بينما كان العالم يحتفل بعدم تسجيل أي حالات جديدة من فيروس كورونا مؤخرًا في العديد من البلدان، وتنفس الصعداء بعد أن أرهقت كاهله تلك الكارثة الصحية، برزت هناك مخاوف جديدة حول مرض جدري القردة الذي استيقظ من سباته الطويل فجأة. حيث تم تسجيل العديد من الإصابات بهذا الفيروس النادر حول العالم هذا الشهر. ولكن ماهو هذا المرض؟ وماهي أعراضه ومامدى خطورته؟ وهل يوجد له علاج؟ ستجدون الإجابة عن كل هذه الأسئلة وأكثر في هذا المقال.
المحتويات
ماهو مرض جدري القردة
جدري القردة هو مرض فيروسي ينشأ في الحيوانات ويمكن ان ينتقل للبشر عبر التماس مع الحيوانات المصابة. وينتمي هذا الفيروس لفصيلة الفيروسات الجدرية التي تضم أيضًا فيروس جدري البقر. وقد تم اكتشاف مرض جدري القردة لأول مرة لدى مجموعة من قردة الأبحاث عام 1958. ثم سُجلت أول حالة إصابة به عام 1970 لدي طفل في جمهورية الكونعو في إفريقيا، التي تعبر موطنًا للمرض. ويوجد سلالتين لهذا الفيروس الأولى هي سلالة الكونغو التي تسبب إصابة أشد ووفيات أكثر. وسلالة غرب إفريقيا التي تعتبر أقل خطورة من السلالة الأولى.
ويعتبر جدري القردة مرضًا نادرًا مستوطنًا في إفريقيا بشكل خاص. ولكن في عام 2003 تم تسجيل أول حالة إصابة بهذا الفيروس خارج إفريقيا في أمريكا إثر تماس مع كلاب البراري. وتلا ذلك حدوث 70 إصابة أخرى في أميركا. وفي عام 2017 حدثت جائحة جديدة في نيجيريا شملت 500 حالة مشتبه فيها و200 إصابة مؤكدة. ثم هدأت وتيرة المرض نسبيًا بعد ذلك؛ ولم يتم تسجيل سوى حالات فردية قليلة لمسافرين قادمين من إفريقيا في بعض البلدان، ليعاود الظهور مرة أخرى بأرقام إصابات أكبر في شهر مايو من هذا العام.
وقد توزعت الإصابات على عدة بلدان حول العالم بما فيها بلدان أوروبا والولايات المتحدة وكندا. ولكن لم تسجل أي حالات حتى الآن في دول العالم العربي.
ماهي أعراض جدري القردة
تشبه أعراض جدري القردة أعراض مرض الجدري الذي تم القضاء عليه تمامًا عام 1980 وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. وتشمل هذه الأعراض مايلي:
- الحمى.
- الصداع الشديد.
- التوعك والتعب.
- آلام الظهر والعضلات.
- تورم العقد اللمفاوية.
- الآفات الجلدية.
تبدأ الأعراض بعد انتهاء فترة الحضانة التي تتراوح وسطيًا بين 7_14 يومًا أو يمكن أن تمتد بين 5_21 يوم. وتكون الحمى أولى هذه الأعراض وتتزامن مع حدوث تورم في العقد اللمفاوية في العنق أو الإبط أو المنطقة الإربية. ثم يتلو حدوث الحمى ب1_3 يوم ظهور الآفات الجلدية (الطفح) التي تبدأ في الوجه ثم تنتشر للأطراف وباقي الجسم. وتأخذ شكل حطاطات مسطحة في البداية وتتطور بعد ذلك إلى حويصلات ممتلئة بالسوائل ثم جلبات نازة مغطاة بالقشور.
وتكون الإصابة أشد وأكثر فتكًا لدى الأطفال. وبشكل عام يتراوح معدل الوفيات الناجمة عن المرض بين 3_6% أو 10% وفقًا لتقديرات مختلفة صادرة عن مواقع الصحة الرسمية.
