بالتزامن مع النهضة العلميّة، وانتشار الأدوية المخصّصة لكلّ مرضٍ على حدىً، كان بحث الأطباء متمحورًا حول الآليّة العلاجيّة للدواء، دون النظر في احتماليّة تفاعله مع أدويةٍ أو مواد غذائيّة معيّنة، وهنا كانت الصدمة!!. التداخل الدوائيّ، مشكلةٌ شائعةٌ يعاني منها العديد من المرضى الذين يستخدمون أدويةً عدّة بسبب كثرة الأمراض التي يعانون منها، الأمر الذي حتّم عليهم تعاطيها لعلاج كل مرض على حدىً. عدا عن تداخل هذه الأدوية مع بعض الأطعمة أو المشروبات، ممّا زاد من هول المشكلة. لذا دعونا نتعرّف على التداخل الدوائي، ما هو؟، أسبابه؟، أشهر التداخلات الدوائية؟، وبعض النصائح التي يمكن من خلالها تجنبه أو التقليل من مخاطره، تابع معنا.
المحتويات
التداخل الدوائي
أولاً: ما هو التداخل الدوائي؟
تفاعل كيميائيّ غير مرغوب به، بين مادتين فعالتين لدوائين مختلفين، أو مع ببعض الأطعمة، الشراب، أو المكملات الغذائيّة. ينتج التداخل الدوائي عن تعاطي أنواع عدّة من الأدوية في وقت واحد، أو ترافق الدواء مع أطعمة معيّنة، وما ينجم عن ذلك من تداخل في بعض التأثيرات الدوائيّة، إمّا على شكل تضاعف في التأثير، أو إنقاصه، أو ظهور آثار جانبيّة أخرى.
ثانياً: أسباب التداخل الدوائي
يحدث التداخل الدوائي نتيجة عدة أسباب أو عوامل مؤهبة لحدوثه، نذكر منها :
- استخدام عدة أدوية دون استشارة طبية بالتالي عدم معرفة التداخلات الممكنة الحدوث.
- تناول دواء معين مع الطعام: مثل تداخل الدواء مع الأعشاب العلاجية والمنتجات التي تحتوي على فيتامينات، معادن، أو أحماض أمينيّة.
- تداخل الدواء مع الحالة الصحية للمريض: مثل استعمال الأقراص الدوائية التي تحتوي على مزيل للاحتقان “سودوإفدرين”، حيث قد تزيد هذه الأقراص من ضغط الدم، مما يشكل خطراً على مرضى الضغط. وكذلك العلاج بحاصرات بيتا لمرضى القلب أو ارتفاع ضغط الدم. ويؤثر أيضاَ في مرضى السكري، لأنّها تمنع ظهور علامات انخفاض السكر.
- تداخل دواء مع دواء: ومثال ذلك ما يحصل عند تناول أيّ من مضادات الحساسية التي تسبّب النعاس مع أيّ دواء منوّم؛ حيث يؤدي ذلك إلى زيادة الشعور بالنعاس، وبطء في ردات الفعل، وكذلك تداخل أدوية مانعة الحموضة، وأدوية مثبطة لمضخة البروتون، حيث ترتفع درجة حموضة المعدة، مما يقلّل امتصاص بعض الأدوية الأخرى التي يتناولها المريض مثل الكيتوكونازل، المستخدم في علاج التهاب الفطريات.
ثالثاً: أشهر التداخلات الدوائية
هناك عدة أنواع مختلفة من التفاعلات الدوائية التي يجب أن تكون على دراية بها. دعونا نستكشف كلًا منها بالتفصيل:
1. العقاقير
أحد الأمثلة على هذا هو التفاعل بين الوارفارين (الكومادين) “مضاد تخثر أو تجلط الدم”، وفلوكونازول (ديفلوكان) “وهو دواء مضاد للفطريات”. يمكن أن يؤدي تناول هذين العقارين معًا إلى زيادة خطيرة في النزيف.
