جزيرة أرواد عبق يحييه التراث

كل بقعة من اليابسة تحاط بالماء من جميع جهاتها هي جزيرة. ومنها ما كانت في المحيطات وأخرى بالبحار وغيرها في الأنهار العريضة أيضاً. وتكون فيها الحياة تسير بشكل طبيعي بما فيها من أشجار وحيوانات وغير ذلك. لكن من هذه الجزر ما تكون مأهولةً بالبشر، وذلك من مثل جزيرة أرواد. كما أن أرواد يتم اعتبارها من أقدم الجزر في البحر المتوسط. بالإضافة إلى أنها الجزيرة الوحيدة التي تتبع للساحل السوري، بذلك باتت صرحاً سياحياً هاماً. بما تمتلك من قلاع وأزقة ومنازل يأمه السوريين وغير السوريين من جميع أنحاء العالم.

تاريخ جزيرة أرواد

بدايتها وأصل تسميتها

لقد أطلق عليها الإغريقيون اسم أرادوس. كذلك قام الفينيقون بإطلاق اسم آراد عليها، فكان الاسم بمعنى الملجأ.

ويعتبر الباحثون أن جزيرة أرواد من أقدم الجزر التي سكنها البشر. لكن المساحة الصغيرة التي كان يشغلها السكان لم تسمح لهم أن يعثروا على أي دليل عن ماضيها القديم. وذلك نظراً لأرضها الصخرية ذات الطبقة الواحدة. بالإضافة إلى كون أبنيتها متلاصقة فيما بينها ومكتظة بشكل كبير.
كذلك يتم اعتبارها من أقدم الجزر المأهولة بالسكان. نظراً للشواهد التي تثبت وجود بشر على أرضها تعود لعصر النيوليتيك (الحجري الحديث) والميزوليتيك (الحجري المتوسط).

جزيرة أرواد في العصر الحالي

يمكن لأي شخص أن يرى جزيرة أرواد من شاطئ مدينة طرطوس. وذلك بما تملكه من مبانٍ تاريخية وما تبقّى من سورها الهرقلي. كذلك يوجد ميناء تشغله العشرات من القوارب والمراكب. والتي تتلخص مهمتها بنقل الركاب من وإلى الجزيرة. كذلك وجود عدد لا بأس به من المقاهي والمطاعم على شاطئها. فضلاً عن أنه في فصل الصيف تميزت جزيرة أرواد منذ القدم بازدحامها وذلك نظراً لقدوم عدد كبير من السياح والزوار. وذلك بهدف الاستمتاع بالرحلة البحرية أولاً، وما تعبق به الجزيرة من حضارة وآثار وتتمتع به من مناظر جميلة وخلابة. فضلاً عن استذكار تاريخ جزيرة أرواد أقدم الجزر المأهولة بالسكان منذ القدم.

السكان وحياتهم وأعمالهم

لقد وصل عدد سكان جزيرة أرواد لما يزيد عن عشرة آلاف نسمة. ومعظمهم منذ القدم كانوا يعملون بصناعة القوارب والمراكب الخشبية. كذلك صيد الأسماك وتصنيع شباك صيد الأسماك. إلا أنه من سكانها أيضاً قسم كبير يعمل على متن بواخر في عرض البحر.

الخدمات في الجزيرة

وتضم جزيرة أرواد عدة مرافق خدمية، حيث يوجد فيها مدرسة ثانوية ومدرسة ابتدائية. فضلاً عن مركز صحي، ومتحف قديم، وبالجزء القريب من ميناء أرواد تنتشر العديد من المحال التجارية والمقاهي والمطاعم.
كما تميزت جزيرة أرواد بقسميها القبلية والشمالية. حيث أنها تتزود بالكهرباء وخطوط الهاتف بواسطة كابلات تم مدها في قاع البحر. كذلك أن سكانها المحليين يطلقون عليها اسم “الزيرة”. فمن هنا نجد أن جزيرة أرواد من أقدم الجزر مأهولة بالسكان في البحر الأبيض المتوسط.

تاريخ قلعة جزيرة أرواد

تاريخ القلعة القديم

لقد تم تشييد قلعة جزيرة أرواد على بقايا أبنية كنعانية. وقد تم ترميميها في العصور المتتالية كالعصر الفرعوني والآشوري والعصرين الفارسي والبابلي وغير ذلك من العصور.
وبعد أن وقفت في وجه الرومان سنوات طويلة قام العرب بفتحها وضمها إلى الدولة الإسلامية في سنة 640م. كما تم احتلالها من قبل فرسان الهيكل في فترة الحملات الفرنجية فقاموا ببناء الحصون والأسوار. كذلك قاموا بنقش شعار لوزينيان الملكي على بابها الخارجي. وبعد ذلك تم تحريرها من قبل سلطان المماليك قلاوون في سنة 1302م.

