الإسلامي الذهبي، ومصدراً أساسياً للفكر الأوروبي ما بعد الكلاسيكي، وكان يعرف في الغرب باسم المعلق، وعلى غرار العديد من الأطباء والعلماء العرب والمسلمين، كان متعدد المواهب؛ لأنه بحث المعرفة والخبرة والمساهمات الحقيقية في الفلسفة الإسلامية القانون (الفقه) والطب وعلم الفلك والرياضيات والفيزياء والجغرافيا، وقام بتأليف العديد من الكتب بمجالات متنوعة أنه الطبيب الفيلسوف القاضي أمير العلم ابن رشد.

رسم تخيلي لابن رشد
رسم تصويري للفيلسوف الطبيب أمير العلم ابن رشد

من هو أمير العلم ابن رشد

ولد أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد، عام 1126م في قرطبة، وتوفي في مراكش، عاصمة المغرب في 10 ديسمبر 1198م.

حياة أمير العلم ابن راشد

كان ابن رشد من سلالة العلماء المتميزين، المتفوقين في الدراسات القرآنية، وله تقليد طويل ومحترم في الخدمة القانونية والعامة، ويدعى ابن رشد أحيانًا بالحفيد، لأن جده الذي يحمل نفس الاسم كان قاضي قرطبة، كما كان والد ابن رشد، أبو القاسم أحمد قاضيًا أيضًا، بالإضافة إلى أن ابن رشد الجد هو مؤلف أطروحة شهيرة في الفقه المالكي، كتاب المقدد ديمة الممهدات.

كان ابن طفيل، الوزير الفلسفي للخليفة الموحد أبو يعقوب يوسف، هو الذي قَدم بابن رشد إلى البلاط، وفي عام 1169 م عين ابن رشد قاضيا في إشبيلية وفي عام 1171 م انتقل إلى قرطبة حيث شغل منصب القاضي لمدة عشر سنوات، ومن خلال ذلك الوقت، كتب التعليقات والتفسيرات على أعمال أرسطو وأفلاطون، وفي عام 1182م، تم استدعاؤه إلى مراكش للعمل كطبيب شخصي للخليفة هناك، لكنه سرعان ما نُقل مرة أخرى إلى قرطبة بصفة رئيس القضاة.

لم يكن ابن رشد يحظى بقبول الخليفة بسبب المعارضة التي أثارها علماء الدين ضد كتاباته، واتهم بالهرطقة، وتم استجوابه وتم نفيه في لوسينا، على بعد 60 كم جنوب شرق قرطبة، وفي نفس العام 1195 م، أمر الخليفة بحرق كتب ابن رشد، باستثناء مؤلفاته في الطب والحساب وعلم الفلك الأولي، وفي وقت لاحق ألغى الخليفة النفي ودعا ابن رشد للعودة إلى مراكش، لك وفقًا لإحدى الروايات، فإن وفاته حدثت أثناء احتجازه في منزل بمراكش عام 1198.

ابن رشد في بلاط الخلافة
ابن رشد في بلاط الخلافة يناقش الخليفة أبو يعقوب يوسف.

أعمال أمير العلم ابن رشد

أحب ابن رشد الكتب، يقال أنه لم يفوته القراءة أو الكتابة إلا يوم زواجه ويوم وفاة والده، لذلك ليس من المستغرب أنه كان مؤلفًا غزير الإنتاج وموسوعيًا، وقد انتشرت كتابات ابن رشد في أكثر من 20 ألف صفحة، أشهرها في الفلسفة والطب والمنطق والفقه، كتب 20 كتابا في الطب. يشمل عمله:

  1.  العموميات، أي الطب العام.
  2. الكشف عن مناهج العدل في عقيد الميلاء.
  3. الدروري في أصل الفقه: خلاصة مصطفى الغزالي.
  4. شرح كتاب لقانون في الطب لابن سينا​​(980-1037).
  5. كتاب الجدل: التعليق الأوسط على مواضيع أرسطور .
  6. فصل المعقل في ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال.
  7. بدايات المجتهد ونهاية المقطع: كتاب مدرسي للعقيدة المالكية في إطار مقارن.
  8. تحفوت في تحفوت : كُتب بأسلوب حوار ضد ادعاءات الغزالي في تحفوت الفلاسفة (تهافت الفلاسفة).
  9. البيان والتأهيل، والشر، والتوجيه في مسائل المستخرجة : شرح طويل ومفصل على أساس مستخرجة محمد العتبي، والقرطبي .
اقرأ أيضا: الفلسفة الحديثة

 الفيلسوف ابن راشد

كان ابن رشد معجبًا جدًا بأرسطو واعتبره عملاقًا وصل إلى الحقيقة، ولقد اعتبر أرسطو يجسد أعلى تطور للعقل البشري، ويقال أن ابن رشد فهم وفسر وناقش تحليلياً فلسفة أرسطو أكثر من أي من أسلافه أو معاصريه، كما أكد ابن رشد أن أعمق الحقائق يجب أن يتم تناولها عن طريق التحليل العقلاني وأن الفلسفة يمكن أن تؤدي إلى الحقيقة النهائية، قبل الوحي وحاول التوفيق بين الدين والفلسفة دون دمجها أو القضاء على اختلافاتهما، كما كان يعتقد أن القرآن يحتوي على الحقيقة الأسمى مع التأكيد على أن كلماته لا ينبغي أن تؤخذ حرفيًا، وجادل بأن الفلسفة تؤكد ولا تتعارض مع الوحي، بينما أكد أن الفلسفة ليست أكثر من البحث المنهجي في ظاهرة الخلق، وكشف حكمة الله وقدرته، ومن ثم، فإن الوحي يملي دراسة الفلسفة.

