يختلط على المختصين بالأدب ونقده عناصر كل جنس أدبي، ومن ذلك عناصر القصة القصيرة بالترتيب؛ حيث تعد أحد الأجناس صعوبةً وتعقيداً من جهة حصرها بالكتابة، إلا أنها من أسلس الأنواع قراءةً للقارئ وفهماً. فتسطيع بها تدوين لقطات بشخصياتٍ قليلة ومعانٍ كثيرة، فبها تحما رسالة قريبة للمتلقي ووقعها، ففي مقال اليوم سنتعرف تعريفها وتاريخها مع عناصرها بالترتيب وفقاً للأهم والأساسي أكثر.
المحتويات
ما هي القصة القصيرة
تعرف القصة القصيرة غالباً، بأنها لقطة واحدة بشخصية واحدة، بموقف واحد وحبكة واحدة. فلا يصح القول بأن الرواية هي قصة طويلة وبالمقابل لا يصح أيضاً قولنا أن القصة القصيرة رواية مختصرة، فشتان بين الاثنين.
فهي عبارة عن عمل قصير يتوجه الخيال، بالإضافة لصدق الواقع، وتبرير الأفعال والشخصيات ولو بطريقةٍ غير مباشرة.
تاريخ القصة القصيرة
يقال أن القصة خُلقت من بدء الخلق، حيث وجودها يسبق وجود الكتابة.
والجدير بالذكر أن القصص التي كُتبت كان أقدمها بالخط المسماري، وعلى سبيل المثال ملحمة جلجامش التي نقشت بذلك الخط، ووجدت في بابل القديمة في الألفية الثانية قبل الميلاد.
عناصر القصة القصيرة بالترتيب
تعد القصة القصيرة كغيرها من الأجناس الأدبية، وذلك بحاجتها لعناصر أساسية. حيث تعكس نفسها من خلالهم، والآن سنبدأ بالعمود الأساسي والأكثر أهمية في القصة القصيرة، وهي:
الشخصيات في القصة القصيرة
وهم الأناس أو الأشياء التي اتخذت دور بطولة أو دوراً ثانوياً. والجدير بالذكر أن تلك الأدوار أو محور الشخصيات ليست بالضرورةً أن تكون إنساناً. حيث يمكن لنسرٍ أن يصبح بطل قصة أو يمكن لساعة أن تتخذ البطولة، وذلك يمكن تسميته أنسنة الأشياء.
وتنقسم الشخصيات إلى أنواع عدة:
أولاً الشخصية النامية وهي الشخصية التي تطور بتطور الأحداث. وتعكس بالأحداث تطورها، وفي الغالب ظهورها يأتي متأخراً فلا يقدمها القاص مباشرةً.
ثانياً المسطحة وهي ما احتوت على صفة واحدة، حيث لا تفيد ولا تطور إلا أنها تكون قريبة للقارئ وسهلة الفهم. فمن الممكن أن يجدها في صديقه أو أحد أقاربه.
ونأتي بعدها لذكر الشخصية الثانوية والرئيسة، ثم المتغيرة والثابتة، ثم السلبية والإيجابية، مع أنني أراهم جميعهم قد تفرعوا عن التقسيم الأساسي وهو ما ذكر أعلاه.
الصِّراع في القصة القصيرة
أو الدراما وهو ما عبر عن تصادُمٍ قد حصل بين الشخصيات، حيث يمكن تفريعه إلى فرعين، هما: أولاً الصِراع الداخليّ وهو ما كان في ذات الشخصية.
ثانياً الصِراع الخارجيّ وهو ما وجد بين شخصيّات القصّة جميعهم، أو ما كان تبعاً لحدثٍ يتعب الشخصية أو يرفعها، بالإضافة أنه يكون خارج عن سيطرتها.
الحبكة في القصة القصيرة
أو ذروة التأزم أو العقدة وتعد أحد أهم عناصر القصة القصيرة، وتوازي عنصر الشخصية في أهميتها. حيث تعني ذروة الأحداث، ومن ذلك اعتمادها على عنصر التشويق، فتشكل معه علاقة؛ فكلما زادت العقدة زاد عنصر التشويق، فتشابك الأحداث يأخذنا إلى نقطة يصعب تحديد ماذا سيحصل بعد ذلك.
