كتّاب ورحالة وتجار وسفراء روس كتبوا آرائهم عن الأدب الإسلامي من شدة إعجابهم به

من أهم ما يميز إبداع وذكاء بوشكين المأخوذ من الأدب الإسلامي هو قصيدة تأملات القرآن (1824). فكانت الفلسفة والجوانب الأخلاقية في القرآن تثير الاهتمام بشكل خاص جدا لبوشكين واعتبرت من أهم ماجاء في الأدب الإسلامي، والذي قال في ذات مرة إن “العديد من المبادئ الأخلاقية معروضة في القرآن بأسلوب شاعري ومقنع للغاية”.

الأدب الإسلامي والأدب العربي

فمنذ زمن طويل، لعب كل من الأدب العربي والآداب الإسلامية المكتوبة بلغات آسيوية أخرى وعديدة دورا كبيرا وفي غاية الأهمية في تعارف الثقافات العربية الإسلامية والروسية الأرثوذكسية، فقد ألهمت الحضارة الإسلامية الكثير من الشعراء والروائيين الروس، فسجل الشاعر الروسي إيفان بونين (1870-1953)- الذي كان هو أول أديب روسي قد حصل على نوبل للآداب  في عام 1933- حيث كانت جولته في مصر وسوريا وفلسطين في مطلع القرن العشرين، حيث كتب قصائد “ليلة القدر” و “الهجرة” و “امرؤ القيس” و “القافل” و “أحفاد الرسول” وغيرها من القصائد.
حيث نشر موقع صحيفة “نيو ستريتس تايمز”(New Straits Times) السنغافوري  الأصل مقالا للمؤرخ والمستشرق والمترجم الروسي المدعو ب الدكتور فيكتور بوغاداييف عن علاقة الروس بالإسلام وتأثرهم  به، وخاصة مشاهير الرحالة والتجار والسفراء والكتاب.

الأدب الإسلامي

رحلات التجار

كما قال بوغاداييف، المختص بتاريخ وثقافة جنوب شرق آسيا، إنه في النصف الثاني من القرن الخامس عشر بعد الميلاد  بدأ التجار والرحالة وسفراء روسيا بنشر انطباعاتهم الأولى عن الإسلام. وربما قد  كان التاجر أفاناسي نيكيتين هو  أول روسي قام بزيارة  الهند (قبل حوالي  30 عاما من دخول المستكشف البرتغالي المدعو بفاسكو دي غاما) وبلاد فارس وإثيوبيا والجزيرة العربية في القرن الخامس عشر بعد الميلاد  وصور كتابه المسمى ب “المغامرات عبر البحار الثلاثة” حياة  بعض المسلمين وهو يتساءل عما إذا قد كان يجب على المسيحيين أن يقيموا  الديانات الأخرى الباقية.
كما كتب نيكيتين كيف كان خان (أمير) جبار في الهند يحاول أن  يقنعه  باعتناق الإسلام، ووعده بجائزة قدرها ألف قطعة نقدية ذهبية، فكيف صام مع المسلمين بالرغم بكونه قلقا دائما خشية من التعارض مع دينه.
وكما وصف التاجر الآخر  المدعو فيدوت كوتوف في كتابه “مغامرات في بلاد فارس”(1623) بالتفصيل الممل بعض الاحتفالات الإسلامية، ولكنه لم يسعى أبدا لتعظيم ولتمجيد الإسلام عبر كتابه.

الشعراء الروس وتأثرهم بالأدب الإسلامي

كما أن أول من تكلم  عن الإسلام باحترام كبير قد كان الشاعر غافريلا ديرزافين (1743-1816)، الذي أمضى طفولته في المنطقة الإسلامية بمدينة تدعى كازان في جمهورية تتارستان الروسية. وينعكس هذا  الحنين في سطر قصيدته حتى الدخان حلو ولطيف عندما يكون دخان الوطن
أيضاً قد تطرق أدباء آخرون إلى عناصر التشابه بين كل من المسيحيين والمسلمين، فمن أبرز تلك الأعمال رواية “آيات عش الحمام” للشاعر والمسرحي الروسي الكلاسيكي  المدعو ببافل كتينين (1792-1853)، حيث إنه أشاد بولادة الإسلام وذكر أيضا أن انتشار الدين بين كل  العرب كان مفيدا للناس.
وكما أظهر الشاعر الدبلوماسي الروسي المدعو  ألكسندر غريبويدوف (1795-1829)، والأمير الشاعر المدعو بيتر فيازيمسكيي (1792-1878)، وأيضا الشاعر يوجين مورافييف (1794-1866)؛ اهتماما وتأثرا كبيرا بالإسلام.
كما قد قامت الثقافة الإسلامية بإلهام الشاعر الكبير المدعو بألكسندر بوشكين (من 1799 إلى 1837) الذي قال في أحد المرات  ضمن إحدى قصائده “يفرحني جمال القرآن”. حيث قام بالكشف أيضاً عن تعامله الشخصي مع المسلمين في جنوب روسيا ضمن قصائد “نافورة بخشيساراي” و “السجين القوقازي”. وفي قصيدة “تاسيت” صور حرب الشيشان الدموية والعناصر التقليدية لثقافتهم المرتبطة  ارتباطا وثيقا بالعناصر الإسلامية.

