الخوف من المرتفعات |كيف ينشأ وما أعراضه وما علاجه

“لا تنظر للأسفل، لا تنظر للأسفل” كان يردد تلك العبارة مرارًا وهو يقف بساقين متصلبتين متمسكًا بهيكل معدني كان موجودًا بالقرب منه. ثم تسارعت أنفاسه وبدأ يشعر بضربات قلبه القوية وخالجه إحساس برعب غريب، لقد انتهى أمره بالتأكيد سوف يسقط لا محالة. ولكن حصلت المعجزة في تلك اللحظة، لقد وطأت قدماه الأرض بعد أن نبهه أحد الموجودين خلفه إلى أنه يجب عليه التقدم ليسمح للآخرين بالمرور. فهو في الواقع لم يكن إلا واقفًا على سلم كهربائي متمسكًا بالدرابزون المعدني. هل يبدو لك أن ذلك الشخص مجنون الآن؟ بالتأكيد لا، هو فقط يعاني من الأكروفوبيا أو الخوف من المرتفعات.

ماهي الأكروفوبيا

الأكروفوبيا acrophopia أو الخوف من المرتفعات هي شكل من أشكال الفوبيا المحددة التي يوجه فيها الإنسان خوفه إلى منبه محدد وهو الأماكن المرتفعة في هذه الحالة. ورغم أن ثلث سكان العالم لديهم نوع من الخوف أو عدم الارتياح تجاه التواجد في الأماكن العالية، إلا أنهم لا يصنفون كمرضى أكروفوبيا. لأن هذا الخوف من المرتفعات يجب أن يكون شديدًا وغير منطقي بحيث يؤثر على حياة المريضة الطبيعية.

ماهي الأكروفوبيا أو الخوف من المرتفعات

وتشير الإحصائيات إلى أن الأكروفوبيا هي ثاني أشيع فوبيا في العالم، حيث تبلغ نسبة المصابين بها حوالي 6.7% من سكان العالم. وهي أشيع لدى الأطفال والنساء.

كما يمكن أن تتطور هذه الفوبيا في أي عمر مع فرق في شدتها ومدتها. حيث أن الأفراد الذي يطورون خوفًا من المرتفعات في الطفولة يميلون للتحسن بشكل كبير والتغلب على هذا الخوف بعد البلوغ. بينما يستمر هذا الخوف مدى الحياة إذا تطور بعد سن الرشد.

كيف ينشأ الخوف من المرتفعات

يعزو العلماء تطور الفوبيا المحددة دومًا إلى أحداث صادمة مرتبطة بهذا الموقف الذي يحرض لدى المرضى نوبات الذعر. فالشخص الذي سقط من مكان مرتفع خلال طفولته أو بعد الرشد وتعرض لأذية ما أو رض نفسي، يكون معرضًا بشكل كبير للإصابة بالأكروفوبيا. ولكن ليس بالضرورة أن يكون كل مصاب بالأكروفوبيا قد تعرض من قبل لحادث سيء مرتبط بالمرتفعات. بل يكفي أحيانًا أن يشاهد شخصًا ما يتعرض لهذا الحادث. أو يسمع عن تجارب الآخرين المؤلمة المرتبطة بالسقوط من مكان عالِ.

كيف ينشأ الخوف من المرتفعات
يرجح العلماء أن السبب الرئيسي للخوف من المرتفعات هو تجارب أليمة سابقة عاشها أو سمع عنها المصاب.

 

وعلى أي حال، يرجح بعض العلماء أن يكون هذا الخوف داخلي المنشأ غير محرض بأي محفزات خارجية. فيمكن أن يختبر الطفل خوفًا من الأماكن المرتفعة رغم أنه لم يزر أي مرتفعات من قبل. وقد أثبت تجربة الجرف البصري the visual cliff التي أجراها باحثون من جامعة كورنيل عام 1960 على مجموعة من الأطفال الذي تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر وسنة، أن خوفنا من السقوط قد يبدأ في سن مبكرة جدًا. حيث تردد معظم الأطفال في الحبو فوق لوح زجاجي يبدو أنه مرتفع عن الأرض.