الحدث
وهو من عناصر القصة القصيرة البارزة، حيث يتكون من مجموعة من الأفكار الجزئية التي تصب في الحدث الرئيسي، ويستعمل الكاتب عدة طرق لبناء الحدث، وهم:
أولاً الطريقة التقليديّة التي يستعملها القاصّ أو الكاتب وذلك ما يسمّى التدرج من المقدمة حتى نهاية القصة. ثانياً الطريقة الحديثة المبتكرة فيبدأ السرد من لحظة الحبكة والذروة، ثم يعود للوراء حتى البداية.
النسيج القصصيّ
والمقصود به الأسلوب اللغويّ أو أداة القاص التي يستطيع من خلالها تحقيق الهدف المطلوب، ويختلف بحسب الشخصيّات.
إذ من الواجب أن تتكون كلّ شخصيّة بأسلوب لغويّ خاصّ بها. فيعكس بذلك منطقة وواقعية الشخصيات، وبذلك تكون مقنعة أكثر.
وهذا النسيج يتكوّن من ثلاثة عناصر أساسيّة، هي: السَّرد الذي يهتمّ بالتكلم عن أحداث القصّة، وذلك سواء كانت أحداثاً حقيقيّة، أو خياليّة.
والحوار الذي يهدف لكَسر الرتابة، والملل في الأحداث. فجعلها واقعيّة أكثر. إلّا أنّه لا بُدّ من شروط له فيكون ملائماً للشخصيّات. كلٌّ شخصية بحَسب صفاتها، كما يجب أن يكون قصيراً وافياً، ويعبر عن أفكار شخصيّات القصّة بسرعة. وأخيراً الوصف فهو يُركّز على سرد ملامح البيئة الداخليّة، أو الخارجيّة للقصّة، وذلك باستعمال الأساليب البلاغية في اللغة العربية المختلفة مثل الاستعارة، والعناية بالألفاظ، وغيرها؛ وذلك لتحقيق الانسجام في النسيج القصصي.
إلّا أنّ هذا الوصف لا بُدّ من أن ينبع من رؤية الشخصيّات له، وليس من وجهة نظر الكاتب نفسه. فالهدف ليس تزيين النصّ الأدبيّ، ولا زيادة جماليّته. بل بالقَدر الذي يخدم فيه الأحداث، ويَبنيها في القصّة.
الخاتمة أو نهاية القصة
وتأتي بعد تأزم الأحداث، فهي كما يقال لحظة تنوير القصة. فهي الغاية التي كان يتجه عمل الكاتب نحوه، ومن الممكن أن تكون مقنعة أو غير مقنعة. ولكن قد تغيب النهاية عن القصة، فقد تسرد بعض النهايات بلا خاتمة. فيترك التأويل إلى القارئ، ولذلك فإن الخاتمة نوعان كما يلي:
نهاية مفتوحة وهي النهاية التي تستفز القارئ وتجعل من خياله مسرح، فتبقى القصة بلا خاتمة.
نهاية مغلقة وهي نهاية الأحداث بعد أن تكون قد بلغت قمتها بالاحتدام، إذ تكون محددة ولا تترك التفكر للقارئ، فتأتي لتسكت فضوله اتجاه تشابك الأحداث.
ما هي مميزات القصة القصيرة
لم يحدد النّقاد عدد معين لكلمات القصة، فالأهم أن تركز على موضوع واحد. والجدير بالذكر أن القصة القصيرة لديها عدد قليل من الشخصيات مع القليل من وصفها. فالقارئ هو من يكتشف معالم الشخصية من الأحداث لا من خلال الحديث عنها. وتتجه القصة لعنصر البدء والانتهاء فجأة. فهي تلتزم خط واحد وبطل واحد.
وفي الختام، لا مجال للشك أن القصة القصيرة هي أحد الأجناس الأدبية الأكثر متعة وقرب للقارئ. فيمكن لأيّ موقف أو كلمة أن تصنع قصة قصيرة، ويمكن لأي قارئ فحل أو مبتدئ أن يكتشفها ويقرأها. ولكن لا يمكن لأي كاتب أن يحترفها إلا باتباع عناصر القصة القصيرة بالترتيب.