تاج محل | عندما يقف الكلام عاجزا أمام عظمة الحب

تاج محل ذلك المكان الذي ارتبط بالحب والجمال. ووقف شاهداً على قصة حبٍّ خالدة لم يبرد توهجها ولم تنطفئ جذوتها مع مرور الأيام. هو واحدٌ من عجائب الدنيا السبعة وقبلة السياح من جميع أرجاء المعمورة. وينتصب الصرح شامخاً في الهند ليروي لزواره وللناس جميعاً أن الإنسان حين يحب بصدق ويكون مخلصاً لمن يحبه فإنه يفعل المستحيل ليخلد ذكراه. وهذا ما قام به بالفعل الإمبراطور “شاه جهان”. وإليكم القصة الكاملة.

قصة بناء تاج محل

إن قصة تاج محل هي واحدة من أجمل القصص التي شهدها التاريخ وأكثرها صدقاً إذ إنها جسدت بحق كل معاني الوفاء والحب بإخلاص. وهذا يبدو جلياً وبوضوح تام لكل من أسعفه حظه السعيد في زيارة هذا الصرح العظيم “تاج محل.”

في الواقع بدأت الحكاية حين دق قلب الإمبراطور المغولي “شاه جهان” للمرة الأولى. وكان عمره آنذاك أربعة عشر عاماً. حين وقع في حب “أرجمان بانو بجيم” الأميرة الفارسية المسلمة. والتي أصبح اسمها بعد الزواج به الأميرة “ممتاز محل”. وذلك بعد مرور خمس سنوات من أول لقاء بينهما.

تزوج الإمبراطور والأميرة وعاشا قصة حب رائعة ورزق بأربعة عشر ولداً حيث كانت ولادتها لطفلها الأخير هي المحطة الأخيرة في حياتها. لقد ماتت الأميرة ممتاز محل بعد ولادتها بمدة قصيرة. وكانت وصيتها الأخيرة لزوجها “شاه جان” أن لا يتزوج بامرأة أخرى. وإن يخلد ذكرى حبهما للأبد ببناء ضريح رائع لا مثيل له. كانت صدمة الإمبراطور شاه خان عظيمة بوفاة زوجته التي أحبها حباً جمّاً وقد انقلب حاله بعد وفاتها حُزْنًا ولوعة على فراقها.
استمر على حزنه هذا أكثر من عامين. وفي عام ألف وستمئة وواحد وثلاثين بدأ الإمبراطور شاه جان بتنفيذ وصية زوجته في بناء ضريح لها. فاستدعى الرسامين والخطاطين والنحاتين والمعماريين من جميع أنحاء الإمبراطورية ومن إيران وآسيا الوسطى. كما وقد استمر بناء الصرح حوالي اثنين وعشرين عاماً حتى اكتمل ووصل إلى صورته الحالية.

وصف بناء الصرح العظيم

يعد تاج محل من أجمل المباني في العالم ويعود السبب في ذلك إلى البراعة في بنائه الذي جمع بين تفاصيله مزيجاً من فن العمارة الإسلامية والهندية والمغولية.

لقد بني بأكمله من الرخام الأبيض اللامع الذي تم إحضاره من مختلف أنحاء العالم. ويقع الضريح في مدينة أغره في الهند والتي سميت فيما بعد باسمه تيمناً بالصرح الخالد “تاج محل”.
حيث تم تشييده على أرض تبلغ مساحتها حوالي مئة وسبعين ألف متر مربع. يتفرد تاج محل عن غيره من الأبنية بفنه المتناغم ومزجه بين عدة أساليب معمارية والدمج السلس والمتناسق بين عناصره الزخرفية. حيث تزينه نقوش تاريخية وقرآنية كتبت باللغة العربية.

