تجلس في مكانك بهدوء، تُحاول استجماع كلّ ما بذهنك، تراجع معلوماتك، الأفكار الهامّة التي درستها وحفظتها من قبل، يبدأ الامتحان، السؤال الأول، تقرأ بتمعّن، ومن ثمّ تصرخ داخلك أنا في مأذق!!. تبدأ بعمليّة عصفٍ ذهنيٍّ لكلّ المعلومات الممكنة، والتي من الممكن حتى أن توصلك إلى رقم الصفحة التي تحوي على جواب السؤل، بل حتّى اللون الذي كُتب الجواب به في كتابك، لكن عبثًا، يبقى الجواب حلقةً ناقصةً الوصول إليها مستحيل!. هذا ما يدفعنا الآن للحديث عن علاج النسيان، إحدى أشيع المشكلات الذهنيّة على الإطلاق.
لكن انتبه، لن نتكلّم هنا عن وصفات سحريّة، ولا أدويةٍ وعقاقير تجعلك تذكر طفولتك بتفاصيلها، وإنّما طرق مدروسةٌ بعناية وتمّ إجراء أبحاث عدّة حول تأثيرها، تابع معنا لتحصل على هذه التفاصيل…..
المحتويات
أسباب النسيان
فيما يلي بعض الأسباب الأكثر شيوعًا التي تسبب فقدان الذاكرة:
- نقص التغذية: إنّ التغذية الجيدة (بما في ذلك البروتينات والدهون عالية الجودة) مهمّة لوظيفة الدماغ السليمة. حيث يمكن أن يؤثر النقص في فيتامين B1 و B12 تحديدًا على الذاكرة.
- إصابة الرأس: يمكن أن تؤدي الضربة الشديدة في الرأس (على سبيل المثال: السقوط أو حادث سيارة) إلى إصابة الدماغ وفقدان الذاكرة على المدى القصير والطويل. قد تتحسن الذاكرة تدريجيًا بمرور الوقت.
- الحرمان من النوم: إن كلًا من كمية ونوعية النوم يعتبران مهمّين للذاكرة. قلة النوم أو الاستيقاظ بشكل متكرر في الليل يمكن أن يؤدي إلى الإرهاق، الأمر الذي يتعارض مع القدرة على تجميع المعلومات واسترجاعها.
- الأدوية: يمكن لعدد من الوصفات الطبية والأدوية المتاحة دون وصفة طبية أن تتداخل مع تزايد معدلات النسيان. تشمل هذه الأدوية: مضادات الاكتئاب، مضادات الهيستامين، الأدوية المضادة للقلق، مرخيات العضلات، المهدئات، الحبوب المنومة، ومسكنات الألم التي تُعطى بعد الجراحة.
- فقدان الذاكرة الشامل العابر (TGA): تعتبر خسارة وجيزة في الذاكرة، وعادة ما تختفي من تلقاء نفسها ولا تسبب أي ضرر أو تحدث مرة أخرى. الأطباء ليسوا متأكدين بعد من سبب حدوثها. عند مراقبتك للحالة، ستلاحظ من حين لآخر جلطات صغيرة في الحُصين (منطقة الدماغ المرتبطة بتكوين الذاكرة).
- الاكتئاب والتوتر: يُمكن أن يؤدي الاكتئاب لصعوبة في الانتباه والتركيز، مما قد يؤثر على الذاكرة. يمكن أن يؤدي التوتر والقلق أيضًا إلى إعاقة التركيز. عندما تكون متوترًا ويكون عقلك مفرطًا أو مشتتًا، يمكن أن تتأثر قدرتك على التذكّر أيضًا. كما يؤدي الإجهاد الناجم عن الصدمة العاطفيّة إلى فقدان الذاكرة في كثير من الحالات.
- تعاطي الكحول، التبغ، أو المخدرات: يضر التدخين بالذاكرة عن طريق تقليل كمية الأكسجين التي تصل إلى الدماغ. أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يدخنون يجدون صعوبة في التعرّف على الأشخاص وتذكّر أسمائهم. يمكن للأدوية غير القانونية أن تغيّر المواد الكيميائية في الدماغ، والتي يمكن أن تجعل من الصعب تذكر الذكريات.