الأدب الإسلامي

وإن أهم ما يميز إبداع بوشكين المستوحى  والمأخوذ من الإسلام هو قصيدة “تأملات القرآن”(1824). فكانت الفلسفة والجوانب الأخلاقية في القرآن مثيرة للاهتمام بشكل خاص وكبير للكاتب لبوشكين. وذات مرة قال إن “الكثير من المبادئ الأخلاقية معروضة في القرآن بأسلوب شاعري مقنع ومؤثر للغاية”.

كما يتجادل بوشكين مع فولتير، “أن الجنة لا تطلب دماء العزَّل، بل تطلب  الحب والثقة”. كما اعتاد الكاتب الشهير فيودور دوستويفسكي (1821-1881) أن يقول دائما إن بوشكين لديه قدرة فريدة من نوعها لفهم الجوهر الحقيقي للحضارة الشرقية.
وعند الإشارة إلى قصص القرآن الكريم على وجه الخصوص، فقد قال دوستويفسكي “ألا نشاهد هنا مسلماً، روحاً حقيقية وصادقة للقرآن. وسيفاً وعظمة وشأن كبير وقوة إيمان قوي؟
ولاحقا  كان قد كتب بوشكين قصيدة” النبي “، وجاء فيها” أعطاه الله عينين ليرى كل شيء إلا أنه لم يكن شاعراً

من مقطفاتها:

وقد وضع بيمناه التي يقطر منها الدم
لسان أفعى  حكيمة
في ثغري الأصم
وشج صدري بسيفه
وانتزع القلب المرتعب والخائف
وغمد في جوفه
جمرة تلتهب كالنار
استلقيت كالجثة في البيداء
وصوت الرب ناداني:
قم، أيها النبي، وأبصر
وأنصت
ونفذ إرادتي
وأجج بالكلمات قلوب البشر ”
فصوّرت حياة المسلمين في ذلك الوقت من قبل الأدباء الروس بستوجيف مارلينسكي (1797-1837)، وبوليجيف (1805-1838) (إمالات- بك، وحريم، وسلطان، إلخ). كما وأصبح ظل العالم الإسلامي الشرقي بجماله الخلاب وجاذبيته  مصدر إلهام للشاعر المدعو ب ليرمونتوف (1814-1841). كذلك أثار أليكسي تولستوي (1882-1945) مشكلة مصير الإنسان في مذكراته وقراءته عن القرم.

وأيضا لقد ابتكر نيكولاي نيكراسوف مواليد (1821-1877) كاركتر الجمال الشرقي ضمن زوجته التركية الأصل. في وقت كان قد وصف الكاتب المدعو نيكولاي غوغول (1809-1852) العمارة والهندسة الإسلامية بأنها مليئة بالزهور. كذلك ضمن مقال (المأمون) تحدث بإعجاب كبير  وتأثر عن حاكم بغداد (813-833).

الأدب الجديد

كما كان للفيلسوف الروسي فلاديمير سولوفييف (1853-1900) رأي مهم جدا  في دور النبي محمد عليه الصلاة والسلام. والإسلام في تطور وتغيير  الحضارة العالمية نحو الجانب الإيجابي. قائلاً أنه من المؤكد أن دين الإسلام سينتشر وينمو وسيبرق اسمه والإنجازات له أكثر وذلك لأن اللبن الروحي الخاص بالقرآن ضروري من أجل الجنس البشري.
إضافة إلى الكاتب ليو تولستوي (1828-1910)، الذي قد قام بدراسة التقاليد الإسلامية والنبي محمد عليه الصلاة والسلام. كان أيضا يحترم القرآن والثقافة .

 

فالثقافة و الأدب الإسلامي كان ومازال محط أنظار الأدباء حول العالم، فإلداع بوشكين ينسب إلى الثقافة والفلسفة الأخلاقية المتواجدة ضمن القرآن الكريم. ولا شك أن قراءة هذه الآداب ستضيف الكثير من الثقافة الأدبية على أدبنا الخاص وفلسفتنا الأخلاقية.

تابع ملهمون فلعلك تكون ملهمًا يومًا ما.

قد يعجبك ايضا