في الوقت الذي قد يستغرق في بعضنا بالتفكير حول مواقف محددة تواجههم في حياتهم اليومية، نجد أنّ هنالك عددًا من الأشخاص يعانون من الإفراط في التفكير بأبسط الأشياء. فالأشخاص المصابون بالتفكير الزائد المزمن غالبًا ما يستعيدون في رؤوسهم المشاهد والأحاديث التي قاموا بها في الوقت السابق، أو يقومون بالتشكيك بكلّ قرار يتخذونه. أو حتى يقومون بتخيّل نتائج كارثية لكلّ شيء طوال اليوم وفي جميع الأيام! الإفراط في التفكير لا يتجلى بالكلمات فقط، فالأشخاص الذين يعانون من التفكير الزائد يستحضرون في عقولهم صورًا كارثية كذلك من نسج مخيّلتهم.
إن عقلهم أشبه بفيلم سينمائيّ تنحدر فيه سيّارتهم مثلاً من على حافة أو يستمرّون فيه بالتفكير بإفراط في أحداث سيئة مرّوا بها مرارًا وتكرارًا. ربما لا ترى بأنّ الإفراط في التفكير سيءٌ إلى هذه الدرجة، لكن إن كنت تعاني منه حقًا فأنت تعلم بالتأكيد كم هو مُتعب ومستنزفٌ للطاقة ومرهق للنفس.
لنتحدّث بتفصيل أكثر ضمن هذه المقالة عن مشكلة التفكير الزائد ولنتعرّف على أفضل الوسائل للتخلّص منها.
المحتويات
الإفراط في التفكير وأنماط التفكير المدمرة
ينطوي الإفراط في التفكير أو التفكير الزائد عادة على نمطين رئيسيين من التفكير المدمّر هما: التحسّر بالإضافة إلى القلق المستمرّ. يتجلّى التحسّر غالبًا على التفكير المتواصل بالماضي، وقد يحتوي أفكارًا مثل:
- ما كان يجب عليّ قول تلك الأشياء أثناء الاجتماع بالأمس، بالطبع الجميع يظن بأنّني غبي.
- كان الأفضل لي الاستمرار في مهنتي السابقة، لكنتُ الآن أكثر سعادة ممّا أنا عليه الآن.
أمّا بالنسبة للقلق المستمرّ، فهو يتجلى غالبًا على أفكار وتوقعات سلبية (وفي بعض الأحيان كارثية) حول المستقبل. فنجدُ أفكارًا مثل:
- أعلم أنّي سوف أقوم بإحراج نفسي في الغد حينما أقوم بتقديم هذا العرض. سوف أنسى كلّ شيء يجب عليّ قوله.
- سوف يحصل جميع زملائي على الترقيات قبلي.
- أعلم بأنني لا أملك أبدًا المال الكافي للتقاعد. سوف أُصاب بالمرض، ولن أستطيع المتابعة في العمل، ولن يكون لديّ المال اللازم.
أضرار الإفراط في التفكير
بالتأكيد، إن الاستمرار في التفكير الزائد سوف يُؤثر عليك بشكل سلبي، ليس فقط التأثير على صحتّك الذهنية، ولكن كذلك على صحّتك الجسدية والعاطفية. فالحزن والاكتئاب، ليست النتائج الوحيدة لعملية الإفراط في التفكير، إذ أنّ له أضرارًا غيرها كثيرة تؤثر على جميع نواحي حياتك. فيما يلي بعض هذه الأضرار:
تفكير أكثر يعني حياة أقصر
وفقًا لدراسة تم إجراؤها في كليّة هارفارد الطبية على مجموعة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و70 سنة، وكذلك بين المعمّرين الذين تزيد أعمارهم عن مئة سنة، تبيّن أنّ الأشخاص الذين توفّوا في أعمار أصغر كان لديهم نسبة أقلّ من البروتينات التي تهدّئ الدماغ. الإفراط في التفكير يقوم بإرهاق الدماغ، ويؤدّي نتيجة لذلك إلى إفراز هذا البروتين. ذلك لا يعني أنّك سوف تموت في سنّ الثلاثين إن كنت من الأشخاص أصحاب التفكير الزائد، لكنه بالتأكيد سوف يؤثر بشكل سلبي على الدماغ ويؤدي كذلك إلى مشاكل وأمراض ربما تتسبّب بالوفاة.
