تعلّم الكتابة العروضية وبحور الشعر

العروض علم الشعر و الفن. فكيف تستطيع أن تتعامل مع العلم إلى درجة الإتقان؟، و ما هي السبل التي يمكنك العمل بها للوصول إلى غايتك و هدفك من هذا العلم؟.
لنقلْ أنّك تمتلك موهبة الشعر التي تسمى (الملكة الأدبية) و لكن تحتاج أن تنمي هذه الموهبة و تعمل على تطويرها فأيّ مجالٍ تصل فيه إلى مرحلة الإتقان و الإبداع يتكون من نسبة ضئيلة من الموهبة و تكتمل بالعلم و التدريب. إذن فإنّ الموهبة وحدها لا تكفي لتصل إلى الإبداع الشعري. فالشيء بالشيء يذكر، فلعلّي من هذا المقام أؤكد على أهمية العلم و أنّ الموهبة وحدها لا تكفي فالعلم هو ما جعل الشعر يدخل في باب النقد و التحليل،ليصبح له علوم قائمة بذاتها.و من بواكير النقد و التذوق الفني للشعر تجلّى في العصر الجاهلي في سوق عكاظ.
و علم العروض و موسيقى الشعر هو العلم الوحيد الذي أحدثه الخليل بن احمد الفراهيدي مكتملاً أحدثه بناء على أقوال الشعراء متلمساً الموسيقى التي تصدر عنه من خلال تكرار التفعيلات في قصيدة واحدة مع التأكيد على أهمية القافية و دورها في الموسيقى.

فما هو مفهوم علم العروض وما هي نشأته

مفهوم علم العروض

فالعروض هو علم وزن الشعر يعرف به صحيح الشعر من فاسده؛لأن الشعر يعرض عليه،فيعرف به.كما أن العروض هي التفعيلة الأخيرة من الشطر الأول في البيت الشعري.

نشأته

عرف العرب القدماء أوزان الشعر العربي دون أن يسموها بأوزان وبحر شعري حتى جاء علم العروض الذي نشأ على يد الخليل بن أحمد الفراهيدي وهو أحمد عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو. الفراهيدي من علماء النحو في القرن الثاني للهجرة ومن علماء النحو في القرن الثاني للهجرة وأذكى وأعلم شخص في ذلك الوقت.فقد ولد الفراهيدي بالبصرة سنة 100 هـ وتوفي سنة 170 هـ. يعود الفضل إليه في ولادة علم عرض الشعر، حيث قسمه إلى خمس دوائر رئيسية واستخرج منها خمسة عشر بحراً. و قد أضاف الأخفش بحراً آخر سمّاه المتدارك؛وسمي بهذا الاسم لأنّه تداركه عن الخليل.كما أنّ نشأة هذا العلم فقد وردت فيه عدة روايات منها:
1- قصة تعتمد على التسلم تقول إنه عاد من الحج فنزل في العروض بين (مكة)و(المدينة)،فدعا ربّه سبحانه وتعالى أن يلهمه علماًي لم يكتشفه أحد غيره،فأُلهم علم العروض.
2-أنه كان يسير في سوق الصفارين(النحاسين) فيستمع إلى صوت مطارقهم،ويحولها إلى نغمات موسيقية على مبدأ الحركات و السكنات،ومن خلال ذلك وضع العلم.
3-أنّه كان يذهب إلى بئر عميقة،و يصيح فيها،أو ينشد بيتاً من الشعر،فيرتدّ الصدى من تلك البئر،فوضع من ذلك علم العروض.

مصطلحات علم العروض

قبل كل شيء فإني سأعرض لكم مصطلحات هذا العلم و منها:

1-البحر: وزن محدد يتألف من عدد من التفعيلات متساوية في كل شطر.
2-البيت: ما تألف من شطرين متساويين في عدد التفعيلات،وانتهى بحرف تكون عليه القصيدة كاملة و تعرف به.
3- الشطر: يتألف البيت الشعري من شطرين:
-أولهما يسمى (صدر البيت) أو (المصراع الأول) من البيت.
-و ثانيهما يسمى (عجز البيت) أو (المصراع الثاني) من البيت.
4-العروض: هي التفعيلة الأخيرة من الشطر الأول في البيت.
5-الضرب: هو التفعيلة الأخيرة من عحز البيت.
6-الحشو: هو سائر التفعيلات في البيت،من دون العروض و الضرب.
7-القافية: لها تعريفان:
أحدهما: تعريف الخليل،أنهما آخر ساكن في البيت إلى أول ساكن يسبقه مع المتحرك الذي قبله،ومعنى ذلك أن القافية تختلف من بيت إلى آخر،ومن بحر إلى آخر.
و الآخر: تعريف الأخفش ،أنها التفعيلة الأخيرة من الشطر الأخير(الضرب).
8-الروي: هو الحرف الصحيح الأخير في آخر البيت،ويكون أصلياً في الكلمة إذ تبنى عليه القصيدة و تسمى باسمه.

