هل تنجح البلدان الصغيرة في الاقتصاد العالمي

كما نشر موقع مودرن ديبلوماسي (modern diplomacy) الأميركي تقريرا للكاتب المدعو بياروسلاف ليسوفوليك قد تحدّث فيه عن الأبحاث الاقتصادية الحالية وعن الاقتصاد العالمي والتي تشير إلى أن الاقتصادات الصغيرة هي أكثر نجاحاً وابتكاراً وذلك مقارنة بنظيراتها الكبيرة. في حيث تظهر الاقتصادات الصغيرة الرائدة والمتفوقة بمستويات معيشية عالية ونموا وابتكارا أكبر. وكما ذكر التقرير أن الاقتصادات الصغيرة قد تشكل أغلب دول العالم. ففي أكثر من 100 دولة قد يبلغ عدد سكانها أقل من 10 ملايين نسمة. ومع نمو الحصة في هذه البلدان وفي الناتج المحلي والإجمالي والعالمي من حوالي  6.6% في عام 2000 إلى 7.4% في عام 2020 تقريباً.

سنغافورة وفنلندا وأيرلندا والاقتصاد العالمي

وقد أضاف الكاتب بأن التفاوت في الثروة قد يكون أقل وضوحا في البلدان الصغيرة منه في البلدان الكبيرة. وكما أن درجات عالية من الاقتصادات الصغيرة والرائدة قد توجد في مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة. وأيضا تنفق الاقتصادات الصغيرة أكثر أن كان على التعليم والرعاية الصحية كنسبة من الناتج المحلي والإجمالي. وكذلك أيضا الاقتصادات الصغيرة الأكثر تجانسا. وهو يكون عامل يسهم بدور كثير الأهمية في النجاح الاقتصادي.

وأيضا من بين هذه الدراسات كتاب لـ”شاهد يوسف” و”كاورو نابيشيما” بعنوان “أن بعض البلدان الصغيرة قد تفعل ذلك على نحو أفضل”. وكما يستكشف الكتاب تجربة ثلاثة اقتصادات صغيرة، وهي اقتصادات سنغافورة وفنلندا وأيرلندا. ويخلص بأن جزءا كبيرا من النجاح الذي كان مستمدا ومأخوذا من الاستثمار في تنمية وزيادة رأس المال البشري، ولا سيما وخصوصا في التعليم.

 

ما الذي يمكن للبلدان الصغيرة أن تعلّمه للعالم و الاقتصاد العالمي؟

ويسرد أيضا جيفري فرانكل في ورقته البحثية والتي تحمل عنوان: “وما الذي يمكن للبلدان الصغيرة أن تعلّمه للعالم أجمع؟” فهي مجموعة بأكملها من ممارسات السياسة والاقتصادية المتفوقة والتي قد أظهرتها الاقتصادات الصغيرة. ومن ذلك هو النموذج الاقتصادي الإسكندنافي ذو التوجه والتتبع الاجتماعي في بلدان الشمال الأوروبي. وأيضا النجاح الاقتصادي في جذب الاستثمار الأجنبي والمباشر في أيرلندا. و”إستراتيجية التنمية الفريدة” الموجودة في سنغافورة. وكذلك كوستاريكا المتواجدة في أميركا الوسطى وموريشيوس وفي أفريقيا. التي قد اختارت التخلي عن النفقات العسكرية والكبيرة مع التركيز الشديد على تنمية رأس المال البشري.

والأهم الأكبر من ذلك هو أن الاقتصادات الصغيرة قد تشكل غالبية بلدان العالم. فحيث يبلغ عدد سكان أكثر من 100 دولة وأقل من 10 ملايين نسمة. ومع نمو حصة هذه البلدان وفي الناتج المحلي والإجمالي العالمي من حوالي 6.6% في عام 2000 إلى 7.4% في عام 2020 تقريبا. ومقارنة بحصة إجمالي سكان العالم والبالغة 4.4%. وقد زادت مساهمة الاقتصادات الصغيرة في الناتج المحلي والإجمالي العالمي فيما بين البلدان النامية في التقدم والنمو على السواء. وقد حققت البلدان النامية والبلدان المتقدمة النمو والتطور زيادة أكبر في مساهمتها في السنوات الـ20 الماضية وذلك مقارنة بنظيراتها الصغيرة في الاقتصادات المتقدمة.

