جبرا ابراهيم جبرا

جبرا إبراهيم جبرا، اسم لطالما رُدد على مسامعنا، ما إن تم ذكر الإبداع والتأليف، شخص بغدادي استطاع ترك بصمة لا تمحى في تاريخ الأدب والنقد، لكن يا ترى ما هي قصته؟ وكيف حاز على هذه الشهرة الواسعة حتى تم ترديد اسمه إلى يومنا هذا؟ وما هو دوره في مجال الأدب؟ كل هذا سنتعرف عليه في مقالنا اليوم.

من هو جبرا ابراهيم جبرا

جبرا إبراهيم جبرا إنه الناقد والمبدع والمؤلف، فلسطيني ولد في عام 1920 في بيت لحم في عهد الانتداب البريطاني. ثم استقر في العراق بعد حرب 1948، ومن ناحية العمل عمل بالتدريس في جامعة بغداد. في عام 1952م نال زمالة مؤسسة روكفلر في العلوم الإنسانية للأدب الإنجليزي في جامعة هارفارد. وبسبب ذلك بدا شديد التأثر بالثقافة الإنكليزية حتى إنه كتب الأدب والنقد باللغة الإنكليزية. وبعد نكبة فلسطين فتحت عينيه على واقع أمته المتخلف فبدأ البحث عن أسباب تخلفها وهزيمتها، توفي جبرا إبراهيم جبرا في عام 1994.

جبرا إبراهيم جبرا
الناقد جبرا إبراهيم جبرا

جبرا كمبدع وناقد

يعد جبرا إبراهيم من النقاد الذين تركوا في أعمالهم كثير من أمثلة المزج بين النشاط الإبداعي بالنشاط الفكري والنقدي، ونلحظ وجود كثيراً من أفكاره النقدية في رواياته، وذلك من خلال تغلغل اللغة الشعرية وبصمتها في لغته النقدية، بعبارة أخرى نجد أن جبرا إبراهيم جبرا مدركاً لضرورة التداخل بين الإبداع والنقد.

فترك في نقده حديث عن تجربته الإبداعية فيفيد النقاد في دراسة أدبه، من جانب آخر أكد أن عملية إبداع الرواية فعلٌ تتداخل فيه الأفكار والأحلام والأخيلة، فالعلاقة بين الإبداع والنقد علاقة تكافل وتبادل، وهي علاقة دقيقة.

جبرا وعملية الإبداع

ما يريده جبرا أن يبقى للكلمة وهجها، فهي الوسيلة لإعادة النظر في التجربة الإنسانية كلها، وبهذا تصبح الكتابة أكثر من ضرورة ، فالكتابة له نوع من العزلة لا بُدَّ منها عن تجربة العالم، ليقدم شيئاً متفرداً حديداً.

وهي عملية استقصاء للذات والذهن، للتجربة التي تدفعه إليها قوى داخلية لا واعية، وبفضل خوضه معترك الإبداع والنقد حصلنا على تحديد دقيق لسمات الكتابة الإبداعية وحصلنا على وصف دقيق لأزمة المبدع الداخلية.

شروط الإبداع لديه

وضع جبرا للإبداع بعض الشروط، ومن ذلك بقاء الكاتب في قلب المعاناة. وغوصه في التجربة الحياتية؛ لأنها تزود الفنان بشحنات إبداعية. وذلك من خلال ضرورة تلازم هذه التجربة مع الهدوء والتأمل. وأضاف أن لا بد من الحلم في تكوين الفن؛ لأن بفضل الفن نستطيع أن نقيم صلة بين الحلم والواقع.

وكما ذكر قوة الخيال وقوة التركيز فمن خلالهم يستطيع الفنان أن يقوم بتجديد حس الحياة.

اللغة النقدية عنده

أولاً قال بضرورة المزاوجة بين النقد والإبداع. فهو يستعمل لتوضيح أفكاره النقدية لغة أدبية حافلة بالخيال والصور الفنية. فيبتعد بذلك عن لغة النقد الجافة. ثانياً الحاجة إلى تحرير الذهن من الجمود، الذي يسببه ركام القوالب. ثالثاُ لغته بسيطة دقيقة تعتمد العقل لا الخيال، وقد ظهر ذلك جليا في استخدامه المصطلح النقدي الدقيق، لهذا بيّن لنا كيف أخطأ رواد الحداثة في استخدامها الشعر الحديث(شعر التفعيلة، الشعر الحر، قصيدة النثر). رابعاً زاوج الكتابة الإبداعية والكتابة النقدية فجعل إحداها رافدة للأخرى.