- السكتة الدماغية: تحدث السكتة الدماغية عندما يتوقف إمداد الدماغ بالدم بسبب انسداد أحد الأوعية الدموية التي توصل الدم إلى الدماغ أو تسرب الدم من أحدها. تسبب السكتات الدماغية فقدان الذاكرة على المدى القصير غالبًا. قد يكون لدى الشخص الذي أصيب بسكتة دماغية ذكريات حية عن أحداث الطفولة ولكن لا يمكنه تذكر ما تناوله على الغداء.
- الخرف: وهو اسم الفقدان التدريجي للذاكرة وجوانب أخرى من التفكير، والتي تكون شديدة بما يكفي للتدخل في القدرة على أداء الأنشطة اليومية. على الرغم من وجود العديد من أسباب الخرف (مثل أمراض الأوعية الدموية، تعاطي المخدرات، الكحول، أو أسباب أخرى لتلف الدماغ) فإن أكثر الأسباب شيوعًا هو مرض الزهايمر. يتميز داء الزهايمر بفقدان تدريجي لخلايا المخ واضطرابات أخرى في الدماغ.
أسباب أخرى: تشمل الأسباب المحتملة الأخرى لفقدان الذاكرة خمول أو فرط نشاط الغدة الدرقية، وتعاطي المخدرات بشكل غير قانوني، الالتهابات مثل فيروس نقص المناعة البشرية، السل، والزهري التي تؤثر على الدماغ.
تشخيص ضعف الذاكرة أو النسيان
لتقييم درجة النسيان لديك، سيأخذ طبيبك التاريخ الطبي، ويُجري فحصًا جسديًا (بما في ذلك الفحص العصبي)، ويطرح أسئلة لاختبار القدرة العقليّة لديك. اعتمادًا على النتائج، قد يشمل التقييم الإضافي اختبارات الدم والبول، اختبارات الأعصاب، اختبارات التصوير للدماغ مثل التصوير المقطعي المحوري (CAT)، أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).
قد يتم إرسالك أيضًا للاختبار العصبي النفسيّ، وهو عبارة عن مجموعة من الاختبارات التي تساعد في تحديد درجة ضعف الذاكرة.
احصل على معلومات مفصلة عن النسيان وفقدان الذاكرة.
علاج النسيان
يعتمد علاج فقدان الذاكرة على الأسباب. ففي كثير من الحالات، تكون هذه المشكلة قابلةً للعكس بالعلاج. على سبيل المثال، قد يتم علاج النسيان الذي تسبّبه الأدوية بتغيير الدواء. بينما يمكن أن تكون المكملات الغذائية مفيدة ضد فقدان الذاكرة الناجم عن نقص التغذية.
كما يكون علاج الاكتئاب مفيدًا للذاكرة عندما يكون الاكتئاب عاملاً مؤثرًا حسب تقييم الأطباء. في بعض الحالات (مثل أعقاب السكتة الدماغية) يساعد العلاج المرضى على تذكّر كيفية القيام بمهام معيّنة مثل المشي أو ربط الأحذية. في حالات أخرى، قد تتحسن الذاكرة بمرور الوقت.
قد تكون العلاجات خاصة أيضًا بالظروف المتعلقة بفقدان الذاكرة. على سبيل المثال، تتوفر الأدوية لعلاج مشاكل الذاكرة المتعلقة بمرض الزهايمر، ويمكن أن تساعد الأدوية الخافضة لضغط الدم في تقليل مخاطر حدوث المزيد من تلف الدماغ.
تعرّف أيضًا: ابتسامة هوليود وأشكالها المختلفة.
نصائح لـ علاج النسيان
إليك بعض النصائح التي من شأنها تحسين الذارة لديك، وعلاج مشكلة النسيان التي من الممكن أنّك تعاني منها:
1. الرياضة والنشاط البدني
يزيد النشاط البدني من تدفق الدم إلى كامل الجسم، بما في ذلك خلايا الدماغ. قد يساعد ذلك في الحفاظ على قوة ذاكرتك.
بالنسبة لمعظم البالغين الأصحاء، توصي وزارة الصحة والخدمات البشرية الأمريكية بممارسة التمارين الهوائية المعتدلة لمدة 150 دقيقة على الأقل في الأسبوع، مثل المشي السريع، أو 75 دقيقة في الأسبوع من الأنشطة الهوائية القويّة، مثل الركض، ويفضل أن يتم توزيعها على مدار الأسبوع. إذا لم يكن لديك وقت لممارسة التمارين الرياضية، فقم بالحفاظ على بضع دقائق من المشي لمدة 10 دقائق على مدار اليوم.