يمكن لبعض مزيلات الاحتقان أيضًا، والتي يتناولها الأشخاص لعلاج نزلات البرد أن تزيد من ضغط الدم. هذا تفاعل دوائيّ خطير محتمل للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم (ارتفاع ضغط الدم).
مثال آخر هو الميتفورمين (دواء السكري) وأمراض الكلى. إذ يجب على الأشخاص المصابين بأمراض الكلى استخدام جرعة أقل من الميتفورمين أو عدم تناوله على الإطلاق. وذلك لأن الميتفورمين يمكن أن يتراكم في الكلى للأشخاص المصابين بهذا المرض، مما يزيد من مخاطر الآثار الجانبية الشديدة.
2. العلاج الدوائي بدون وصفة طبية
يتمثل في رد الفعل بين الدواء والعلاج المتناول دون وصفة طبية. تشمل هذه الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية (OTC)، الأعشاب، الفيتامينات، أو المكملات الغذائية.
مثال هذا النوع من التفاعل: مدر للبول “دواء يحاول تخليص الجسم من الماء الزائد والملح” والإيبوبروفين (أدفيل). قد يقلّل الإيبوبروفين من فعالية مدر البول لأنّه غالبًا ما يجعل الجسم يحتفظ بالملح والسوائل.
3. العقاقير والغذاء
يحدث هذا عندما يغيّر تناول الطعام أو المشروبات من تأثير الدواء.
على سبيل المثال، يمكن لبعض العقاقير المخفضة للكوليسترول (المستخدمة لعلاج ارتفاع الكوليسترول) أن تتفاعل مع عصير الجريب فروت. إذا كان الشخص الذي يتناول أحد هذه العقاقير المخفضة للكوليسترول يشرب الكثير من عصير الجريب فروت، فقد يحتفظ الجسم بتراكيز عاليةٍ من الدواء، مما يزيد من خطر التعرّض لتلف الكبد أو الفشل الكلوي.
من النتائج الأخرى المحتملة، التفاعل بين الستاتين والجريب فروت، وهو انحلال الربيدات. يحدث هذا عندما تنهار العضلات الهيكلية، مما يؤدي إلى إطلاق بروتين يسمى الميوجلوبين في الدم. حيث يعمل الميوجلوبين على إتلاف الكلى.
4. المخدرات والكحول
يجب عدم تناول بعض الأدوية بشكل مرافق للكحوليات، ففي كثير من الأحيان، يؤدي الجمع بين هذه الأدوية والكحول إلى التعب وردود الفعل المتأخرة والكسولة. يمكن أن يزيد هذا التداخل الدوائيّ أيضًا من خطر تعرضك لآثار جانبية سلبيّة.
رابعاً:نصائح تساعد على تجنب التداخل الدوائي
- تجنب استخدام الأدوية دون وجود وصفة طبية من قبل طبيب مختص.
- إخبار الطبيب المختص أو الصيدلاني عن الأمراض السابقة والأدوية المستخدمة حالياً.
- معرفة طريقة استخدام الدواء، وكيفية تناوله، وما الأغذية أو المشروبات التي ينبغي تجنّبها عند أخذ هذا الدواء، ومدى سلامة تناول هذا الدواء مع دواء آخر يتناوله المريض.
- الالتزام بتناول الدواء وفق إرشادات الطبيب.
- قراءة المعلومات والإرشادات المرفقة مع الدواء فهي تحتوي على معلومات مهمة عن تداخلات دوائية محتملة.
- إخبار الطبيب في حال حدوث أيّ آثار جانبية مزعجة أو مستمرة.
يُعتبر الالتزام بهذه النصائح ضروريًا لتجنّب المخاطر الناجمة عن تداخل الأدوية، والتي من الممكن أن تودي بحياتك في حال لم يتمّ إسعافك أو التداخل الطبيّ بالسرعة القصوى. يُمكن أن ينجم عن التداخل الدوائي أيضًا مشاكل أخرى طويلة الأمد، كالعقم، العمى، أو الشلل الجزئي، لذاا ننصحك بعدم التهاون في مثل هذا الأمر.
تابع ملهمون فلعلك تكون ملهماً يوماً ما.