ما يميز النقد الأدبي من غيره من أنواع النقد الأخرى هو أنه يستخدم الأداة نفسها التي بستخدمها موضوعه وهي اللغة الطبيعية. بينما أنواع النقد الأخرى مثل النقد الموسيقي، والنقد الفني، والنقد التشكيلي لا تستخدم العلامات الموسيقية أو الألوان أو المواد الأخرى التي تستخدمها موضوعاتها. في حين يشارك النقد الأدبي موضوعه_الأدب_ الأداة التي يستخدمها.
ويجب أن نلتفت لنقطة أن الأدب هو السابق حضوراً للنقد، فبلا أدب لا يوجد نقد أدبي.
المحتويات
مفهوم النقد الأدبي
- النقد: في اللغة: نقد الشيء: إذا حكم عليه؛ لأن كلمة (نقد) في معاجم اللغة العربية في أصلها تعني: تمييز الزائف من الصحيح أو الجيد من الرديء). والمفهوم الشائع بين المتخصصين في النقد الأدبي اليوم هو أن النقد حكم قيمة بالسلب أو الإيجاب. فهل هذا هو التعريف الشافي الوافي للنقد؟ بالتأكيد لا. فالنقد رؤيا ثاقبة وبصيرة نافذة، النقد إبداع فوق إبداع، حتى أن الأديب كاتب النص يغزوه الإعجاب بما خرج به الناقد من رؤيا تضاف إلى نصه موقع النقد.
- الأدبي: يعني أن النقد خاص بحقل إنساني محدد هو الإبداع بمختلف أشكاله من شعر وقصة ورواية ومسرحية، ويعني أن النقد هنا يتوجه نحو بؤرة معرفية واحدة هي (الأدب). فلو كان القد موجهاً نحو حقل إنساني آخر، مثل: الفن التشكيلي لسمّيناه نقداً تشكيلياً، ولو كان خاصاً بالسينما لسمّيناه نقداً سينمائياً.
- وبذلك نجد تعريفات عدة للنقد الأدبي، نذكر منها:
- هو إنشاء لغوي عن إنشاء لغوي آخر هو الأدب.
- كتابة نص نقدي وصفي على نص إبداعي.
- هو الكشف عن مواطن الجمال أو القبح في الأعمال الأدبية.
- ويعد النقد دراسة للأعمال الأدبية والفنون وتفسيرها، وتحليلها وموازنتها بغيرها، والكشف عن مواطن القوة والضعف والجمال والقبح، وبيان قيمتها.
وظيفة النقد الأدبيّ
للنقد الأدبي وظائف عدة تختلف في المضمون. لكنها في اتحادها تكون مفهوم النقد ككل. فلا وجود للنقد إذا جُردت عملية النقد من إحدى وظائفها: ومن هذه الوظائف:
- التفسير: وهو يعود للنص المراد نقده، فيبدأ بمراجعتها وبيان أهدافه وشرح صوره الفنية. بالأخص للأعمال التي تحتاج للنقد الأدبي، وهدفه الأول تبين معانيها والمقصد الأسمى للقارئ والمتلقي.
- تقويم الأعمال الأدبية: وفي هذه الوظيفة يعمل الناقد على بناء العمل الأدبي بنفسه، فيتوجب عليه معرفة النص معرفة قوية محكمة، وأن يملك الإلمام بجوانب تجربة الشاعر جميعها، والبنية المراد نقدها. والهدف من ذلك المفاضلة بينه وبين النصوص الأخرى ضمن المجال نفسه. لكن هذه الوظيفة ما زالت تثير الغضب والجدل؛ لأن بعض الأدباء يرون فيها نوعاً من التسلّط على النص الأدبي وكاتبه، فمن الوارد أن تؤثر سلباً في النص. وذلك إن كان الناقد غير ملم بطرق الكتابة وتجربة الشاعر، وكيفية بناء النص.
- نصح الأدب والأديب: وفي هذه الوظيفة يعمل الناقد على توجيه الأديب، وذلك عندما يراه يبتعد عن الواقع، أو عن الأسس العامية للمجتمع الذي ينتمي إليه. والهدف من ذلك تحسين النوع الأدبي، وإضفاء الواقعية والتصال الجيد مع المجتمع.