أضف إلى ذلك أن الخوف من المرتفعات قد يكون مرتبطاً بحالات مرضية أخرى كالدوار الدهليزي وداء منيير والشقيقة. كما لم تنجح الدراسات في تحديد أساس وراثي واضح للأكروفوبيا. رغم أنه يمكن للطفل أن يتعلم هذا الخوف من والديه.

ماهي أعراض الخوف من المرتفعات

 

يجب أن يحقق الفرد عدة معايير قبل أن يتم تشخيصه بالأكروفوبيا. من أهم هذه المعايير هو أن يكون خوفه غير منطقي. كأن يشعر بالرعب من التواجد في أماكن أو وضعيات لا تهدد الحياة ولا تثير الخوف لدى الإنسان الطبيعي، مثل السلم الكهربائي أو المصعد الزجاجي أو الوقوف على المدرجات والطاولات التي لا ترتفع كثيرًا عن الأرض. كما يمكن أن يثير خوفه التواجد في الأسطح والشرفات التي تطل على مساحات واسعة ولا تملك جدران عالية. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يدفعه خوفه هذا إلى تجنب المرتفعات بكافة أنواعها بطريقة تتقاطع مع حياته الطبيعية.

وتتضمن الأعراض الأكثر شيوعًا للخوف من المرتفعات مايلي:

  • التعرق والارتجاف.
  • ازدياد معدل التنفس.
  • الدوار وعدم التوازن.
  • الشعور بعدم الثباتية وتصلب الساقين.
  • تسرع ضربات القلب والشعور بالخفقان.
  • توتر شديد ورغبة في البكاء أو الصراخ.

ماهو علاج الخوف من المرتفعات

علاج الأكروفوبيا

مثل معظم أنواع الفوبيا، فإن الخطوة الأولى للعلاج هي الاعتراف بالمشكلة واتخاذ القرار بالمواجهة عبر مجموعة من الأساليب منها:

العلاج السلوكي المعرفي: يطلب المريض في هذه الحالة المساعدة من أخصائيين نفسيين يقومون بالتعرف على أسباب خوفه غير المبرر. ويحاولون كبح مخيلته السلبية التي تزوده بالأفكار المرعبة حول المرتفعات.

العلاج بالتعرض: يساعد المختص النفسي المريض على عيش التجربة التي يخاف منها بشكل تدريجي حتى الوصول للتعافي التام. ويمكن أن يتخيل المريض هذه التجربة وهو يجلس في مكان آمن. أو يشاهد صور أشخاص يقفون في أماكن مرتفعة أو يقفزون منها دون أن يصابوا بأذى. كما ساعدت تقنية الواقع الافتراضي الكثير من المرضى في تجاوز خوفهم عبر عيش تجربة ثلاثية الأبعاد للفوبيا الخاصة بهم، ثم التعرض لها على أرض الواقع. ولكن نظرًا لتكلفة هذه التقنية فقد توفر مؤخرًا تطبيق على الهاتف يوفر تقنية مشابهة للواقع الافتراضي لكنها ثنائية الأبعاد. ولا تزال فعاليته قيد الدراسة.

العلاج الدوائي: قد يصف الطبيب شوطًا من العلاج الدوائي قصير الأمد الذي يتضمن حاصرات بيتا وبعض المهدئات في الحالات الشديدة من الأكروفوبيا.

ماهي مضاعفات الأكروفوبيا

يحمل الخوف من المرتفعات إنذارًا جيدًا، حيث يتعافى معظم المرضى بعد الخضوع لأحد الأساليب العلاجية.

لكن تكمن المشكلة في أن الأفراد الذي يعانون من أحد أنواع الفوبيا المحددة لديهم خطر مضاعف للإصابة بالاضطرابات النفسية الأخرى كالقلق والاكتئاب. وخصوصًا عند عدم التماس المعالجة الطبية وفقًا لما استنتجته إحدى الدراسات.

وختامًا، لابد أن نشير إلى أن جميع أشكال الفوبيا ناتجة عن تخيلات سلبية غير حقيقية تدفع المريض لربط موقف معين بأفكار مرعبة تحرّض لديه استجابة خوف غير طبيعية. لذا فتجاوز الفوبيا أسهل مما توقع. ويكفي أن تغير ما بداخل مخيلتك ليتغير العالم من حولك.

تابع ملهمون لعلك تكون ملهماً يوماً ما

 

قد يعجبك ايضا