كانت أمي تقطعُ رأسَ السمكة وذيلها، وعندما كبرت وتزوجت أصبحتُ قبل الطهي أقطعُ رأس السمكة وذيلها ولكن في أحد المرات سألتني ابنتي، أمي لماذا لم تتركي السمكة كما هي؟ حقيقةً فكرتُ قبل جوابها كثيراً ولم أجد سوى: هكذا علمتني جدتك، فكبرت طفلتي وقلّدتني أيضًا ولكن عندما نقد زوجها هذا أخبرها بأن مقلاة الأجداد كانت صغيرة بخلاف مقلاتنا الآن وتابع: حماتي ساهمت في صناعة الأغبياء، قد شعرت ابنتي بالحرج من زوجها واعتقدت أنها تعلمت منّي الغباء ولكن لفت انتباهي في هذه القصة قوله فهل الغباء حقاً صناعة مفتعلة؟.
إن كنت تفكر الآن بجواب على هذا السؤال سأساعدك من بحث قمت به وتوصلتُ إلى نتائج عدة سأطرحها لك في هذا المقال لعلّي ألهمك لتصبح شخصًا أفضل.
المحتويات
هكذا تتم صناعة الأغبياء
قد أجرى مجموعة من الباحثين تجربة بعنوان “صناعة الأغبياء” على خمسة قرود. أفادت بالآتي:
وضعوا القرود الخمسة ضمن قفص يحوي على سلم وفي نهاية السلم قرون موز معلّقة. بديهياً سيحاول القرود الصعود إلى أعلى السلم للحصول على موز. ومن هنا انطلق تنفيذ التجربة فكلّما صعد أحدهم لأكلِ موزة يقوم الباحثون برشّ بقية القرود ماء. وبتكرار الرش أصبح القرود يمنعون أي أحد من الصعود للحصول على موز بضربه بشدة خوفاً من البلل.
في المرحلة التالية استبدل الباحثون قرداً من القرود بآخر. أي أنه أصبح فرد جديد لذلك عند نزوله إلى القفص توجه مباشرةً نحو السلّم ليصعد ويحصل على الموز ولكنه تفاجئ بوابلٍ من الضرب على رأسه على الرغم من عدم علمه لماذا بقية القرود تضربه ولكنّ عقله تبرمج على أنه ارتكب خطأ ما.
واستمر الباحثون بتبديل قرد آخر قديم بقرد جديد. وعند اقترابه من السلم يجتمع القرود على ضربه والغريب في الأمر أن القرد البديل الأول شارك في ضربه مع أنه لا يعلم السبب ولم يرش بالماء.
وبالتالي نستنتج بأنّ العادات متتالية ويورث صناعياً من فرد لآخر دون فهم أو إدراك ودون أدنى تفكير وهذا ما يسمى تجربة صناعة الأغبياء.
قوانين شيبولا في صناعة الأغبياء
يبدو أن موضوع الغباء أصبح مستفزاً بشكل كبير مما دفع الباحث كارلو شيبولا لوضع كتاب خاص بقوانين الغباء. وصنف الغباء على أنه قوة بشرية سريعة النمو والانتشار وبالتالي تشكل خطر على المجتمع. وخصيصاً أن الأغبياء يتركون المتاعب للآخرين حيثما تواجدوا دون أي هدف. وتحدث في كتابه عن خمسة قوانين خاصة بصناعة الأغبياء سنتناولها بالتفصيل.
قانون عدد الأغبياء
ستظن أن عدد الأغبياء من حولك قليل أو مقبول ولكنك حقيقةً محاط بأعداد هائلة من الأغبياء حيث إنك منطقياً تقيّم الغبي على درجته العلمية وسلوكه ولكن حقيقةً أنت مخطئ في تقييمك مخطئ جداً.
