قلعة حلب تاريخها وأمجادها

كل قلعة وكل حصن وكل سور حجري له حكاية تروي قصصاً عن أمجاد السابقين. تروي قصصاً عن بطولات الملوك وجيوشهم، تروي قصص سوريا أم البطولة والعزة والإباء. ومن أشهر القلاع التي منيت بها سوريا، قلعة حلب التي تعود بالزمن إلى العصور الوسطى، فهي من القلاع الكبيرة على مستوى العالم، حيث يعود استخدام التلة التي توضعت عليها القلعة إلى الألف الثالثة ق.م. كما تم احتلالها من قبل المماليك والبيزنطيين وغيرهم الكثير، بينما البناء الموجود حالياً إلى عصر الأيوبيين، وفي سنة 2000م قامت مؤسسة آغا خان للثقافة والجمعية الأثرية بإجراء عمليات لحفظ أثرية القلعة. بالإضافة إلى أن قلعة حلب تقع وسط المدينة القديمة. والتي قامت منظمة اليونسكو بإدراجها على اللائحة الخاصة بموقع التراث العالمي وذلك في سنة 1986م. حيث باتت القلعة اليوم متحفاً يشهد على ما كان يحفل به التاريخ العريق.

 

قلعة حلب
المدخل الرئيسي في قلعة حلب

 

قلعة حلب في عهد السلوقيين

 

بعد أن دخل الإسكندر الأكبر وجيوشه المدينة، قام بحكمها سلوقس نيكاتور الأول، حيث أنه أحيى وأقام المدينة باسم بيرويا.

كما أنه هناك بعض الآثار لمستوطنة هلنستية ترتفع إلى ما يقارب المترين. بالإضافة إلى شارع كله أعمدة بالجهة الغربية من تلة القلعة.

 

القلعة في عهد الرومان والبيزنطيين

 

بعد أن قام الرومانيون بخلع السلالة السلوقية في السنة الرابعة والستين من قبل الميلاد من قبل بومبيوس الكبير. بات التل الذي قامت عليه قلعة حلب ذا أهمية دينية.

حيث تم اكتشاف عدد لا بأس به من آثار مادية تعود إلى عصر الرومانيين ضمن قلعة حلب. بالإضافة إلى كون حلب تتوضع في الجزء الشرقي من إمبراطورية رومانية. حيث تم ضمها إلى بيزنطة حين تم تقسيم إمبراطورية رومانية في العام 395م. وذلك أثناء الحروب التي حدثت مع كسرى الثاني حين كان ملكاً للدولة الساسانية وذلك ما قبل القرن الثامن الميلادي. حيث أن أهالي حلب قاموا باللجوء إلى قلعة حلب بسبب السور الذي كان حالة سيئة بسبب الحروب.

وفي العصر الحالي لقد عُثر على بقايا وآثر تعود بالزمن إلى عصر البيزنطيين في تلة القلعة. بينما المسجدان اللذان يتواجدان ضمن القلعة، هما عبارة عن كنيستين تم بناؤهما على يد البيزنطيين.

 

قلعة حلب في عصر صدر الإسلام

قام المسلمون بالسيطرة على مدينة حلب في سنة 636م. تحت ظل الفتح الإسلامي من قبل خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح. وذلك بعد سيطرة المسلمين على باب من أبوابها، حيث تم إصلاح القلعة بعد حدوث زلزال قوي أدى إلى تضررها. وقد كانت مدينة حلب تتواجد على حدود الدولتين الأموية والعباسية.

قام سيف الدولة الحمداني بغزو المدينة في سنة 944م، وباتت بعد ذلك في نهضة اقتصادية وسياسية واجتماعية و..

لقد بنى الحمدانيون قصراً رائعاً على ضفة نهر القويق. حيث تم نقل القصر فيما بعد بسبب هجمات البيزنطيين في سنة 962م. ولقد جاءت فترة طويلة من الفوضى وعدم استقرار الوضع السياسي والعسكري. حيث كان البيزنطيون والقبائل البدوية تقوم بالهجوم على المدينة. وباتت حلب بعد ذلك قاعدة للفاطميين لفترة قصيرة من الزمن. ثم جعل المرديون من كنيستين من الكنائس جامعاً.

 

القلعة في عهد الزنكيين والأيوبيين

 

إن القلعة في حلب نالت ما نالته من الأهمية الكبيرة. وذلك خلال فترة تواجد الصليبيين في الشرق الأوسط. حيث قام عماد الدين الزنكي وابنه نور الدين الزنكي بتوحيد مدينتي حلب ودمشق بشكل كبير وناجح. حيث قاموا بعقد ظهر الجيوش الصليبية من الاعتداءات. التي كانوا ينفذوها على مدن الشرق الأوسط (الشرق الأدنى قديماً).

