تعتبر المفاهيم الاقتصادية من أصعب المفاهيم فهماً وخاصة مفهوم الانكماش الاقتصادي. فهو انخفاض متزايد ومستمر في أسعار الخدمات والمنتجات وقد يبدو لنا من الخارج أنه الغاية والهدف المنشود. لكنه أمر كارثي يؤدي إلى انهيار كامل للدولة التي تعاني منه فمثلاً لنفترض أنك قمت باستثمار كبير لصناعة منتج معين لكن سعر المنتج انخفض ومازال في انخفاض وأصبح لايغطي تكلفة صناعة المنتج وهذا سيؤدي إلى انهيار استثمارك وأن تصبح غير قادر على إنتاج المزيد. أي ستستطيع شراء المنتج بسعر زهيد لمرة واحدة أو اثنتين ولن تصبح بعدها قادراً على شراءه بسبب توقف الشركة عن الإنتاج. فتخيل الأمر على مستوى دولة كاملة فالانكماش المالي كارثي ومدمر.
المحتويات
مفهوم الانكماش الاقتصادي
هو على عكس التضخم الاقتصادي لكنه أخطر وأسوأ ونتائجه كارثية أكثر فهو يعني انهيار كامل في القطاع الذي يعاني منه. وربما من أكبر المسببات للانكماش الاقتصادي هو الكساد الذي يمكن أن تعاني منه الدولة وبالتالي قلة الطلب فقلة إنتاج السلع أو انهيار كامل وعدم القدرة على الإنتاج مرة ثانية. يجدر بنا الذكر أن كل المشاكل الاقتصادية الحالية سواء التضخم أو الكساد أو الانكماش هي مشاكل مترابطة وتابعة لسبب رئيسي وهو أزمة كورونا والكوارث التي سببتها هذه الأزمة على كافة الأصعدة وخاصة على الصعيد الصناعي والتجاري. فشركات بأكملها أصبحت غير قادرة على إنتاج المزيد من المنتجات بل أنها غير قادرة على العودة حالياً رغم وجود بعض الشركات التي تستجمع نفسها وتحاول العودة إلى السوق.
إن مايجذب انتباهك أثناء مراقبة حركات السوق أن التسويق كان ومازال سنارة النجاة التي تستيطع إنقاذ أي منتج أو خدمة من الدمار. إن التسويق الإلكتروني يسيطر على السوق كافة وإن أكثر الشركات التي استطاعت النجاة اقتصادياً استخدمت التكنولوجيا كطوق نجاة فبات لها مواقع إلكترونية تعريفية ومتاجر لطلب الخدمات بشكل مباشر دون الحاجة إلى حضورك بشكل شخصي إلى الشركة. بل بعضها أصبح أكثر تطوراً وطور تطبيق إلكتروني خاص بها لذلك فإن مواكبة العصر الحالي تتطلب الكثير من السرعة والذكاء للنجاة بأقل الخسائر.
الانكماش الاقتصادي والتكنولوجيا
استغلال الفرص أمر حتمي وضروري ودليل على الذكاء والتحكم بقدرتنا الشرائية، فعند وجود أي حالة للانكماش الاقتصادي أو الكساد الذي سببها. حيث يعد الكساد العظيم من أشهر حالات الركود الاقتصادي التي عرفتها البشرية في الوقت الحاضر. والذي أثر على الاقتصادات الوطنية لمعظم الدول في جميع أنحاء العالم خلال عام 1930. وذلك مع بدأ انهيار البورصة التي تدعى “وول ستريت” في عام 1929. وسريعاً انتشرت الأزمة في الاقتصادات الوطنية لدول العالم الأخرى بين عامي 1929 و1933. حيث هبطت مقاييس الدخل والإنتاج القومي في الولايات المتحدة بنسبة 33% في حين ارتفع معدل البطالة بنسبة 25%. بينما كانت أوروبا على موعد مع كساد كبير عام 2009.
