ظاهرة الفقاعة الاقتصادية | ما لاتعرفه عن أكثر الظواهر الاقتصادية ضررا

إنه الركود، الحدث الاقتصادي الأهم الذي يقضُّ مضاجع خبراء الاقتصاد والعاملين في مجال المال. ولعلّه الحدث الأبرز الذي نلمسه في صلب حياتنا اليومية المُعاشة. وفي حال تزامن الركود مع مستويات تضخم عالية ينتج ما يسمى ظاهرة الفقاعة الاقتصادية، وعبر التاريخ كانت سيناريوهات الفقاعات الاقتصادية أكثر ما يخشاه المستثمرون خلال الأزمات المالية.

لطالما عانى الاقتصاد العالمي من هذه الظاهرة، ولعلها إحدى أبرز الآثار السلبية التي ألحقت ضررًا بالغا في الاقتصاد على مدار عقود. وربما تذكر الفقاعة العقارية التي عانت منها الولايات المتحدة أواخر عام 2008 وما أفرزته من أثر سلبي على العالم كله. لا عليك دعك من التذكر. كل ما هنالك، انظر في الوضع الاقتصادي الذي يحيط بالعالم وبالبلاد العربية بالتحديد، الأزمة المالية الخانقة، التضخم السعري المبالغ به في أسعار الأصول. كلُّ ذلك كفيل بأن يُلهمك بأن تتابع مقالنا للتعرف أكثر عن هذه الظاهرة.

 ظاهرة الفقاعة الاقتصادية عبر التاريخ

ظاهرة الفقاعة الاقتصادية
مصطلح الفقاعة الاقتصادي في التاريخ

الفقاعة الاقتصادية Bubble Economy مصطلح ليس بجديد، بل يمتد قرونا إلى الوراء. وبداية عليك أن تدرك المعنى الذي نقصده بهذه الظاهرة، كي تُكوِّن فهمًا واضحًا عن آثارها.

تعريف الفقاعة الاقتصادية أو كما يطلق عليها الفقاعة المالية أو السعرية أو الاستثمارية. تعددت التسميات والمعنى واحد، وهو وصف لحالة مالية تحدث حين المبالغة في عمليات المضاربة على سعر سلعة معينة حتى تصل إلى مستويات خيالية، لتنفجر وتنهار فيما بعد مُسببة آثارا اقتصادية سيئة.

أكثر أنواع الاقتصادات المتأثرة بهذه الظاهرة، هو الاقتصاد الذي لا يستند على عمليات إنتاجية تنموية دائمة. تحقق دخل مادي مستقر للأفراد. بل على العكس من ذلك يكون متأثرا بحالة رواج مؤقتة وغير حقيقية، وأبلغ تشبيه لها هو فقاعة الصابون.

حسب خبراء الاقتصاد، تنشأ الفقاعة حين يزيد الطلب على أحد الأصول. ومعه تزيد الأسعار فيما يشبه المضاربة بين المستثمرين. ليبدأ بعدها الانهيار بينما يعمد المستثمرين إلى بيع أصولهم وفقًا لتحليلات بانخفاض الطلب عليها. لتتدحرج كرة الثلج بعد ذلك وتتم عمليات البيع بشكل جنوني مع ملاحظة تغير منحنى العرض والطلب، مما يؤدي إلى انخفاض كبير بالأسعار.

اقرأ أيضا: ما الفرق بين المضاربة والاستثمار | معلومات تهمك في عالم المال

مراحل نشاط الفقاعة

حسب نظرية “مينسكي” التي شرح فيها أهم أسباب عدم الإستقرار المالي، أن الفقاعة الاقتصادية تمر بأربع مراحل، هي:

  • النزوح: وهي تبدأ مع توجه المستثمرين نحو نوع معين من الإستثمار بالأصول.
  • الازدهار: تبدأ فيها التغطية الإعلامية وتسليط الضوء من أجل تحفيز المستثمرين على عدم تفويت الفرص، وفي هذه المرحلة تزداد أعداد المضاربين وترتفع الأسعار تدريجيا للأصل المستهدف.
  • النشوة: تبلغ الأسعار أكبر مستوى لها، وهنا بالفعل يتم استثمار نظرية (الأكثر غباءً). على اعتبار أن هناك دائما من هو مستعد للشراء بسعر أعلى.
  • تحصيل الأرباح: في هذه المرحلة يعمد المستثمر الخبير على قراءة الواقع والسوق وبيع الأصول في حال التقط إشارة تحذيرية. إلاّ أنه من الصعب التنبؤ بوقت انفحار البالون.
  • مرحلة الذعر: وهنا تهبط الأسعار بالجنون نفسه الذي ارتفعت فيه، يواجه المستثمرون فيها حالة فوضى ويعمدون إلى تسييل أصولهم بأي سعر معروض. ويمكن تشبيه هذه الحالة بما حدث عام 2008، حينما هبطت الأسهم العالمية في السوق المالية لأكثر من 22% من أصل قِيَمها السوقية.

