فقر الدم (كل ما تريد معرفته عنه)

فقر الدم من الأمراض القديمة قدم التّاريخ، ولقد اهتمَّ العلماء على مر العصور والسّنين بالبحث عن أسباب هذا المرض ومعالجته. ومع تطوُّر العلوم والتكنولوجيا أصبحت الإجابات شبه كاملة عن الأسئلة الّتي تدور حول هذا الدّاء، وأصبح المجهول معلوماً. فمرض فقر الدم لا ينتج جرّاء سبب واحد، بل أسباب الأنيميا كثيرة ومتعدّدة، ومع تعدُّد الأسباب تعدَّدت وسائل وسبل العلاج.

وهذه الحالة الطبيّة من أبرز أسبابها هو نقص كميات الأكسجين، الّذي يُعتبَر ضروري جدَّاً لكل خلية من خلايا الجسم. لذلك أي خلل يحصل لا يترافق بعرض واحد فحسب، لا بل تكون الأعراض كثيرة ومتنوّعة. جمعنا الكثير من المعلومات الّتي تتحدّث عن فقر الدّم، أنواعه، أسبابهُ، وآليات العلاج الّتي توصّل إليها العلم الحديث.

فقر الدم ما هو؟

يعتبرُ فقر الدم من الحالات المنتشرة بكثرة في المجتمع، ويشتكي العديد من الأشخاص من التعب أو الوهن جرَّاء إصابتهم بنقص في عدد كريات الدم الحمراء.

يحدث في الرّئتين عمليات التبادل الغازي، فالدّم الوارد إلى الرئتين يكون مشبعاً بثنائي أُكسيد الكربون(CO2)، والدّم الصادر عنها يحمل الأوكسجين(O2).

حيثُ تقوم كريات الدم الحمراء بحمل الأكسجين ونقله من الرئتين إلى باقي أعضاء الجسم، ومن ثمَّ حمل غاز ثنائي أكسيد الكربون من هذه الأعضاء إلى الرئتين.

ويرافق في حالات مرض فِقر الدم – باختلاف أنواعه وأسبابه- نقص الكريات الحمراء، ويمكن تشبيه الكريات الحمراء بوسائل النقل.

فعند نقص وسائل النقل هذه سوف يحدث خلل وعوز كبير في إشباع حاجة الأعضاء بالأوكسجين. بالتالي ظهور الأعراض المرافقة لفقر الدم.

مرض فقر الدّم لهُ درجات فقد يكون بسيطاً ولا ترافقه أي أعراض أو قد يكون مرضاً ملازماً يستمر لفترات طويلة مع أعراض مزعجة للغاية.

فقر الدم

أنواع فقر الدم

ظهرت العديد من التصنيفات والأنواع نتيجةً لاختلاف العامل الّذي أدّى إلى الإصابة بفقر الدّم. وإنَّ من أبرز أنواع فقر الدم هي:

  • فقر الدم النّاتج عن عوز الهيموجلوبين، حيثُ يعد الهيموجلوبين أو خضاب الدم ضروريِّاً في عمليات نقل الأكسجين وتزويد أنسجة الجسم به. بالتالي إنَّ أي خلل في تركيب هذا البروتين سوف ينجم عنهُ نقص كريات الدم الحمراء الفعّالة.
  • عوز الحديد المسبِّب لفقر الدم، ويعدُّ من أكثر أنواع فقر الدم المنتشرة في العالم.
  • نقص بعض الفيتامينات كحمض الفوليك أو فيتامين B12 الضروري لعمليِّات تصنيع كريات الدم الحمراء في نقي العظم. بالتالي ينتج عنهما حالات عوز أو فقر دم.
  • قد تؤدِّي بعض الأمراض وخاصّةً تلك الّتي تصيب مراكز تصنيع الكريات الحمراء كنقي العظم، إلى الإصابة بالأنيميا أو فقر الدم. ومن أشهر هذه الأمراض: ابيضاض الدم.
  • بعض النزوف الكبيرة تسبِّب حالات فقر دم مؤقَّتة لا تلبث أن تعود لطبيعتها بعد إيقاف النزف.
  • بعض الأمراض السرطانيّة الخبيثة، والالتهابات الّتي تصيب الجسم قد ينتج عنها حالات فقر دم إمَّا مؤقتة أو دائمة.
  • فقر الدّم الانحلالي، وهو أحد أنواع فقر الدّم الّذي يتميِّز بسرعة انحلال كريات الدم الحمراء، والّتي من المفترض أن تعيش في الجسم بمعدّل 90 حتَّى 120 يوم. وعندها يكون نقي العظم غير قادر على تعويض هذا النقص فيحدث فقر الدم.
  • أحد أنواع فقر الدّم يحدث للأشخاص عن طريق الوراثة. حيث يكون سبب المرض هو تغيُّر شكل كرية الدم الحمراء من المدور إلى الشكل المنجلي. لذلك تمَّت تسمية هذه الحالة بفقر الدم المنجلي.

