نظرية علم الجمال

الجمال فطرةٌ إلهيةٌ.فكيف كان يحدد الإنسان الجمال في بداية العصور؟،وما هو مقياس الجمال لديه؟.
و إن قلنا أنّنا بفطرتنا نحدد الجمال و نتذوقه و نستمتع بالنظر إليه لأنّ في الإنسان غريزة لا تنفصل عنه تبقى بحاجة ماسّة إلى الجمال.إلّا أنّ الجمال لم يكن بمفهومه السائد في عصرنا عند بداية الإنسان،و كان ذوقه الجماليّ لا يتعدّ حاجته البسيطة للأشياء.
إذن فالجمال:هو قيمة ترتبط بغريزة الإنسان و عاطفته
و بالشعور الإيجابي،و الجمال ليس له وحدة قياس محددة عند شخص محدد فإنّما كل شخص يراه بمقياس مختلف.
إذن فالجمال قيمة روحية و يبقى الإنسان دائماً بحاجة ماسّة لها،ممّا تجعله يعبّر إمّا عن حاجته لها أو عن إحساسه بقيمتها و التمتع بالنظر إليها.و هذا ما دفع الإنسان إلى الغوص في هذا المجال ليكن الجمال علماً يبحث في أصله،لعلّ هذا من أهم الأسباب التي جعلت هذا العلم يدخل في ميدان التطور.

نشأة علم الجمال

يعود ظهور مفهوم الجماليات إلى ألكسندر بومغارتن عام 1735 م بالإضافة إلى ظهور كتب متخصصة حوله. كان ذلك خلال القرن الثامن عشر عندما قام عدد من الكتاب مثل “أنتوني أشلي كوبر، إيرل شافتسبري الثالث وجان بابتيست” بتأليف كلا الكتابين “فرانسيس هتشسون” و “دي بوس”، اللذين قدّما أول تحقيقات منهجية في علم الجمال.
و في القرن الثامن عشر ظهرت الكثير من التساؤلات حول مفهوم الجمال والذوق وطرق التعبير عنه بالعبقرية. وعلى الرغم من ذلك، اقتنعت الإجابات بمناقشة تاريخ الجماليات في ذلك القرن بالإشارة إلى قرون عديدة قبل ذلك، وهي حقبة اليونان القديمة حيث تم التعبير عن الجمال من خلال الرسم والموسيقى والشعر. أثر هذا على الجماليات في وقت لاحق.

مفاهيم علم الجمال عند الفلاسفة

فقد أكملت الجماليات أطروحاتها نتيجة جهود الفلاسفة لتأسيس إطار عام ومعايير محددة من أجل الحكم على ما هو جميل أو قبيح. يُنسب هذا العلم في المقام الأول إلى اليونان. حيث ظهر لأول مرة من أجل التحقيق في طبيعة الأشياء وتتبعها من خلال الحواس. اتفق معظم الفلاسفة على أن الجمال هو تناظر الجسيمات. حيث يعد التوافق من أبرز سمات الجمال.
بينما من ناحية أخرى، كانت هناك بعض الأطروحات حول الجمال الجسدي الصارخ حيث كانت اللذة والشهوة مثالاً للجمال المطلق. ويتجسد هذا أيضًا في بعض المنحوتات والنماذج القديمة للدلالة على الجمال وقوته. بالطبع، نجد أن القاسم المشترك لمفهوم الجمال بين مختلف الفلاسفة هو التأثير الجميل الذي يشع الجمال في الروح، وكذلك على المستوى الأخلاقي.

علم الجمال عند سقراط

كان سقراط من أنصار الجمال الأخلاقي وأشار إلى أهميته في رفع مستوى الأخلاق والسلوك البشري. لقد رأى الجمال الحقيقي على أنه ما سيكون في مصلحة الإنسان بشكل فردي. وكذلك على المستوى الجماعي. وانتقد العقيدة الحسية التي وجدت أن الانبهار بالشهوانية هو نوع من الانحلال الأخلاقي الذي ينتقص من قيمة الروح والعقل ويذكي الرغبات. هكذا اعترف سقراط بأن مصدر الجمال هو الذات البشرية العقلانية، والضمير البشري الواعي، المتوهج بالجمال الروحي.

