ما بيننا لا يُنسى، لا يمكن أن ينسى ثمّ أجهشت صديقتي بالبكاء، قد انفصلت عن الشاب الذي تحبّه ودامت العلاقة ثلاث سنوات قد كنت بقربها طوال فترةِ عراكها مع نفسها وظننتُ أنها انطفئت من الداخل ولن تعود كما عرفتها من قبل مطلقاً ولكن في أحد الصباحات بعد مضي فترة ليست طويلة فوجئت بعودتها أقوى مما كانت عليه، دفعتني المفاجئة لسؤالها كيف تجاوزتِ؟ فأجابتني وهي تصبّ قهوتها بكل هدوء: قد أنهيتُ مراحل الانفصال العاطفي.
دفعتني إجابتها للبحث واستنتجت أن الانفصال العاطفي حقاً له مراحل علمية مدروسة بدقة ولكن ما هي هذه المراحل؟ وكيف وُضعت؟ لنتعرف عليها الآن بالترتيب.
المحتويات
اكتشاف مراحل الانفصال العاطفي
درست الطبيبة إليزابيث روز الحالة النفسية للأشخاص بعد الخوض في تجربة الانفصال العاطفي. واستمرت بدراسة ذلك سنوات عديدة وتوصلت في نهاية الأمر على أن سيكولوجية الانفصال العاطفي عبارة عن دائرة تدور تبدأ بالانهيار وتنتهي بالصمود حيث إن المنفصل يعبر سبعة مراحل خلال رحلة الانفصال.
وتبنى هذه التغيرات السبعة على تبدلات هرمونية تختلف بالانتقال من مرحلة لأخرى خلال مراحل الانفصال العاطفي ولا يوجد لكل منها مدة معينة للانتهاء إنما بحسب الحالة النفسية للشخص ووعيه ودرجة تعلقه. ووضعت الطبيبة بحثها في كتاب الموت والاحتضار لنستعرض معاً المراحل السبعة المذكورة في الكتاب على الترتيب.
المرحلة الأولى: صدمة حدوث الانفصال العاطفي
في الوضع الاعتيادي لحياتنا إن واجهنا أي ظاهرة شاذة عن روتين يومنا نشعر بالمفاجئة والاستغراب فماذا عن فقد شخص اعتدنا عليه وبنينا على وجوده أمنيات وأحلام؟ سندخل بصدمة وعند الدخول بصدمةِ الفقد نكون قد بدأنا المرحلة الأولى من مراحل الانفصال العاطفي.
ليس لمرحلة الصدمة مدة معينة تحدد انتهائها وغالباً ما تكون قصيرة الأمد ويأتي عقب الصدمة مباشرةً مرحلة الإنكار وهي المرحلة الثانية من مراحل الانفصال العاطفي.
الإنكار ثاني مراحل الانفصال العاطفي
سأشبه هذه المرحلة بتشبيه بسيط جداً، إن حصلتَ على درجة ما في الامتحان وأنت تتوقع بحساباتك أنك ستجني أكثر فما أول كلمة ستتفوه بها عند سماعك لدرجتك الحقيقية؟. بالطبع ستقول: مستحيل أنا أستحقّ أكثر من ذلك وستستعيد بذاكرتك ما كتبته وتعيد جمع الدرجات. هذا يعني أنك أنكرت درجتك الحقيقية وحاولت إقناع نفسك أنك تستحق أكثر وتماماً ينطبق ذلك عند الانفصال فيصعب على المنفصل تصديق الفراق وكل هذا يسببه اضطراب عمل هرمونات السعادة والشدة الطارئة.
مرحلة الغضب
لا بدّ أنك مررت بهذه المرحلة من قبل ولكنك لم تستطع تفسيرها لذلك أود إخبارك معلومة طبية تقول أن الكورتيزول في هذه المرحلة يكون في أعلى مستوياته وتعتبر مرحلة الغضب المرحلة التالية للإنكار وهي أقصر مراحل الانفصال العاطفي وتعد رد فعل ناجم عن عدم وجود أي نتيجة للإنكار وعدم القدرة على تقبل ما حدث بسهولة وبالتالي تفجير جميع الطاقات الكامنة بالغضب وربما أشد أنواع الغضب الذي يلحق أضرار لذلك أنصحك بالابتعاد عن المنفصل في هذه المرحلة والاكتفاء بمراقبته من بعيد.