كيف ينتقل المرض
ينتقل مرض جدري القردة عبر التماس المباشر مع دم الحيوانات المصابة أو مفرزاتها. وتعتبر الجرذان والسناجب والقردة والكلاب أهم الحيوانات التي تلعب دور ثوي مضيف للفيروس. ويمكن أن يحدث ذلك عبر الجروح والخدوش الموجودة مسبقًا لدى الإنسان أو عبر الجهاز التنفسي والأغشية المخاطية الموجودة في الأنف والفم والعين.
كما يمكن أن ينتقل المرض بشكل ثانوي من إنسان لآخر عبر التماس الحميم مع المصاب والتعرض للقطيرات التنفسية المحملة بالفايروس والتي يحتاج انتقالها تماسًا قريبًا وطويلًا مع المصاب. وينطبق ذلك أيضًا على الأدوات والأغطية الملوثة بمفرزات المريض التي يمكن أن تسبب العدوى عند الاتصال المباشر معها.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن المرض قد ينتقل عبر تناول لحوم الحيوانات المصابة وغير المطهوة جيدًا.
ماهو علاج جدري القردة
يعتبر جدري القردة مرضًا محددًا ذاتيًا. أي أن الشفاء العفوي يحدث بشكل تلقائي خلال 2_4 أسابيع. ويحتاج المرضى إلى الراحة وتناول السوائل في هذه الفترة. ويقترح الأطباء أن تكون بعض المضادات الفيروسية مثل السيدوفوفير فعالة في القضاء على الفيروس وتسريع فترة الشفاء.
وتشمل اختلاطات المرض الالتهاب الرئوي والتهاب الدماغ والإصابة العينية.
هل يوجد لقاح لجدري القردة
لقد أثبت لقاح مرض الجدري السابق فعاليته في الحماية من الإصابة بجدري القردة في إفريقيا بنسبة 85%. ولكن بعد القضاء على مرض الجدري بشكل كامل تم استبعاد هذا اللقاح من برامج اللقاح الوطنية. لذا فهو لم يعد متوفرًا الآن ومعظم الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 أو 40 عامًا لا يمتلكون مناعة ضد الجدري. ويعتمد ذلك على العام الذي تم فيه التخلي عن لقاح الجدري في بلدك.
ولكن أشارت المراكز الأمريكية للتحكم في الأمراض ومكافحتها (CDC ) إلى أن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA قد وافقت على لقاح جديد لجدري القردة يدعى جينوس ، وهو عبارة عن فيروس حي مضعف. ولا تزال اللجنة الاستشارية لممارسات التحصين تدرس فعاليته في حماية الأشخاص المعرضين مهنيًا للإصابة بالفيروس نتيجة تماسهم المباشر مع الحيوانات الناقلة للمرض أو البشر المصابين.
كيفية الوقاية من هذا المرض
ترتكز الوقاية بشكل أساسي على عزل الحيوانات المصابة ومنعها من نقل العدوى للحيوانات الأخرى أو البشر. ويجب أخذ الحيطة عند التعامل مع الحيوانات البرية بشكل عام وارتداء قفازات واقية لمنع التماس المباشر معها. كما يجب غسل اليدين جيدًا عند التعرض لمفرازتها.
ولابد من تطبيق ذات التعليمات عند التعامل مع البشر المصابين عبر تجنب التواصل الحميمي والطويل معهم، والابتعاد عن ملامسة أغراضهم الشخصية. ويجب اتباع أساليب الوقاية الضرورية من غسل اليدين وتعقيم الأدوات عند إصابة أحد أفراد الأسرة.
وفي الختام، هذه هي أبرز الحقائق والإجابات المتعلقة بمرض جدري القردة الذي أثار رعب العالم مؤخرًا. ولكنه لم يصل لمستوى يوجب قرع ناقوس الخطر بعد، لذا فهو بعيد عن المقارنة مع فيروس كورونا. ولكن لا يمكن المراهنة على المستقبل و لابد من أخذ الحيطة والوقاية لنتجب كوارث صحية لا زلنا نحاول التعافي منها.
اقرأ أيضًا:حالة الطفح الحراري أعراضه وأسبابه ومضاعفاته