علم الجمال عند افلاطون

يعتبر أفلاطون من أبرز الفلاسفة الذين كتبوا عن علم الجمال وعلم الجمال في العصور القديمة. ركزت أطروحة أفلاطون على الحب والعشق وأهميته العاطفية. من وجهة النظر هذه، يرى أفلاطون أن الحب الإلهي الخالي من أي رغبات هو أعلى شكل من أشكال الجمال. نظرا لنقاوتها وجودتها العالية. بالإضافة إلى ذلك، اعتبر أفلاطون الفنون وسيلة جمالية يمكن للفرد من خلالها أن يجسد صورًا للجمال العاطفي.وعلى الرغم من أن تأملاته خلصت إلى أن الفنون قد اكتسبت بعدًا جماليًا نتيجة لتقليدها وأن قيمة الجمال عند أفلاطون قد تم ذكرها في مكانة رفيعة بالنسبة له حيث اعتبرها واحدة من المثل العليا المجردة التي ترفع الذوق البشري وتنقي حواسه، ويروض نفسه على ميله إلى كل ما هو جميل وحلو. وأشار إلى وجهة النظر هذه في كثير من الأماكن، لا سيما في آرائه حول الإبداع الموسيقي ودوره في تنقية الروح ورفعها فوق الملذات الحسية.

علم الجمال عند العرب المسلمين

لقد كان الإسلام في البداية دينًا ومعتقدًا.و مع مرور الوقت، أصبحت ثقافة مستقلة ومزدهرة، لكنها لا تزال تستمد روحها من الدين الإسلامي. مع ازدهار الثقافة الإسلامية في مختلف المجالات وبناء حضارة عظيمة، ساهم الفلاسفة المسلمون في جماليات وظهرت تفسيرات لكتب القدماء في هذا الصدد بمراجعتها لتتناسب مع تعاليم الإسلام وحذف أو إضافة ما كان. الحالي.وقد تجلت الجماليات فيما عُرف بالفنون الإسلامية التي تجسدت في الحرف اليدوية الخشبية والنحاسية التي كانت تسمى فن الأرابيسك والخط العربي الذي نقشت فيه آيات قرآنية على جدران المساجد. إضافة إلى ذلك ظهرت مدرسة للعمارة الإسلامية تميزت بخصائص خاصة تحمل روحاً فريدة. استبعدت الفنون الإسلامية المنحوتات والتماثيل التي تصور المخلوقات لأسباب أيديولوجية واستبدلت بها بتقليد الطبيعة.

تطوّر مفهوم الجمال خلال العصور

لقد كان بداية مفهوم الجمال عند الإنسان يقاس بناءً على ضوء حاجته،مثلا كان الإنسان ينظر إلى الغرفة المربعة بأنّها جميلة فقط لأنّها توفّر له السكن،و بدأ مفهوم الجمال يتطوّر إلى أن أصبح الإنسان يتذوّق الجمال بناءً على إحساسه و تمتّعه به،إلى أن أصبح الجمال علماً و فناً ممّا جعل الكثير من الفلاسفة يربطون الجمال بالفن.

علاقة الجمال بالفن

فالفن هو أحد الطرق التي يتحكم بها الجمال ويظهر من خلاله، لكن الفن ليس جمالًا لأن الفن قد يكون موجودًا والجمال غير موجود بداخله. بسبب طبيعته، قد يكون العمل الفني قبيحًا أو لأن الفنان تغلب على الجانب الفني. لم يكن يهتم بالجمال.و قد خلط الكثير من الكتاب بينهما فالكثير من الكتب تحمل كلمة “جمال” كعنوان، لكن الكلمة عادة ما تستخدم فيها للحديث عن الفن، وكأنه جمال.و قد حاول جون ديوي شرح العلاقة بين الفن والجمال بقوله: إذا بحثنا عن الرابط بين الفن والجمال نجد: أن الفن يشير إلى العمل المنتج وأن الجمال يشير إلى الوعي والمتعة. ومع ذلك، يُشار أحيانًا إلى فصل الظاهرة الفنية من حيث الإبداع حول الظاهرة الجمالية من حيث التذوق والاستمتاع بحيث لا يكون الفن شيئًا مفروضًا على المادية.

و في الختام فإنّ الجمال و رغبة الإنسان وحاجته له يدفعه إلى البحث عنه. فضلاً على أن مقياس الجمال يختلف من شخص لآخر. و قد يربط الإنسان الجمال في جمال شكله و هيئته ممّا يدفعه للمحافظة عليه من عوادي الزمان و التبدّل. و قد يكون الجمال بمقياسهم هو الجمال الأخلاقي و الروحي إلي أن وصل مفهوم الجمال في إحساس الإنسان بمتعة الفن و الأدب.

تابع ملهمون لعلك تكون ملهما يوما ما
قد يعجبك ايضا