اقرأ ايضًا حول رياضة البيلاتس.
2. ابق نشطًا عقليًا
تمامًا كما يساعد النشاط البدني في الحفاظ على شكل جسمك، تساعد الأنشطة المحفزة عقليًا في الحفاظ على صحة عقلك، وقد تمنع فقدان الذاكرة. حلّ الألغاز المتقاطعة، اسلك طرقًا بديلة عند القيادة، تعلّم العزف على آلةٍ موسيقية، تطوّع في مدرسة محليّة أو منظمة مجتمعية.
3. كن منظمًا
من المرجح أن تنسى الأشياء إذا كان منزلك مزدحمًا وملاحظاتك في حالة من الفوضى. قم بتدوين المهام والمواعيد والأحداث الأخرى في دفتر ملاحظات خاص أو تقويم أو مخطط إلكتروني.
يمكنك حتى تكرار كل إدخال بصوت عالٍ أثناء تدوينه للمساعدة في ترسيخه في ذاكرتك. حافظ على قوائم المهام محدثة وقم بإلغاء تحديد العناصر التي أكملتها. خصّص مكانًا لمحفظتك ومفاتيحك ونظاراتك وغيرها من الضروريات.
قلّل من مصادر الإلهاء ولا تفعل الكثير من الأشياء في وقت واحد. إذا ركزت على المعلومات التي تحاول الاحتفاظ بها، فمن المرجح أن تتذكرها لاحقًا. قد يكون من المفيد أيضًا ربط ما تحاول الاحتفاظ به بأغنية مفضلة أو مفهوم مألوف آخر.
4. النوم جيدا
يلعب النوم دورًا مهمًا في مساعدتك على ترسيخ ذكرياتك، حتى تتمكن من تذكرها في المستقبل. اجعل الحصول على قسط كافٍ من النوم أولوية. يحتاج معظم البالغين من سبع إلى تسع ساعات من النوم يوميًا.
5. تناول نظامٍ غذائيٍّ صحيٍّ
قد يكون النظام الغذائي الصحي مفيدًا لعقلك كما هو مفيد لقلبك. تناول الفاكهة والخضروات والحبوب الكاملة. اختر مصادر البروتين قليلة الدسم، مثل الأسماك والفاصوليا والدواجن منزوعة الجلد. ما تشربه مهم أيضًا. يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول الكحوليات إلى الارتباك وفقدان الذاكرة. وكذلك الحال بالنسبة لتعاطي المخدرات.
6. إدارة الحالات المزمنة
اتبع توصيات طبيبك العلاجية للحالات الطبيّة، مثل الاكتئاب، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الكوليسترول، السكري، السمنة، وفقدان السمع. كلما اعتنيت بنفسك بشكل أفضل، كانت ذاكرتك أفضل على الأرجح. بالإضافة إلى ذلك، راجع الأدوية الخاصة بك مع طبيبك بانتظام. يمكن أن تؤثر الأدوية المختلفة على الذاكرة.
تعرّف على كافة المعلومات المتعلّقة بابتسامة هوليود الثلجية.
متى تطلب الاستشارة الطبيّة لـ علاج النسيان
إذا كنت قلقًا بشأن نسيان الأمور والمعلومات (خاصةً إذا كان فقدان الذاكرة يؤثر على قدرتك على إكمال أنشطتك اليومية المعتادة أو إذا لاحظت أن ذاكرتك تزداد سوءًا) فتحدّث إلى طبيبك. من المحتمل أن يقوم الطبيب بإجراء اختبار جسدي، بالإضافة إلى التحقّق من ذاكرتك ومهارات حلّ المشكلات لديك.
الجميع يُعاني من النسيان، لا تقلق فلست وحدك، حاول الاستفادة من النصائح السابقة مع الاهتمام بصحتك وغذائك، واهتمّ بتنظيم حياتك بشكل أكبر. في حال كنت طالبًا، ابتعد عمّا يشوّشك ويشغل بالك أثناء الدراسة، اهتمّ بالمعلومات المهمّة وركزها مع الابتعاد عن الحشو غير المهم. كُن ملهمًا لنا وأخبرنا بالطرق الفعالة التي جربتها أيضًا…