في العالم الإسلامي، اشتهر ابن رشد قبل كل شيء بتحفته في تحفوت (تهافت التماسك) ومبادى الفلاسفة (مبادئ الفلسفة)، في تحفوت في تحفوت، كذلك هاجم ابن رشد بمرارة كتاب الغزالي تحفوت الفلاسفة، وهو عمل سعى فيه عالم اللاهوت الغزالي من القرن الثاني عشر إلى تقوية التقوى من خلال مهاجمته للفلاسفة، لكن ابن رشد ناقش، نقطة بنقطة الأخطاء المزعومة في آراء الغزالي ومنهجيته، وأكد أن الدليل الذي قدمه هجوم الغزالي على الفلاسفة ينشأ عندما تم إخراج مكونات فلسفية منعزلة من سياقها، ويبدو أنها تتعارض مع الباقي.

 الطبيب ابن رشد

تمت دراسة الأعمال الفلسفية والدينية والقانونية لابن رشد بشكل أكثر شمولاً من كتبه الطبية، وكان من بين أساتذته في الطب علي أبو جعفر بن هارون التراجاني وأبو مروان بن جريول أو هزبول بحسب الصفدي، كما كانت مساهمته المهمة في الطب هي كتاب العموميات في الطب، والتي تمت كتابتها بين عامي 1153 و 1169، وتُرجمت إلى العبرية واللاتينية بعد 90 عامًا وتم تدريسها في أوروبا حتى القرن الثامن عشر، وكانت ملخص للعلوم الطبية في ذلك الوقت وتنقسم إلى سبعة كتب:

  1. الصحة.
  2. الأعراض.
  3. شفاء العمر.
  4. حفظ الصحة.
  5. المراد (المرض).
  6. العدوية والغذائية.
  7. تشريح العداد (تشريح القران).

وتجلت إهتمامات ابن رشد الطبية في عدة مجالات وهي:

علم التشريح

كان ابن رشد مهتما جدا بالتشريح، وقال:

        “أن ممارسة التشريح تقوي الإيمان “

بسبب نظرته إلى الجسد البشري باعتباره عملًا رائعا الَله في خليقته.

علم الأعصاب

اقترح ابن رشد وجود مرض باركنسون وعزا خصائص مستقبلات الضوء إلى شبكية العين.

وقد تم تناول آراء ابن رشد حول حساسية الشبكية ووظائف العين في العديد من المنشورات.

السكتات الدماغية

استكمل عمل ابن رشد على السكتة الدماغية عمل الرازي وابن سينا ​​في استبدال النموذج البسيط إلى حد ما بتصنيفات أكثر تفصيلاً، والتي اقترحت أصول دماغية و وعائية للمرض بدون مما يشير إلى المسببات الدماغية.

جراحة المسالك البولية

حدد مشاكل الضعف الجنسي والانتصاب، وكان من بين أول من وصف الأدوية لعلاج هذه المشاكل، كما استخدم العديد من طرق العلاج لهذه المشكلة، بما في ذلك طريقة الدواء الواحد حيث يتم وصف الدواء المختبَر، و”طريقة الجمع بين دواء أو طعام” وقد كانت معظم هذه الأدوية عن طريق الفم، على الرغم من أن قلة من المرضى عولجوا أيضًا من خلال وسائل موضعية أو عبر الإحليل.

العلاج والأدوية

قام ابن رشد بفحص طبيعة وجودة واستخدام الترياق كترياق للسموم أو السموم وكعلاج للأمراض.

وقد ذكر أنه إذا كان العلاج الكهربائي مفيدا للمريض وللطبيب.

فقد يكون خطيرًا كدواء منتظم ومتكرر للمرض لأنه يمكن أن يغير الطبيعة البشرية ويجعلها شبيهة بالسموم.

إرث أمير العلم ابن رشد

يعد ابن رشد الجسر الذي وصل بين فلسفة الشرق والغرب، ويعتبره الغرب اول من زرع بذور الحضارة الغربية، عن طريق تعليقاته على لفلاسفة القدماء.

وما زالت شهرة ابن راشد حتى يومنا هذا، ويوجد جامعات ومدارس باسمه وإلى الآن تتدرس أفكاره الفلسفية في المدارس.

ومن أشهر أقوال ابن رشد:

“الله لا يمكن أن يعطينا عقولاً

ويعطينا شرائع مخالفة لها”

إرث ابن رشد
تمثال أمير العلم ابن رشد في قرطبة

 

وفي الختام، لا يمكننا أن نحصي أفكار وإنجازات ابن رشد في هذا المقال المتواضع لكن نتمنى أن تكونوا قد استفدتم وتعرفتم على الطبيب الفيلسوف أمير العلم ابن رشد .

 

تابع ملهمون لعلك تكون ملهما يوما ما

 

قد يعجبك ايضا