الراديو بين الماضي والحاضر

وضعتني محطاتُ تطبيق ساوند كلاود المخصص للأغاني صدفةً في حساب يدعى لفّة مع الراديو، وكانت أجملُ الصدف فوجدت نفسي في غيبوبة ضمن محتواه لساعات، وبعد الاستيقاظ آمنت بعبارة الأجداد “لا غنى عن الراديو” يا ترى ما السر الذي جعلني أفضّل الراديو على تطبيق يحضر لي الأغاني التي أطلبها أسرع من البرق هل الراديو كنزٌ مكنون بين الماضي والحاضر؟ أم أنّه يغذّي مخيّلتي الفقيرة.

اعتقدتُ أن الراديو انقرض منذ أصبحنا في عصر التكنولوجيا الحديثة ولكنّي أخطأت لأنّ استمتاعي ساعاتٍ مع مشروبي المفضل وأنا أتخيل أحداث القصص التي تروى على الراديو فاقَ مشاهدة حلقات مسلسل كامل، قد عشتُ في عالمٍ آخر مرة واحدة لعدة ساعات.

 لفة مع الراديو

إن كنت أمامي. سأدرك مشاعرك من لغةِ جسدك فماذا لو كان صوتك هو جسدك بالكامل؟.  ذلك فقط على أثير بث الراديو حيث لا صورة. على سبيل المثال إن أحببت التجول برفقة شخص ما. بالتأكيد ستنصت إلى حديثه ولكن يمكنك أيضاً أن تدرس انفعالاته بنظرك إليه وتفهم حركات جسده لتدلّك على حماسه. ستسألني الآن ماذا أفعل وليس لديّ صديق؟ هل أجلسُ وحيداً على حافةِ مقعدٍ عتيق أقلّب بقلبي الفارغ؟.

بالتأكيد لا لأن صديقك الحقيقي سيكون المذياع. جرّب أن تأخذ لفة مع الراديو سيكون خير مؤنس وصديق حيث تفهم مشاعر المتحدث فيه من تفاوت طبقاتِ الصوت. واختلاف النبرات وتشعر بأن المذيع صديقُ دربك فتتخيل ملامحه وطريقة حديثه حتى لو أنك لم تره يوماً وبالتالي علينا جميعاً قول شكراً لغوليلمو ماركوني الإيطالي الذي آنس وحدة العالم في عام ١٩٨٥ من خلال اختراع الراديو.

الراديو بين الماضي والحاضر

تربع الراديو على عرش وسائط الإعلام في الماضي، هوَ الوسيلة الوحيدة لسماعِ الأخبارِ حول العالم وبدأ بالتطور رويداً رويداً لينقل التسلية أيضاً فانتشر تصميم البرامج الإذاعية الاجتماعية والثقافية والكوميدية الصوتية والأهم من ذلك كله أنّ الأغاني لم تعد مقتصرة على المسارح وقاعات الحفلات وإنما يمكنك أن تسمعها عن بعد وكأنك في الحفل تماماً.

عزيزي القارئ أنت تشعر الآن بأن ما أقوله تقليدي جداً ولكن في الماضي كان الراديو حديث العصر وأعظم الاختراعات وهذا هو فرق الراديو بين الماضي والحاضر فالراديو الآن متاح وموجود ولستَ بحاجة لدفع الكثير من المال مقابل سماعه إنك فقط تحتاج لسماعاتِ رأس رخيصة الثمن تلعب دور لاقط الإشارة وتتعرف على مئات القنوات من خلالها على أقل تقدير بينما الراديو في الماضي كان جهاز ضخم ويشغل حيزاً لا بأس به من طاولةِ غرفتك، ومع التطور في الحاضر تقلص حتى صار بحجم الكف وتم إدخاله إلى جميع وسائط الإعلام كيف ذلك؟.

في الحاضر أصبح الراديو متاح على الهواتف المحمولة والتلفاز بالإضافة إلى مسجلات السيارات وأيضًا مشغلات mp3 والأغرب من ذلك كله أن الراديو متاح في أجهزة الإضاءة الاحتياطية (الشاحن) على اعتبار أنه أسهل وسيلة للتسلية والأرخص ثمناً.