تاج محل

أقسام تاج محل

يتألف البناء من عدة أقسام كل قسم يعد إبداعاً بحد ذاته ومن أبرزها

  • البوابة: تعد بوابة الضريح القسم الرئيسي فيه وهي عبارة عن مبنى أبيض اللون يحوي ضريح الأميرة “ممتاز محل” وكذلك ضريح زوجها الإمبراطور شاه جان.أمام البوابة توجد بركة ماء تعكس صورة البوابة لتشكل لوحة فنية رائعة الجمال. وتأخذ البوابة شكل قوس مرتفع من الحجر الأسود نقشت عليه كتابات من آيات القرآن الكريم باللغة العربية. ويضم مبنى الضريح عدداً كبيراً من الغرف التي لا تستخدم لأي غرض ٍ محددا.
  • المسجد: يتربع المسجد في الجزء الغربي من تاج محل حيث تم بناؤه من الحجر الرملي الأحمر. ولكن ما زالت تقام فيه الصلاة إلى يومنا هذا حيث يقع بمواجهة القبلة في مكة المكرمة. في المسجد بوابة تدعى الإيوان وعلى جانبه قوسان يحوي كل منهما على ثلاث مآذن. تمت تغطيتها بالرخام الأبيض.
  • الحديقة: تمتد حديقة تاج محل من بوابة الضريح وحتى البوابة الرئيسية على مساحة حوالي ثلاثمئة متر مربع. تحتوي الحديقة على أشجار وأزهار متنوعة وقد تم تصميمها بالطريقة الفارسية لعمارة الحدائق. والتي تحاول تجسيد شكل الجنة.
  •  دار الاستراحة: ويطلق عليه أيضاً تسمية (بيت الضيوف). يقع هذه الدار في الناحية الشرقية من تاج محل وقد بني لإيجاد نوع من التوازن في البناء.
  • المنارات: في المبنى أربع منارات موزعة على زوايا القاعدة. وهي على شكل أبراج مرتفعة (مآذن) يصل ارتفاع كلٍّ منها إلى أربعين مِتْرًا. وتوزعها في هذه الطريقة يعطي المبنى شكلاً متناظراً يزيده تميزاً وجمالاً. وتتألف كل مئذنة من ثلاثة أقسام متساوية وشرفتين تحيطان بالمئذنة وفي أعلاها قبة لها شكل خيمة. وللمآذن الأربعة التصميم ذاته واللمسات الفنية ذاتها كالنهايات المذهبة واستخدام شكل زهرة اللوتس في النقوش. ومن الجدير ذكره أن هذه المآذن بنيت خارج حدود الضريح بحيث تسقط خارجه إذا حدثت هزة أرضية أو خلل معين.

 

صفات يتفرّد بها المبنى

في الواقع يتميز بمظهره ليلاً حيث يبدو تاج محل في الليالي المقمرة لوحة فنية فريدة في السحر والجمال. ومن ثم فإن الرخام الذي تم اختياره لبناء تاج محل يعكس ألواناً أخاذة عندما يسقط عليه ضوء القمر وهذا المشهد البديع لا يمكن رؤيته في تاج محل سوى في خمسة أيام من الشهر وهي يوم اكتمال القمر واليومين اللذين يسبقانه واليومين الذين يليانه… لذا يتهافت إليه السائحون من أنحاء الدنيا ولا سيما في الليالي التي يكتمل فيها القمر للاستمتاع بمشهده البديع هذا.

تاج محل

 السياحة إلى تاج محل

إن تاج محل هو واحد من أكثر المعالم السياحية في العالم جذباً للسياح من أنحاء الدنيا إذ تم تسميه كإحدى عجائب الدنيا السبعة وذلك بسبب عظمته وإبداع تصميمه. كما ويسمح للسائحين بزيارة تاج محل والاستمتاع بمشاهدته منذ شروق الشمس صباحاً وحتى غروبها إضافة إلى السماح بزيارته والاستمتاع بمشاهدته في الليالي المقمرة.

في الواقع فإن أفضل أشهر في السنة للسياحة إلى هناك هي شهرا شباط وتشرين الأول حيث يكون الطقس في هذين الشهرين معتدلاً إذ إن فصل الصيف في الهند شديد الحرارة ولا سيما في مدينة تاج محل كونها منطقة سهلية. ومع ذلك فإن شدة الحر لا تقلل من جمالية المكان إذ إن الحرارة المرتفعة تزيد من دفء الرخام الذي يغطي تاج محل وهذا يزيده جمالاً. أما في فصل الشتاء فإن الأمطار تزيد من شاعرية المكان. علاوة على ذلك ويستقبل محل سنوياً ملايين السياح من أرجاء العالم. ففي عام ألفين وخمسة عشر بلغ عدد السياح إلى الصرح حوالي 11مليون سائحاً. والذين بلغ إجمالي إنفاقهم في موقع الأثر خمسة وسبعين مُرُورًا أي ما يعادل سبعمئة وخمسين مليون دولاراً.

وهكذا نرى أن تاج محل قد استحق وبجدارة أن يكون واحداً من عجائب الدنيا السبع. وقد خلد قصة حب استمرت آلاف السنين وبقيت شاهدا على الحب الصادق النقي.

إقرأ أيضا سور الصين العظيم | حقائق ومعلومات

قد يعجبك ايضا