على سبيل المثال إن قررت الآن إنشاء مشروع ما فكرته مختلفة وتكسر النمطية وفعلياً لديك كافة مقومات القيام به ولكن صادفك أشخاص من محيطك ما أحبطوا فكرتك تماماً على فهم الرغم من مراتبهم العلمية العالية يصنفون ضمن قائمة “الأغبياء”.
ليس للغباء البشري صفات محددة
مهما كان عرقك وجنسك ولونك لا يحميك من كونك شخص مساهم في صناعة الغباء إن كان سلوكك غبي وأفكارك غبية. يعتبر هذا القانون متمم للقانون الأول ومرتبط به ارتباط وثيق جداً ويؤكد على أن الغباء موجود في كافة أنحاء العالم بالإضافة إلى وجوده حولك.
الشخص الغبي يسبب الخسارة دون كسب
يعتبر هذا القانون من أهم القوانين التي وضعها شيبولا. فعلى سبيل المثال إن كنت موظفاً في دائرة ما وعليك مهمة الإجابة على الهاتف واستقبال الشكوى من المواطنين بالله عليك ما الفائدة التي تحققها إن أبقيت سماعة مفتوحة بغرض عدم إزعاجك. أنت تعلم مسبقاً أن هذه ستكون مهمتك أساساً فكيف عليك التصرف بهذا الغباء؟.
غير الأغبياء يستهينون بالكارثة الناجمة عن صناعة الأغبياء
عزيزي القارئ أنت تتعامل مع الأغبياء بشكل يومي. وتستمر في التعامل معهم ولكنك لا تدرك حجم الكارثة التي يولدها هؤلاء الأغبياء. وضخامة الفجوة التي يصنعوها بغبائهم لذلك أنصحك بوضع حد لكل غبي وبهذا الأمر تكون مساهم في الحد من صناعة الأغبياء.
الغبي أكثر الأشخاص خطورةً على الكوكب
عزيزي القارئ ماذا تفعل إن اعترض لص ما طريقك؟. بالتأكيد يمكنك إخبار رجال الشرطة ثم ملاحقته وبالتالي وضعه خلف قضبان السجن. ومنه نستنتج أن اللص ذو غباء مجرد وواضح لذلك إن اللص بذاته أقل خطورة على المجتمع من الشخص ذو الغباء الخفي. وهو نفسه الشخص الذي تحدثنا عنه في البنود السابقة.
لماذا الغبي هو أخطر شخص في العالم؟. لأن الغبي لا يمكنك وضع الحدود له بينما المجرم واللص وغيره يمكنك ذلك.
أشياء نفعلها كل يوم تسهم في صناعة الأغبياء
- أنت تسمح لأطفالك كل يوم بمشاهدة أفلام الأطفال لساعاتٍ عدة. وتظن أنها ستساعده على نطق كلمات اللغة العربية الفصحى بشكل صحيح ولكن انتبه عزيزي القارئ أن بعض قنوات الأطفال ذات محتوى غير مناسب لتنمية مهارات الطفل وإنما تبرمج دماغه على العادات السيئة.
- أنت تقوم بأشياء عدة افتراضية مثل الإيمان بأرقام عدة للجذب أو قراءة معوذات معينة في كل يوم. فقط لأن أحدهم أقنعك بأن فعلها سيجعلك مليونيراً مثلاً. عزيزي لن تصبح مليونيراً إن لم تسعى لذلك بالعمل أو بالابتكار حيث إن الجلوس والقيام بتلك الطقوس لن يجعلك كما تحلم.
أردت من هذا المقال أن ألهمك على التفكير دوماً. إياك والقيام بأشياء اعتباطية فتصنف ضمن قائمة الأغبياء. قدر كل شيء تفعله وأنجز مهامك على أتم وجه ونمّ قدراتك أيضاً لتصبح قادراً على توجيه نفسك للأفضل في كلّ مرة وتبتعد عن قائمة صناعة الأغبياء.
اقرأ أيضا:لماذا يبكي الإنسان 5 أسباب للدموع