مبادئ و قواعد الكتابة العروضية

عموما فإن الأساس في الكتابة العروضية هي اللفظ،وعليه يكون الاعتماد بالدرجة الأولى فكلّ حرف يلفظ يثبت في الكتابة العروضية و كل حرف لا يلفظ يسقط.
تتلخص القواعد في النقاط الآتية:
1- نرمز للحرف المتحرك بحركة (/) ،وللحرف الساكن بسكون (٥).
2- كذلك نقف على الحرف الساكن في الكتابة العروضية؛و نهمل قواعد الإملاء.
3-الحرف المشدد يمثل حرفين: أولهما ساكن،والثاني متحرك،نحو: ردّ، تكتب: ردْدَ.
4-حرف المد يمثل حرفين:أولهما متحرك،والثاني ساكن،نحو:آمنت، تكتب اامنت.
5-التنوين يقلب نوناً أيّاً كان نوعه،نحو:رجلٌ،تكتب: رجلن.
6-كل حرف ينطق يثبت في الكتابة العروضية و إن لم يكن في الكتابة،نحو: هذا،تكتب:هاذا، ونحو:هكذا الحب،تكتب:ها كذل حب بو.
7-اللام الشمسية تسقط في الكتابة العروضية،وينوب عنها تشديد الحرف الذي يليها،مثل:الشمس،تكتب:أش شم سو.
8-نشبع الحرف الأخير من كل شطر،(العروض والضرب)،بحيث نقف على ساكن،فالإشباع هو بجعل حركة الحرف حرفاً قائماً بذاته على حسب الحركة
فإذا كانت (بَ) تصبح (با)،و إذا كانت (بُ) تصبح(بو)،وإذا كانت (بِ)تصبح (بي).
9-هاء الغائب تشبع في الحشو إذا لم يأت بعدها حرف ساكن،نحو:له،تكتب:لهو.
10-الميم المضمومة تشبع في الحشو إذا جاءت بين متحركين،مثل:فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا،يكون تقطيعها:فإن همو ذهبت.
11- حروف العلة دائماً ساكنة إلّا ما تحرك منها ضرورة أو إعراباً.

تطبيق القواعد العروضية في الشعر

بناءً على ما تقدّم من القواعد فإنّ الميدان الأساسي للوصول إلى مرحلة الإتقان هو الممارسة و الدربة على هذا العلم لذلك سأعرض عليكم الطريقة العملية في استخدام هذا العلم من خلال عرض بعض الأبيات الشعرية.
قال المتنبي:الخيل و الليل و البيداء تعرفني
والسيف والرمح و القرطاس و القلم
في الخطوة الأولى وقبل البدء في التقطيع من الضروري قراءة البيت بشكل سليم خالٍ من الأخطاء،و في الخطوة الثانية يجب الاعتماد على اللفظ الحروف التي كتبت لكنها لم تلفظ فلا أكتبها عروضياً.
و من ثم أراعي قواعد التقطيع التي تم عرضها.
أحرف العلة ساكنة دائماً أقف عندها و اللام الشمسية تسقط عروضيا مع تشديد الحرف الذي يليها،و اللام القمرية هي اللام الساكنة،بالإضافة إلى ذلك في حال اجتمع لديّ ساكنان فإني أسقط الحرفين عروضيّاً.
همزة الوصل إذا جاءت في أول الكلام تثبت في الكتابة العروضية أما في درج الكلام تسقط.

تقطيع البيت

ال خي لول لي لول بي دا ءتع رفني
/٥ /٥  //٥  /٥  //٥  /٥ /٥ //٥ ///٥
وس سي فور رم حول قر طا سول قلمو
/٥    /٥   //٥ /٥  //٥  /٥ /٥   //٥  ///٥
بناءً على ما تقدم فإنّي اعتمدت في النقطة الأولى على أن أقف عن الحرف الساكن.
قال الشاعر امرؤ القيس:
أغرّك مني أنّ حبّك قاتلي**و أنّك مهما تأمري القلب يفعلِ
أغر ر كمن ني أن نحب ب كقا تلي
//٥ / //٥  /٥  /٥ //٥   /   //٥ //٥
و أن ن كمه ما تأ مرل قل بيف علي
//٥  /  //٥ /٥/٥ //٥  /٥  //٥   //٥

و في الختام و لا سيما في باب الحديث عن العروض يمكني أن ألخص القول بأن الأوزان الشعرية ما هي إلا جانب جمالي و زينة للشعر العامودي تمنح الشعر موسيقا تتخلل خلال قولها و هي ما تجعل المستمع يجد حلاوتها في سماعها
من خلال تركيب التفعيلات و هو تركيب يجعلها تصدر موسيقى في الجمل.
كما أنه يمكنك أن تجد هذه الزينة بمجرد أنك تقرأ الكثير من الشعر،و هذا ما يجعلك شاعرٌ تزن شعورك خلال البحور فينساب المعنى خلالها و هذا ما جعل الشعر إلي يومنا مجالا يحبه الملوك و الشيوخ لما فيه من جوانب جمالية كثيرة.

تابع ملهمون لعلك تكون ملهما يوما ما
قد يعجبك ايضا