النقد بين القديم والحديث
مرت عملية النقد الأدبي بمراحل اختلفت باختلاف العصور المتلاحقة، وطبيعة أهلها الفكرية من جهة. وباختلاف النتائج الأدبي الذي قدمه أدباء كل عصر من عصور الأدب. ففي العصر الجاهلي بدا نقد الأدب انطباعياً عفوياً يخضع للذوق العام للمتلقي. فعندما كان الشاعر يقف على منصته في إحدى الأسواق الثقافية ( سوق عكاظ، ذي المجنة، ذي الحجاز) كان الناسس عامّةً يتجمهرون حوله يصغون لإلقائه. ويبدون ما لديهم من انتقادات لا تتجاوز حدود الكلمة من النص هنا أو هناك. أو انتقادات تظهر ذوق السامع وحسب دونما حاجة لتعليل الحكم النقدي أو تفسيره.
ولم يكن النقد ليختلف عن هذا الحال في العصرين: صدر الإسلام والأموي، إلا أنه في العصر العباسي مع ظهور المصنفات العلمية واللغوية. بدأ النقد ينحى منحىً علميّاً فظهرت المصطلحات النقدية، وكتب النقد لمفكرين ولغويين مختصين في النقد والأدب. ولكن النقد في هذا العصر ما يزال نقداً جزئياً يبحث في الكلمة أو العبارة. ولا ينظر إلى النص الأدبي كونه قطعة فنية متكاملة.
إن هناك انفصالاً واضحاً يعيشه الدَّارس والباحث في آن واحد. فعندما يتجه الدارس إلى النقد القديم يجده نقداً متداخلاً مع البلاغة في أعلامه ومؤلفاته وقضاياه ومصطلحاته. ويفتقد الرؤية الواضحة كما قدمته كثير من الدراسات النقدية الحديثة التي عُنيت بدراسة ذلك النقد. كما يتفاجأ الدارس للنقد الأدبي الحديث بانقطاع الصلة بين ما درسه في مقررات النقد القديم وما شرع في دراسته في مقررات النقد الحديث.
قضايا النقد الأدبي عند العرب
اللغة العربية ممتلئة بالأصناف الأدبية، وبسبب ذلك تكثر القضايا النقدية والأدبية التي يكتب بها الناقد أو الأديب، ومن هذه القضايا:
- قضية الموازنة بين شاعرين، على سبيل المثال: كتاب الموازنة للآمدي والذي كتبه في الموازنة بين البحتري وأبي تمام.
- قضية السرقات الشعرية.
- قصية الحداثة في الشعر.
- قضية العلاقة بين الشعر والأخلاق أو الشعر والدين.
- قضية عمود الشعر فالكثير من النقاد قد تطرقوا إلى هذه القصية وحاولوا البت فيها.
المنهج الاجتماعي في النقد الأدبي
وهو المنهج الذي يربط الأدب بالمجتمع، وينظر إليه بوصفه لسان حال المجتمع وصورته. ووثيقة تاريخية واجتماعية عنه. وتمثل (نظرية الانعكاس) في الفن ومنه الأدب المرجع الفكري له. وهي تعني أن الفن مرآة للواقع.
- وقراءة النص الأدبي وفق المنهج الاجتماعي، وذلك من خلال:
- دراسة معاني النص وتحديد الظاهرة الاجتماعية.
- فهم المحتوى الواقعي الجديد في النص.
- الحديث عن الوسائل الفنية المجسدة للمحتوى.
المنهج النفسي في النقد الأدبي
هو المنهج الذي يعتمد معطيات علم النفس في دراسة النص الأدبي. وفي معرفة العالم النفسي لمبدعه ثم في معرفة النص نفسه. أز في معرفة النص ثم في معرفة ذلك العالم.
- لقراءة النص وفق المنهج النفسي عدد من المتطلبات، هي:
- اعتماد معطيات علم النفس.
- دراسة المحتوى الظاهر للنص.
- دراسة المحتوى الكامن، وفيه يكشف عن الأشكال التي عبر بها اللاشعور عن نفسه.
وفي الختام، نلحظ كيف كان للنقد الأدبي الفضل الأول في فهم الأعمال، وقراءة ما بين السطور وخلف التجارب للأدباء.
اقرأ أيضاً:أسرار الحب وأسبابه | كيف نعرف أننا وقعنا به.