مرحلة التفاوض والمساومة أقسى مراحل الانفصال العاطفي
هي مرحلة خلل مستويات الدوبامين من الناحية العلمية ولكن من الناحية الشعورية سيفعل كل منفصل الآتي: يقدم جميع أنواع التنازل للحفاظ على هذه العلاقة حتى إن المنفصل في هذه المرحلة يقنع نفسه بأنه الطرف المسؤول عن كل ما حصل ويلقي اللوم كله على نفسه على الرغم من أنه الطرف الأكثر براءة في العلاقة. عليك التماسك قدر الإمكان في هذه المرحلة وكلما شعرت بأنك على وشك تقديم تنازلات اكتبها على دفتر ملاحظات حتى تفرغ طاقتك بالكتابة هذه ولكن إياك وإرسالها للطرف الآخر مهما كلفك الأمر.
الدخول في دوامة حزن
بعد الطاقة التي استنزفتها في المراحل السابقة ستصبح هرمونات السعادة لديك في أدنى حد لها. لذا ستدخل الآن في طور الراحة الذي يبدأ بالحزن فتجد نفسك منعزلاً عن المجتمع وغير قادر على التواصل. ستحبّ البكاء برفقة مشروبك المفضل وأغانيك في غرفتك وتشعر بأنك فارغ ووحيد جداً. ولكن بعد توازن الهرمونات واستعادة قواك ستبدأ الدخول في مرحلة التقبل والاتزان وهي المرحلة السادسة من مراحل الانفصال العاطفي.
الاتزان
عندما تبدأ الهرمونات بالعودة إلى مسارها الطبيعي ستدخل بمرحلة التوازن. وستكون قادراً على الموافقة بين ما تريد وما يجب عليك فعله. في هذه المرحلة ستتصف بالرزانة والهدوء كما لم تكن من قبل يوماً وستدرك أن التجربة التي مررت بها مفتاح نور لك لتصبح شخصاً أفضل ولتختار من يناسبك وستدرك أن الحب وحده ليس كافياً.
آخر مراحل الانفصال العاطفي: التقبل
وهنا ستبصر النور وستشرق شمسك من جديد وتعود لشرب كوب قهوتك في الصباح وقول: قد أنهيتُ مراحل الانفصال العاطفي. ستعلم بأنك حظيتَ على تجربة علّمتك مدى علو شأنك وفهمت من خلالها من أنت وماذا تحب وما الذي يناسبك.
اقرأ أيضاً: التخلص من العادات السيئة
افعل ذلك في مرحلة الانفصال
- إياك أن تشارك همومك على وسائل التواصل الاجتماعي في هذه الفترة لأنك ستضاعف كل مرحلة تمر بها أكثر.
- حاول أن تشغل وقتك بمتابعة أفلامك المفضلة وقراءة الكتب.
- أتدرك أن الحزن يزيد الإبداع؟ لذلك إن كنت تملك موهبة ما حاول تعزيزها في هذه المرحلة وإني أؤكد لك وصولك لمرحلة الإبداع لأنك تطورها بشعورك لا بخطوات محددة.
- خذ الأمر من الناحية المنطقية لتجد أن هذا الانفصال هو الأفضل لك.
وفي النهاية عليك الإيمان بنفسك حتى تصبح قادراً على التجاوز. والبدء من جديد لأن الحياة مستمرة وهي عبارة عن سلسلة اجتماعية من يذهب سيعوض. والبقاء للأكثر ثباتاً ففي بعض الأحيان تضطر للبتر حتى تنقذ ما بقي لك من نفسك. ربما ألهمناك في هذا المقال على تجاوز آلامك لذلك شارك هذه المعلومات لتلهم غيرك.
