الوعي واللاوعي ماهما وما الفرق بينهما؟

هل شغلت بالك فكرةٌ معينةٌ فترةً من الزمن ثم نسيتها، وفجأة وبعد مرور وقت طويل عادت لتشغل بالك من جديد دون سابق إنذار؟. ترى أين ذهبت هذه الفكرة؟ وكيف عادت بعد أن نسيتها أو تناستها؟. هل تمنّيت أمرًا بشدة ورغبت أن تحصل عليه ولكن ظروفك منعت تحقق ذلك. وعندما خلدت إلى النوم حلمت بأنك حصلت عليه. وعشت التجربة كما لو أنها حدثت معك بالفعل في الواقع لا الأحلام؟. إنه ببساطة يا صديقي ما يطلق عليه علماء النفس اللاوعي. فما هو الوعي وما هو اللاوعي وما الفرق بينهما؟، تابع معنا لنتعرّف على كافّة التفاصيل….

إقرأ أيضا:اضطراب الوسواس القهري ما هي الأسباب وطرق العلاج

ما هو الوعي

يرتبط الوعي بشكل عام بإدراك الأشياء عن طريق الحواس. فهو يتعلق بكلّ ما يأتي عن طريقها وما يتبعها من أشياء وأمور داخلية وخارجية، مثل الذاكرة والخيال. وإن أرقى درجات الوعي هي العقل وإدراك الأمور بطريقة منطقية وصحيحة. وهذا ما جعل الوعي بمثابة صفةٍ فاصلةٍ بين الإنسان والحيوان ولا سيما الوعي بالعقل لكون بقية الصفات قد يشترك بها الاثنان معاً. كالتنفس والنظر والسمع وغيرها. وقد اهتم الفلاسفة منذ القدم ولا سيما الفلاسفة اليونانيون بدراسة النفس البشرية. وركزوا في دراستهم هذه على صفة الوعي وبدؤوا دراستهم هذه بالله عزّ وجل حيث قالوا في دراستهم أن الله تعالى حيٌّ وله عقل، وكذلك له روح.

ولذلك فإنه جلّ جلاله يمتلك الوعي الكامل في أرقى وأرفع درجاته. ثم رأوا أن الإنسان له روح وحياة يحياها على سجيته. لذلك فإنه يمتلك الوعي وأن هدف الوعي عند الإنسان هو المحافظة على حياته وجعلها على نحو أفضل. فالوعي يعبر عن عملية الإدراك التي يصل إليها عقل الإنسان عن طريق التواصل مع محيطه مستخدماً حواسه الخمسة. وهذا الإدراك له مستويات متعددة منها:

  • العقلانية.
  • الإحساس بالذات الإنسانية.
  • الحكمة والحالة الشعورية وإدراك الذات.
  • وكذلك عملية الإدراك الحسي الذي يربط بين الفرد وبيئته.

وبذلك يعتبر الوعي محصلة المعارف والأفكار والتجارب التي ساعدت الفرد في تكوين مفاهيمه حول العالم من حوله.

الوعي واللاوعي
الوعي واللاوعي

ما هي أنواع الفكر الواعي

للوعي أنواع متنوعة بتنوع غاياته ومقاصده وهي:

  • الوعي التأملي: وهو يحدث عندما يقوم الفرد بممارسة أنشطة ذهنية تحتاج إلى الكثير من التركيز ومستوى عال من الذكاء. إذ إنه يتطلب حضوراً ذِهْنِيًّا وذاكرة قوية.
  • الوعي التلقائي: يعتبر هذا الوعي أساس الأنشطة التي يقوم بها الإنسان في حياته اليومية. ولا يتطلب هذا النوع من الوعي حضوراً ذِهْنِيًّا عالياً أو ذكاءً وقاداً كما إنه لا يعد عَائِقًا أمام مزاولة أي نشاط.
  • الوعي الحدسي: يعد هذا النوع من الوعي مباشراً وفجائياً. لا يستدل عليه بل إنه يجعل الفرد يدرك العلاقات أو الأشياء والمعرفة بشكل مباشر دون وجود أي دليل ملموس على سبب حدوث هذه المعرفة.
  • الوعي الأخلاقي: يرتبط هذا النوع من الوعي بحس المسؤولية تجاه الفرد والآخرين وهذا النوع من الوعي هو الذي يدفع الفرد إلى إصدار أحكام أخلاقية. وتقييم سلوك الأفراد ومدى قبول الأشياء أو رفضها انطلاقاً من القناعات الأخلاقية للفرد.