هذا الانكماش الاقتصادي الذي سيؤدي إلى انهيار مهن بأكملها والتسبب ببطالة كبيرة. فضرورة استخدامنا للتكنولوجيا ومواكبة العصر بات أمراً حتمياً لامفر منه وخاصة أنه مع زوال بعض المهن خلقت مهن جديدة على التكنولوجيا كالعمل على التسويق الالكتروني والكتابة والكثير من المهن التي تعتمد على التكنولوجيا.
فبعد عام من التباطؤ الاقتصادي العالمي الذي كان قد شهد ركودًا في النمو الاقتصادي والنشاط الاستهلاكي. دفع إغلاق COVID-19 والاحتياطات الأخرى المتخذة في أوائل عام 2020 الاقتصاد العالمي إلى أزمة. في خلال سبعة أشهر، أصبح كل اقتصاد متقدم في حالة ركود.
حيث أعلنت اللجنة الاقتصادية في 8 يونيو 2020، أن التوسع الاقتصادي الذي أتى بعد الانخفاض في يونيو 2009 بلغ الذروة له في فبراير 2020. وضمن 19 يوليو 2021. قد تم الإعلان على أن فترة الركود التي أتت عقب ذلك كانت ضمن أبريل 2020. بينما كان الركود الاقتصادي عميق للغاية. كان هو الأقصر على الإطلاق خلال شهرين فقط وحسب. حيث أن اللجنة لاحظت أن هذا الركود كان له ميزات وخصائص ديماميكية مختلفة عن فترات الركود السابقة. حيث إن الحجم هذا غير المسبوق للانخفاض ضمن التوظيف والإنتاج، والانتشار الواسع له عبر الاقتصاد. يقوم بتبرير تصنيف هذه الحلقة الناقصة على أنها ركود. على الرغم من أن هذا الانكماش أقصر من الانكماشات التي مرت سابقاً. حيث قام المكتب الوطني التابع للأبحاث الاقتصادية ضمن تاريخ الذروة السابقة. وذلك على اعتبار أنها الربع الرابع من عام 2019 وقد أحدث انخفاض يعتبر الربع الثاني من عام 2020.
آثار الانكماش الاقتصادي
إذا ما تأخر الخروج من الانكماش الاقتصادي فإن زيادة الانفاق الحكومي لأي دولة تعاني الانكماش. فسوف ترفع الدين الذي يقع عليها إلى مستويات خطيرة. وكذلك فإن خفض الضرائب الواقعة على الشعب سوف يرفع عجز الموازنة للدولة إلى حد يصعب تحمله. لذلك دعك من تضرر وتململ الناس الذي سيزداد كلما تأخر الانكماش وطالت آثاره الاقتصادية على الدولة.
ولا تتوقف التحذيرات عند ارتفاع المديونية والديون الواقعة على عاتق الدولة والناتجة عن زيادة الانفاق. أو زيادة عجز الموازنة العامة الناتجة عن خفض الضرائب الواقعة على الناس. لذلك إن زيادة الإنفاق وخفض الضرائب في الدولة قد لا تقومان منفردتين أو مجتمعتين على التغلب على الانكماش الاقتصادي في المدى القريب. وإن الأمر الأكثر تعقيداً هو أنه كلما طال الانكماش سيتأخر وصولك إلى النمو الاقتصادي المطلوب.
ولذلك الحل الافضل دائماً هو القيام بالتصدي بشكل مبكر. وبلا تأخر عن التحذير عن الانكماش لتتم معالجته قبل أن تتعمق نتائجه. حيث أنه لا مجال للحديث عن الحركات الوقائية من الانكماش امام ظواهر الدورات الاقتصاديه. لذلك يكمن الذكاء والحكمة في أخذ الحيطة من الانكماش عندما يكون الاقتصاد صاعداً وذلك للاستعداد لمواجهة أي انكماش قادم .
تابع ملهمون فلعلك تكون ملهمًا يومًا ما.