ومن أشهر القادة الصليبيين الذين تم سجنهم في سجن القلعة جوسلين الثاني. ورينالد أوف شايتون وبلدوين الثاني.

لقد قام الحاكم نور الدين الزنكي بإعادة بناء أسوار حلب وقلعتها. بالإضافة إلى تحسين القلعة من ناحية ارتفاعها وجدرانها في مدخلها المنحدر وقصرها الملكي. كما قام بترميم المسجدين اللذين تواجدا فيها وقام بالتبرع لتفصيل محراب خشبي لمسجد إبراهيم. والذي تم اختفاؤه أيام الانتداب الفرنسي على سوريا.

لقد تم خلال حكم صلاح الدين الأيوبي إعادة إعمار القلعة بعملية ترميم وبناء كبيرة. حيث تمت إضافة مجموعة من الهياكل الجديدة التي جعلت منها على شكلها الحالي. حيث تم تعزيز جدرانها وصقل سطوح بروزاتها الصخرية بالإضافة إلى أقسام مغطاة من المدخل المنحدر مع كسوتها الحجرية.

كما أن صلاح الدين قام بإعادة حفر الخندق الذي يرتبط بالقنوات المائية بعمق أكبر. كما قام بإضافة جسر ذي قناطر، وهو اليوم عبارة عن المدخل الرئيسي لقلعة حلب.

وفي السنوات العشر الأولى من القرن 13 بعد الميلاد لقد تطورت القلعة لتكون مدينة فائقة الفخامة. حيث أنها شملت المعايير جميعها من حيث السكن والدين ومنشآت عسكرية وعناصر داعمة. وقد تمت إعادة ترميمها في سنة 1213م حيث أن السلطان غازي رمم المسجدين اللذين يتواجدان ضمن القلعة. وقام بتوسيع الأسوار التي تحيط بالمدينة لتمتد إلى مناطق الجهة الشرقية والجنوبية. حيث باتت قلعة حلب ضمن تحصينات عوضاً أن تكون بجوار الأسوار.

 

قلعة حلب في عهد العثمانين

في عهد الدولة العثمانية لقد كان دور القلعة بمثابة حصن دفاعي، كما أنها تحولت إلى ثكنة عسكرية عثمانية.

وبعد الزلزال الذي ضرب قلعة حلب. قام السلطان إبراهيم باشا باستعمال الحجارة الناتجة عن تدمير المباني لبناء ثكنة عسكرية بالجهة الشمالية من قلعة حلب.

وقد أمر السلطان عبد المجيد بترميم القلعة، كما أنه أمر ببناء طاحونة هوائية شمالي قلعة حلب.

 

قلعة حلب في عهد الانتداب الفرنسي على سوريا

حيث بقي الجنود في القلعة أثناء الانتداب الفرنسي حوالي ربع قرن من الزمن. وقد قام الفرنسيون بعمليات تنقيب عن الآثار، كما أنهم قاموا بأعمال ترميمية واسعة في ثلاثينيات القرن الماضي. وعلى وجه الخصوص جدار القلعة الخارجي، وقد تم ترميم وتجديد قاعة القلعة المملوكية بشكل كامل. وقد تم تركيب سقف جديد مسطح لقاعة القلعة المملوكية، حيث تم تصميمه وفق طراز دمشقي في القرن 19 الميلادي.

 

أبرز معالم القلعة

المدخل، والقصر الأيوبي والحمام، القاعة المملوكية، وبئر هلنستي وممرات تحت الأرض، بالإضافة إلى ساتورة.

 

لقد كانت قلعة حلب على مر العصور رمزاً لمدينة حلب، حيث أنها تستخدم كشعار للجامعة والمحافظة. ومجلس مدينة حلب، بالإضافة إلى أن القلعة منقوشة ومرسومة على عدد من العملات السورية فكانت حلب وقلعتها منذ القدم صرحاً من الصروح التاريخية العربية تجمع بين أسوارها عبق التراث والعراقة والشموخ.

اقرأ أيضاً: حدائق بابل المعلقة وحقيقتها

مسجد إبراهيم في قلعة حلب
مسجد إبراهيم في قلعة حلب

 

في النهاية نكون قد عرضنا لكم قلعة حلب تاريخها وأمجادها فاللذي لا ماضي له لن يكون له حاضر مشرق.

قد يعجبك ايضا