رأي جيفري فرانكل في ورقته البحثية حول هذا النوع من الاقتصادات

وكما قال جاكوب فرانكل أيضا. يتساءل: لماذا ينظر المرء إلى البلدان الصغيرة عندما هو يبحث عن أفكاره الجيدة بما يخص السياسات أو المؤسسات؟. ويردّ أيضا على تساؤله بالقول بأن “ذلك لأن التاريخ قد يظهر أن الدول الكبرى لا تملك كل الإجابات كافة”.

البلدان الصغيرة والاقتصاد العالمي

وبالطبع ليس من خطأ أن يكون الاقتصاد كبيرا، وبخاصة في ضوء الدور المهم الذي قد تؤديه أكبر الاقتصادات في تقديم جميع محفزات النمو في كل أنحاء العالم. مع ذلك، فإن ذلك قد يعتمد إلى حد كبير على درجة انفتاح أكبر في هذه الأوزان الثقيلة والكبيرة. وهذا هو الموضع الذي قد تكمن فيه كثير من المشاكل في هذه الأيام. وفي الواقع أن الجزء الأكبر من القيود التجارية إما أنه ينبع من أكبر الاقتصادات في العالم أو أنه هو موجه ضد القوى الرائدة والقوية على الساحة التجارية الدولية.

مخصصات أكبر للدفاع

كما وتميل الاقتصادات الكبيرة في الاقتصاد العالمي  أيضا إلى أن تخصص مخصصات أكبر بكثير وتلك للدفاع مقارنة بالاقتصادات الصغيرة. وكما تميل القوة الصلبة إلى أن تحتل وتأخذ أهمية كبيرة مقارنة “بالقوة الناعمة” ومع زيادة حجم البلد. وهذا أيضا بدوره قد يأتي بتكلفة اقتصادية مؤثرة على مسار التحديث في البلاد كاملا وكذلك يكون على السياق الأمني والأوسع نطاقا في السياقات الإقليمية والعالمية.

وثمة أيضا مشكلة أخرى تتمثل في أن البلدان التي هي ذات الاقتصادات الكبيرة قد تخطئ فيما يتعلق بأولويات التنمية الاقتصادية. وبالنظر أيضا إلى حجمها فإن تلك الآثار السلبية المترتبة على الأزمة والانكماش. يمكننا الشعور بها في جميع أنحاء المجال الإقليمي للاقتصادات الكبيرة والمعنية. وكما تتمتع الاقتصادات الأصغر حجما بمرونة أكبر بكثير. (تماما ك الشركات الصغيرة والمتوسطة في عالم الشركات) للابتكار والتجريب وذلك بناء على التحالفات في كل أنحاء العالم.

وتعدّ أيضا سنغافورة هي مثالا رائعا على هذا التنوع على الساحة الدولية فإذ تتصدر هذه الدولة العالم وليس فقط من حيث التحالفات التجارية. ولكنها هي أيضا النسخة الأكثر حداثة وتتطور من هذه الصفقات، أي ما قد يسمى بالتحالفات الاقتصادية الرقمية.

وكما نعلم أن كبر البلد ليس هو العامل الأساسي للتطور الاقتصادي بل الابتكارات والموارد واليد العاملة الخبيرة والرأس المال البشري هو الأساس للتقدم والتطور في جميع المجالات. فمن الممكن أن تحقق الدول الصغيرة النجاح والتمييز والتفوق الاقتصادي وكل ذلك يكمن في التفكير الصحيح والعقل السليم والذكي.

                                                           
                                                                      تابع ملهمون لعلك تكون ملهما يوما ما
قد يعجبك ايضا