كانت هذه أبرز أنواع فقر أو عوز الدم المعروفة حتّى وقتنا الحاضر.

أسباب فقرُ الدّم

لا تختلف الأسباب عن الأنواع اختلافاً كبيراً. بالتالي تمَّ تصنيف الأنواع وفقاً للسَّبب المؤدِّي إلى فِقر الدم. ولعلَّ أبرز أسباب هذا المرض:

  • اختلال في نسبة الهيموغلوبين.
  • نقص الحديد.
  • أمراض سرطانيّة.
  • نزوفات شديدة.
  • فترات الطمث عند النّساء.
  • انحلال الدم.
  • عامل ورائي.
  • نقص الفيتامينات.

فجميع الأسباب المذكورة تسبِّب هذا الدّاء، بعضها يعالج بمعالجة العامل المسبّب، وبعضها الآخر لا.

الأعراض المرافقة لفقر الدّم

تختلف الأعراض باختلاف العامل المسبّب، وقد تكون أعراض دائمة تستمر مع الشّخص، أو تكون أعراض مؤقتة كتلكَ الّتي تحصل في أثناء النزوف الشديدة.

ومن أهم الأعراض المشتركة بين جميع الأنواع الّتي ذكرت:

  • شعور بالضّعف.
  • الإحساس بالإرهاق الشديد.
  • دوخة، دوار، وصداع.
  • تغيُّرات في لون البشرة.
  • شعور البرودة في نهايات الأطراف.
  • آلام معمَّمة في الصدر.
  • خفقان شديد للقلب.
  • احساس بعدم الرّاحة أو التعب.
  • تعكُّر المزاج.
  • قلّة الشّهيّة.
  • اضطرابات نفسية، كالاكتئاب وغيرهِ.

علاج فقر الدّم

يتم علاج فقرُ الدّم بالاعتماد على المسبّب، فكثير من أنواع فقر الدّم تَختفِي بعد علاج العامل المسبِّب لهَا.

  1. علاج فقر الدّم الناتج عن اختلال في مستويات الحديد: يتم علاج هذا النُّوع بوصف مكمِّلات الحديد للمريض، ومراقبة التَّغيرات الحاصلة.
  2. معالجة المرض النَّاتج عن انحلال الدَّم: هنا نلجأ إلى تثبيط المناعة، لأن هذا النّوع ناتج عن مهاجمة الخلايا الدّفاعية في الجسم لكريات الدم الحمراء وحلّها باعتبارها جسم غريب.
  3. فقرُ الدّم الحاصل جرَّاء عوز الفيتامينات: وهنا أيضاً نلجأ إلى إعطاء المريض المكملات الغذائيِّة. بالتالي رفع مستويات الفيتامين في جسمهِ.
  4. الأنيميا النّاتجة عن إصابات في نقي العظم: العلاج الكيميائي يعتبر فعّال في مثل هذه الحالات.
  5. الأمراض الخبيثة وما يرافقها من نقص في عدد كريات الدّم الحمراء : لا يوجد علاج لهذه الحالة حتّى وقتنا الحاضر.

وما زال العلم يتطوَّر ويتقدّم، والعلماء يقضون ساعات في المخابر يوميِّاً. لذلك هم يهتمون اهتماماً كبيراً بأمراض الدّم، لكونه وسيلة النقل الوحيدة في جسم الإنسان، وبالتالي أي خلل في هذه الكريات وعددها، حتماً سوف يرافقه أعراض كثيرة ومزعجة.

في نهاية هذا المقال، لا يجب أن تهمل الأعراض المرافقة للمرض، وبالتالي إذا شعرت بأعراض مذكورة سابقاً. اذهب إلى أقرب مخبر وقم بإجراء فحص للدّم.

وإنَّ اكتشاف المرض في بداياته يسهم بشكل كبير في العلاج، والتّأخُّر يُعطِي فرصة كبيرة للمرض ليصبح مزمناً.

تابع ملهمون لعلك تكون ملهماً يوماً ما.
قد يعجبك ايضا