ساعات نوم أقل
ربما لا تستطيع في بعض الأحيان السيطرة على مشاعر القلق والتفكير التي تنتابك في الساعات المتأخرة من الليل. وهو ما يجعل جسمك نتيجة لذلك يخرج من حالة الراحة والاسترخاء التي يكون بها ليصبح أكثر تيقّظًا. إن هذا بالتأكيد يعني ساعات نومٍ أقلّ بالإضافة إلى نوعية نومٍ أسوأ، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى الشعور المستمر بالتعب والإجهاد.
زيادة فرص الإصابة بالأمراض العقلية
من أهمّ أضرار الإفراط في التفكير، ارتفاع خطر الإصابة بالأمراض وخاصّة العقلية منها مثل القلق المزمن، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة أو اضطراب الشخصية الحدية. باختصار، إن الإفراط في التفكير يؤدي إلى الإصابة بالكثير من المشاكل والاضطرابات العقلية التي تسبب بدورها المزيد من التفكير الزائد لتجد نفسك في حلقة مفرغة لا مفرّ منها.
اضطرابات الشهية
إن كنت تفرط في التفكير، فسوف تجد نفسك غير راغب في تناول الطعام، أو في الحالات الأكثر شهرةً، قد تفرط في الأكل في محاولة للتخفيف من التوتر والإفراط في التفكير. هذه الاضطرابات والتذبذبات في الشهية تسبب في الكثير من الأحيان العديد من المشاكل الصحية والجسدية.
تراجع الإبداعية والابتكار
على خلاف ما قد تظنه من أنّ الإفراط في التفكير سوف يساعدك على إيجاد حلول أفضل لمشاكلك. فإنّه في الحقيقة يقوم بالتقليل من القدرات الإبداعية لديك. ويجعل من عملية البحث عن الحلول تحديًّا صعبًا، بل وحتى الابتكار والخروج بأفكار جديدة في عملك سوف يصبح أصعب.
كيفية التخلّص من الإفراط في التفكير
إن كنت من الأشخاص الذين يفرطون في التفكير، فأنت بالطبع تدرك ذلك. وربما السبب في أنّك تقوم بقراءة هذا المقال الآن هو رغبتك في معرفة كيفية التخلص من التفكير الزائد والتغلب عليه. في البداية وقبل كلّ شيء عليك أن تعرف بأنّ التفكير الزائد ليس إلّا عادةً…لكنّه عادة سيئة عليك أن تتخلص منها. الأمر ليس سهلاً بالتأكيد، لكن مع التمرين المتواصل سوف تتمكّن من تدريب عقلك على التفكير بشكل مختلف.
وفيما يلي بعض الوسائل الفعّالة للحدّ من التفكير المفرط أو التخلّص منه بشكل نهائي:
- مارس تمارين التأمل.
- قم بالتركيز على أولوياتك.
- انتبه لنفسك عندما تكون عالقًا في أفكارك.
- قم بالنظر والانتباه لطريقة استجابتك للأفكار.
- حاول أن تصرف انتباهك عن الإفراط في التفكير.
- قم بخطوات عمليّة لمحاولة التخلّص من التفكير الزائد.
- حاول الابتعاد عن التفكير السلبي وقم بتغيير طريقة تفكيرك.
في الختام، نرجو أن تكون مقالتنا هذه قد قدّمت لك كل المعلومات التي كنت تبحث عنها بخصوص الإفراط في التركيز وكيفية التغلب عليه، ونأمل بأن تتخلّص من هذه العادة السيئة لكي تستطيع التركيز على التفكير بأولوياتك وتحقّق النجاح المرجو.
تابع ملهمون فلعلك تكون ملهمًا يومًا ما.