فوائد الراديو

  • معرفة ما يدور حول العالم من أحداث بأبسط الإمكانيات، فلستَ مضطر لشراء لجهاز راديو كبير فهذا كان في الماضي إنك الآن بحاجة هاتفك المحمول وسماعات الأذن فقط لتظهر لديك العديد من القنوات الإذاعية.
  • سماع البرامج بمختلف المجالات أينما كنت في سيارتك في المقهى وإن كنت تشرب قهوة الصباح أو تمارس التمارين الرياضية مثلاً.
  • سماع أغانيك المفضلة، أتدرك الجميل في هذه الفائدة؟ يمكنك سماعُ أغانٍ لم تسمعها منذ زمن فتظهر لك صدفةً بين القنوات ولا أستطيع وصف جمال شعور الانسجام حينها.
  • الراديو في الماضي كان أداة تقليدية موجودة على زاوية أيّ طاولة في أي بين بينما في الحاضر هو قطعة ثمينة نادرة لذلك تعامل معاملة الأنتيكا وتباع بأماكن التحف الباهظة على اعتباره تراث عتيق كالغرامافون بالضبط.

الراديو في الماضي وخطر الانقراض في الحاضر

لا يمكن للراديو أن ينقرض بتاتاً، كيف يستطيعُ الكفيف أن يستمتع بوسائط الإعلام من غير الراديو؟ كيف يمكننا أن نغذي الخيال لدينا إن انقرض الراديو؟ أتدرك أهمية أن تفهم شخص ما فهماً كاملاً وتصل لشعوره وحالته السلوكية فقط من خلال صوته. الراديو وسيلة للتواصل لا يمكن التفريط بها مطلقاً وكما نعلم أن الشيء المستخدم دائماً والمتجدد باستمرار لا يمكنه أن ينتهي وكذلك الأمر في الراديو في كل يومٍ تولد مئات المحطات الإذاعية الجديدة وتولد معها مئات البرامج الإذاعية وتبث آلاف الأغاني حول العالم فلا يمكن للراديو أن ينقرض على الرغم من وجود بدائل للراديو وصوتية مثله مسماة البودكاست.

هل قصّر الراديو في التواصل؟

إن جودة الراديو في التواصل مع المجتمع كالتلفازِ تماماً. حيث خصصت مساحة خاصة في كل قناة للتواصل مع الشباب والكبار وسماع مشاكلهم أو مناقشتهم بقضايا مختلفة بهدف إيجاد حلول والرقي بمجتمع أفضل كما فعلت برامج الصباح على التلفاز تماما ولكن الفرق صورة.

أتدرك أن المحطات الإذاعية طورت نفسها في الحاضر أكثر من الماضي. حيث أنها حجزت لنفسها شاغراً على التلفاز أيضاً فأسست قنوات تلفزيونية تبث البرامج الإذاعية ذاتها.

البودكاست راديو من نوع آخر

ظهر في الآونة الأخيرة صناع لمحتوى الفيديو وتكاثروا بشدة مما دفع المبدعين في العالم لابتكار وسائل جديدة يوصلون بها رسالتهم ويتواصلون مع المجتمع ومن ضمن هذه المبتكرات البودكاست وهو فكرة شبيهة بالإذاعة ولكن بدل البث المباشر تكون مسجلة مسبقاً. ويمكنك العودة إلى الحلقات متى شئت بالإضافة إلى عدم وجود مواعيد محددة للمقاطع الصوتية. هذا يعني البودكاست هو برامج إذاعية صوتية مسجلة مسبقاً وقابلة للاستعادة.

وبالتالي نرى أن الراديو بين الماضي والحاضر زاد تطوراً وكفاءةً ومتعة وبالتالي هو غير قابل للانقراض مطلقاً.

تابع ملهمون لعلك تكون ملهماً يوماً ما.
قد يعجبك ايضا