ماهو اللاوعي

يعد اللاوعي من صفات الجمادات، حيث أنها لا تمتلك عقلاً تفكر به أو روحاً أو حتى حَوَاسّ لذلك فهو يعتبر صفة الجمادات. ولقد توصل علماء النفس القدامى إلى أن صفة اللاوعي لا تقتصر على الجمادات فقط. بل إنها موجودة في النفس الإنسانية. وإلى حد ما فإن اللاوعي يدل على ما يقابل الوعي. ومن أمثلة ذلك اللاشعور الذي يعد سلوكاً واعياً. وترى مدرسة التحليل النفسي أن اللاوعي هو المنطق السيكولوجي الذي يمكن من خلاله فهم سلوكيات الفرد سواءً كانت طبيعية أو شاذة.

الوعي واللاوعي
الوعي واللاوعي

بعض الآراء الفلسفية في الوعي واللاوعي

إليك أهمّ الآراء الفلسفيّة لأشهر علماء النفس على مرّ العصور:

فرويد: عندما نتحدث عن الوعي واللاوعي فإن أولا ما يتبادر إلى أذهاننا رأي فرويد فيهما. إذ إن فرويد ميز بين حقيقة سلوك الفرد وفعلية السلوك. كما ويرى فرويد أن حقيقة السلوك معناها المدلول الحقيقي للسلوك. أي الجانب غير الظاهر والعقدة الخفية التي تقف وراء سلوك الفرد. أما فعلية السلوك فتعني الأفعال الطبيعية التي يقوم بها الفرد وتكون ظاهرة للجميع.

وقد اعتمد فرويد على نظرية الاحلام المؤدية إلى الوعي فالاحلام كما يرى فرويد لا يراها الانسان عن طريق الصدفة بل هي على صلة وثيقة بالوعي ويرى فرويد ان حدوث الأحلام سببه عملية التداعي الحر. وهي إحدى الطرائق التي اكتشفها فرويد لمعالجة المرضى النفسيين. ولتقوية العلاقة بينه وبين مرضاه. لقد كان فرويد يطلب من المريض أن يتحدث عن كل الاشياء التي تجول في خاطره. أياً كانت طبيعتها من دون قيد أو شرط سواءً كانت سرية أو محرجة أو عادية أو مؤلمة أو تافهة حتى. وبذلك يستطيع فرويد اكتشاف الكثير من الامور النفسية التي أدت بالمريض إلى حالته هذه.

كارل يونج: لقد بين كارل يونج في دراسته التي قام بها عن الرابط بين الوعي واللاوعي أنه حين تغيب فكرة معينة عن ذهن الفرد. فإن هذا لا يعني إطلاقاً أنه فقد هذه الفكرة. بل إن هذه الفكرة قد انتقلت من نطاق الوعي إلى نطاق اللاوعي. وإن هذه الفكرة ذاتها تعود إلى ساحة الوعي حين تسمح لها الفرصة بذلك.
بينما الأحلام فهي لغة اللاوعي التي لا تظهر بصورة واقعية. بل تظهر على شكل رموز في الاحلام سواءً كانت مشاعر أو أفكارا. ويمكن القول بأن الصورة اللاواعية لأي حدث أو فكرة تظهر عند الإنسان على شكل أحلام.

ويرى يونج بأن الأحلام هي أفضل صديق يقدم النصح للإنسان. إذ يعبر عن أشياء وأمور محددة قد تحدث في المستقبل. وبالتالي فإنها مصدر للمعلومة الصحيحة. أي أن الأحلام تقدم للإنسان النصح. ويقول يونج بأنه نصح نفسه عن طريق الحلم.

الوعي واللاوعي
الوعي واللاوعي

ما هي العلاقة بين الوعي واللاوعي

في الواقع إن هناك تناقضاً حقيقياً بين الوعي واللاوعي. ومع ذلك فإن ثمة صلة وثيقة بينهما حيث أن كليهما يرتبطان بقوة بحاجة الإنسان وأحلامه. فإذا كان الوعي يمثل لدى الإنسان اليقظة والشعور. فإنه أيضاً يقوم بتنفيذ أحلام الإنسان المكبوتة في اللاوعي. وذلك من خلال تحقيق الإنسان أحلامه وأهدافه التي يتمنى تحقيقها ويفكر فيها بشكل دائم في اللاوعي.

وأخيراً يمكننا القول أنه الأحداث التي يمرّ بها الإنسان والخبرات التي يكتسبها خلال حياته تبقى مختزنةً إما في وعيه حيث يستخدمها يومياً أو مخبأة في اللاوعي فيستدعيها من خزائن ذاكرته عند الحاجة إليها.

إقرأ أيضا النقد الذاتي وأهميته في بناء الفرد والمجتمع

    تابع ملهمون فلعلك تكون ملهماً يوماً ما.

قد يعجبك ايضا