قلعة جزيرة أرواد
الساحة الداخلية لقلعة أرواد

تاريخ القلعة الحديث

أما في فترة الاحتلال الفرنسي فكانت قلعة جزيرة أرواد عبارة عن سجن تم فيه زج كل من قاوم الفرنسيين.
بينما في سنة 1946. أي بعد استقلال سوريا، تم تحويل قلعة أرواد إلى متحف محلي. كما يوجد أيضاً قلعة ساحلية تدعى البرج أو ما يعرف بـ (الحصن الأيوبي).

مناخ جزيرة أرواد

الحرارة والرطوبة

لقد تميزت أرواد بمناخها البحري المتوسطي. فأمطارها تهطل في فصول الخريف والشتاء والربيع، بمتوسط يصل إلى 800 م³ تقريباً. وحرارتها تراوحت ما بين 27.7° وبشكل نادر جداً أن تصل درجة الحرارة فيها إلى 0°.
لكن الجزيرة  تشتهر برطوبتها العالية والتي تصل لما يزيد عن 80% في فصل الصيف. وتقترب من 60% في فصل الشتاء.

الرياح وتسمياتها المحلية

كما أن الرياح تهب من جميع الاتجاهات. وتتميز كل رياح باسم محلي حسب الاتجاه التي تهب منه، فتسمى الرياح الجنوبية الغربية بـ (الملتم). والرياح الجنوبية الشرقية بـ (الشلوق)، والرياح الشمالية بـ (التحتاني). وغير ذلك الكثير من التسميات التي ترتبط بشكل أو بآخر بالملاحة البحرية.

خبرات الأرواديين بالطقس

كما أن سكان جزيرة أرواد يتمتعون بخبرة واسعة بالأحوال الجوية وكيفية التنبؤ بها. وتسمية “سريدا” تطلق على الضباب الربيعي الذي يقوم بحجب الرؤية تماماً، فيتم توقيف الحركة البحرية.
وكل هذه التسميات والخبرات التي يتمتع بها الأرواديون هي قديمة تعود بالزمان إلى بدايات تواجد السكان على الجزيرة. وهذه من الدلائل التي تثبت أن الجزيرة من أقدم الجزر المأهولة بالسكان.

طبيعة جزيرة أرواد

تاريخ صخور الجزيرة

حيث أن الصخور في الجزيرة عبارة عن توضعات طينية تعود إلى الحقب الجيولوجي الرابع. حيث أنه هذه التوضعات تقوم بتغطية الصخور الرملية التي تعود للعصر البليوسيني. كما يلي كل ذلك طبقة صخرية من الغضار والمارن والكلس من الحقب الثاني بالعصر الكريتاسي.

التشكلات الصخرية بالجزيرة

حيث تشكلت مجموعة من الشرفات والجروف من الصخور الرملية. والطبقات التي تليها وذلك على السواحل بالجهة الغربية من الجزيرة. وعلى الأجزاء الغربية أيضاً يوجد نحر ساحلي نتيجة الأمواج المتتابعة والتي ترتطم بالصخور والطبقات التي تليها. كما أنه يوجد عدد لا بأس به من حفر وتجاويف صخرية امتدت على سواحل الجزيرة من الجهات الأربع.
بينما الجزء الشمالي من الجزيرة فيعتبر الأكثر تعرجاً. وذلك يعود لكونه غنياً بالرمال أكثر من الأجزاء الباقية، بالإضافة إلى أن فيه عدة رؤوس بحرية صغيرة.
وفي سنة 1966. لقد تم إعادة تشييد المرفأ وتوسيعه أيضاً. حيث تم بناء مكسر بحري في الجزئين الشمالي والشمالي الشرقي ويزيد طوله عن 550 متر. بالإضافة إلى مكسر بحري ثان بطول يزيد عن 130 متر.

جزيرة أرواد
ميناء جزيرة أرواد

جزر بالقرب منها

تتوضع في الشمال الغربي صخرة تتبع للجزيرة تظهر للرائي كأنها تلتصق بها وتسمى بـ (بنت أرواد). بينما الصخور التي تدعى (بنات أرواد). فهي مجموعة من الجزر الصخرية التي تتوضع في الجزء الجنوبي من الجزيرة. حيث أنها تبعد عن الجزيرة مسافة تزيد عن 14 كيلو متر، وهذه الجزر هي (جزر الحبيس، وأبو علي. وموشارة، والجورة، وتبة الحمام). حيث تشكل الثلاث الأخيرات شكلاً مخروطياً فتسمى بجزر المخروط. وإن الجزر الصخرية غير مسكونة أبداً وغير مرتفعة عن سطح البحر أيضاً. بينما جزيرة الحبيس ترتفع بما يقارب 6 أمتار يأمها الصيادون في مواسم صيد الأسماك.

وأخيراً، بعد كل ما أنفنا ذكره نستنتج أن جزيرة أرواد صرح من صروح العظمة والكبرياء.

تابع ملهمون لعلك تكون ملهماً يوماً ما
قد يعجبك ايضا