انعكاس الفقاعة السعرية على الاقتصاد

ظاهرة الفقاعة الاقتصادية
انعكاس ظاهرة الفقاعة المالية على الاقتصاد

عندما يتم توزيع الأموال بشكل غير متوازن على إحدى عجلات الاقتصاد، فهذا يعني مزيدا من الأثر السلبي على جوانب أخرى فيه. فيما يلي أهم الآثار السلبية الناتجة عن الفقاعة المالية:

الركود

في عام 1930 عانى الاقتصاد الأمريكي من كساد جامح كاد أن يطيح به، وحين ذاك ارتبط سبب الانهيار بالفقاعات الاقتصادية. والركود بالمعنى الاقتصادي، يعني انخفاض كبير بالنشاط الاقتصادي يستمر لأشهر عدة. مؤثرا بشكل مباشر وسلبي على الناتج المحلي الإجمالي للبلد، ودخل العمالة الحقيقي. إضافة، إلى ناتج أنشطة الصناعة والتجارة. فيما يترافق الكساد مع البطالة وتوقف الإستثمار وتراجع أرباح الشركات. إلى جانب ذلك، انخفاض القدرة الشرائية للفرد.

من أبرز حالات الركود التي عانى منها العالم حديثا، الأزمة الخانقة التي عانت منها أميركا أواخر التسعينات، والتي تلتها أزمة أخرى عام 2008. لم تكن اليابان أيضا بعيدة عن هذا الأثر الاقتصادي، فقد أدّى انفحار فقاعة الثمانينات إلى كساد اقتصادي طويل المدة. وعلى الرغم، من المضاربة المحدودة التي منعت أن ينتشر الضرر إلى خارج اليابان، فقد خسر قطاع حقوق الملكية والعقارات حوالي 60% من قيمتة الحقيقية بين خريف 1989 وآب 1992.

 التضخم

إن التضخم غير المبرر لسعر بعض الأصول، غالبا ما تمتد آثاره لتشمل الاقتصاد كله، خاصة في حالة الاقتصادات العالمية الضخمة فإن الأثر يكون أكثر شمولية. وهذا ما حدث بالفعل أثناء أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة، فقد تداعى الاقتصاد شرقا وغربا متأثرا بها.

في السنوات الأخيرة شهدت البلدان العربية، ظهور فقاعات اقتصادية والتي نتجت من خلال المضاربة المحمومة في قطاع العقارات والأراضي. حتى أطلق عليها اسم Windfall Profits، وتعني ترجمةً “الأرباح القدرية”. أي التي تنتج من دون إنتاج فعلي أو جهد حقيقي، بل بفعل طفرات متوالية في أسعار الأصول. وهذا بالتالي أفرز ما يسمى رواج استهلاكي ترفي، تجاوز كل الحدود وخاصة ما نشهده في بلدان الخليج العربي.

هبوط معدل إنفاق المستهلكين

مع التضخم الكبير في أسعار السلع، وتوقف عجلة الإنتاج المحلي والإتجاه نحو عمليات المضاربة وسيلة لكسب الربح. فمن المؤكد، أن يتأثر السوق المحلي ويتضرر أصحاب الدخول المنخفضة بالذات.

أسئلة شائعة حول ظاهرة الفقاعة الاقتصادية

على الأغلب قد يخطر على بالك عدد من الأسئلة تخص موضوع الفقاعة الاقتصادية، اخترنا لك بعضا منها:

س: هل هناك علاقة بين الفقاعة وانهيار الأسهم

بالطبع، فالعلاقة بينهما متلازمة. ويمكن تشبيهها بالغيوم والمطر. ففي حين، يمكن مشاهدة الأولى دونًا عن الثانية فإن من المستحيل أن نرى مطرا دون غيوم. على مرّ الفقاعات الاقتصادية عبر التاريخ سنلاحظ، أن الإنهيار في سوق الأسهم كان جنينا في رحم الفقاعات. والعلاقة هنا طردية. فكلّما، كانت الغيوم  (الفقاعة) أكثر تَلبُّدًا كان المطر (الانهيار) أقوى شدّة.

س: هل ظاهرة الفقاعة الاقتصادية شر مطلق؟

يمكننا القول، أن هذا هو التوقع الوحيد لها، فهي على مرِّ التاريخ حملت انهيارات كبيرة للاقتصاد وأضرت بالكثيرين. لكن، هناك دوما نقطة بيضاء في كل شيئ، وهنا في هذا المضمار نطلق علىها اسم (الفقاعة الاقتصادية المُنتجِة). وهذا بالضبط ما تحدث عنه كتاب Doing Capitalism in the Innovation Economy للخبير الاقتصادي وليام جانواي المحاضر في جامعة كامبريدج. ومن أبرز الفقاعات المُنتِجة كمثال، فقاعة “دوت كوم” التي حدثت بين عامي 1998 و2000.

مما سبق، إن الوصول إلى أرباح استثنائية خيالية لا ترتكز على دورة اقتصادية متكاملة في تشغيل رؤوس الأموال. هي أحد منابع الفقاعات الاقتصادية، فتعظيم الربح بطرق مجنونة يُنهك الاقتصاد، ويُفضي إلى فقاعات أخرى جديدة.

        تابع ملهمون لعلك تكون ملهمًا يومًا ما

 

قد يعجبك ايضا