عناصر الرواية بمنظوره

  1. الشخصية: يستوضح عبرها إحساسه بالوجود الإنساني، ولا بدّ للروائي أن يتعايش مع الشخصية متأملاً عوالمها الداخلية. بالإضافة إلى أنه بيّن أسس الشخصية الناجحة؛ فيجب أن تمتلك وعياً لتتميز وتستقل فتؤثر في مجتمعها.
  2. اللغة الروائية والحدث: يطالب بإعادة النظر (وتقويم اللغة الشعرية والقصصية معاً). التجارب الحياتية الجديدة لا بد أن تستدعي لغة جديدة. يريد من المبدع التعميم. بيّن قدرة اللغة الرمزيّة على تجسيد ما في أعماق الإنسان.
  3. الحوار والحدث: بيّن أهمية الحوار في بناء الحدث من خلاله. وأكد أن تغير أسلوب الحواى يكون تبعاً لتغير الشخصيات.

مساوئ الشعر الحديث عند جبرا

يعد جبرا من النقاد الذين وقفوا إلى صف الحداثة والشعراء المحدثين لكن لم يستطع أن يغفل عن بعض مساوئ الشعر الحديث، فرأى أن السطحية والابتذال تعد عيباً في الشعر الحديث، وأضاف التكرار فمن الشعراء الذين تورطوا فيه بدر شاكر السياب. ونظر لكثرة الكلام والثرثرة شيء يسيء لقيمة النص. ومن ذلك أيضاً حديثه عن الغموض ومن الشعراء الذين تكلّفوا الغموض ومنهم (أدونيس)؛ فقد نقد غموضه، فالغموض يقطع التواصل بين الشعر والمتلقي. والأهم من ذلك كله ذكره طول القصيدة غير المسوغ لعدم تقديم صور جديدة. ورأى بالخطابة والمباشرة تنازل عن رؤية الشاعر الذاتية. ولفت الانتباه إلى الخلط بين المصطلحات التي تتناول الشعر الحديث، وعلى سبيل المثال دمج الشعراء بين شعر التفعيلة والشعر الحر من خلال القافية والوزن.

بيان طريق العالمية للمبدع العربي

ففرض على الأديب أن يتمتع بصفات لصيقة تجعله كاشفاً ومؤثراً، لا بالنسبة إلى وطنه بل إلى الجزء الأكبر من الإنسانية.

ترجمة الأدب لكونه نافذة لفهم المجتمع. فنتيجة ترجمة الأقدم تقدم مادة لا تقدمها الآداب الأخرى، فالناس يرون فيه لاختلاف رقعته الجغرافية والبيئية إضافةً إلى تجربتهم وإغناءً لها.

أعماله

  • في الرواية:
    صراخ في ليل طويل
    صيادون في شارع ضيق وقد كُتبت بالإنجليزية
    رواية السفينة
    البحث عن وليد مسعود
    عالم بلا خرائط بالاشتراك مع عبد الرحمن منيف
    الغرف الأخرى
    يوميات سراب عفان
    شارع الأميرات
    عرق وبدايات من حرف الياء_مجموعة قصصية
    أيام العقاب
    الملك الشمس
    البئر الأولى_سيرة ذاتية
  • أما في الشعر فكتب:
    تموز في المدينة
    المدار المغلق
    لوعة الشمس
    متواليات شعرية : بعضها للطيف، وبعضها للجسد.
  • وفي الترجمة:
    هاملت لشكسبير
    ماكبث لشكسبير
    الملك لير لشكسبير
    عطيل لشكسبير
    العاصفة لشكسبير
    السونيتات، شكسبير
    برج بابل لأندريه مارو
    الأمير السعيد لأوسكار وايلد
    في انتظار غودو لصأمويل بيكيت
    الصخب والعنف لوليام فوكنر
  • أما في دراساته فكتب:
    ترويض النمرة
    ينابيع الرؤيا
    الحرية والطوفان
    الفن والحلم والفعل
    الفن المعاصر في العراق
    جذور الفن العراقي.
    تأملات في بنيان مرمري
    النار والجوهر
    الأسطورة والرمز
    الرحلة الثامنة
    رتبت أعماله النقدية في كتاب يحمل اسم “أقنعة الحقيقة.. أقنعة الخيال”

وفي الختام نلحظ كيف أسهم جبرا إبراهيم جبرا في إثراء الأدب وإضافة لغة دقيقة ورقيقة للنقد العربي واتباعه منهجاً مغايراً متميزاً به.

اقرأ أيضاً: أدب الفانتازيا.

ملهمون

تابع ملهمون فلعلك تكون ملهماً يوماً ما

قد يعجبك ايضا