العلاقة بين الاكتئاب والذكاء | الوجه الآخر للعبقرية

Advertisements

تمعن في قول الشاعر، ذو العقل يشقى بالنعيم بعقله، وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ. ترى إن كان الجهل نعمة فهل العبقرية تجرّ إلى صاحبها البؤس والنقمة!. وفي حال كان الكلام صحيحًا فلا بدّ أن يكون هناك وجه آخر و علاقة وطيدة بين الاكتئاب والذكاء. لننظر إلى سِيَر العباقرة أمثال أبراهام لنكولن وإميلي ديكنسون وفنسنت فان جوخ، ترى ما هو الجانب المشترك بينهم إلى جانب الإبداع؟. نعم لقد تشاركوا الحالة العقلية نفسها والقلق الوجودي ذاته. وهذا ما يدعم النظرية القائلة، بأن الأشخاص الأكثر ذكاءً والذين يتمتعون بأفكار عالية التطور، قد يكونون أكثر عرضةً لحالات الإكتئاب والشدة النفسية. فهل ياترى كل ذكي مكتئب أم أن العكس هو الصحيح، ماذا لو كان التطلع لمزيد من الإبداع ومستويات الذكاء مَهمّة أقرب إلى الحمق. على اعتبار أنه كلما ارتفع معدل ذكائك اقتربت إلى البؤس والمعاناة شبرًا. سنطرح النقاش ونجيبك في هذا المقال.

ما نوع العلاقة بين الاكتئاب والذكاء؟

هل هتاك علاقة بين الذكاء والاكتئاب
ما هي العلاقة بين الاكتئاب والذكاء

في المجال العلمي للطب النفسي، لا يزال الباحثون يدرسون كثير من الحالات المعقدة من حالات الصحة العقلية. ولكن وعلى الرغم، من القفزات العلمية التكنولوجية الكبيرة. إلا أننا ما زلنا بعيدون عن إيجاد إجابات كاملة عن التعقيد الذي يلف الدماغ بما في ذلك الحالات المتعددة التي لها صلة بالاكتئاب. وهنا من أجل أن نغوص في عمق العلاقة بين الاكتئاب والذكاء. لا بد لنا أن نفهم المعنى الحقيقي والعلمي للاكتئاب وسبب حدوثه.

ما هو الاكتئاب ولماذا يحدث

التعريف الأبسط للاكتئاب، أنه تصور للواقع يميل نحو السلبية والتشاؤم. هذا الشعور ينتقل عبر حواسنا كطيف، بحيث يضيق في البداية. مترافقا مع أعراض فقدان الشهية والدافع، ويصل إلى حدود انعدام تقدير الذات والميل إلى الأفكار الإنتحارية. فهو يتراوح بين فقدان نقطة النور والشغف في الأشياء وحتى الوصول إلى اعتبار أن الحياة كلها بلا معنى. ولكن لماذا نشعر بالاكتئاب؟ في الحقيقة، هناك مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية. ففي الوقت الذي تتنوع فيه العوامل الداخلية ما بين العوامل الوراثية وبين كيمياء الدماغ ذاتها، وارتباطها بالعوامل البيئية بحيث يكون لها تأثير مباشر على عمل العقل نفسه. فإن العوامل الخارجية، عادة ما تكون، صدمة عاطفية أو جسدية أو صدمات تعرَّضنا لها في مرحلة الطفولة ولا تزال عالقة في وعينا الباطن. بالطبع إنَّ كل حالة هي حالة فريدة من نوعها وتتمتع بخصائص مختلفة، ولكننا أيضا لا يمكن أن ننفي الصلة بين الاكتئاب وهبوط مستوى السيروتونين في الدماغ.

Advertisements

الاكتئاب الوجودي

هو الاكتئاب الذي يجتاح فكر الإنسان، ويغرقه في حالة من فوضى الأسئلة الوجودية والقضايا الكبرى مثل قضايا الوجود والعدم والخير والشر. فتؤثر وتتأثر بفلسفة الإنسان وطريقة تفكيره التي تحكمها طريقة عمل الدماغ. حيث أنه من المعروف أن هناك منطقتان مسؤولتان عن عمل المخ، المنطقة الأولى تُحفَّز عند التفكير وتوارد الأسئلة التي تخص عالم الغموض في الكون والإنسان. أما المنطقة الثانية فتحفّز حين نحاول إيجاد الحلول والتفكير بشكل إيجابي.

هل العلاقة طردية بين الاكتئاب والذكاء؟

أشارت أبحاث دراسية صادرة عن جامعة لايكهيد الكندية، وجود علاقة طردية، متكافئة بين إمكانية وجود مقاييس عالية للذكاء لأولئك الأشخاص الذين يعانون من حالات اكتئابية. وفي دراسة أخرى، أقيمت على مجموعة من الأشخاص لديهم حالات قلق وتوتر مزمنة. جاءت النتائج، موافقة لترافق مستويات عالية من القلق والاضطرابات النفسية مع مؤشر ذكاء عالي وقدرة فائقة على الإبداع. وفي بحث علمي آخر أجري على الأشخاص دون سن البلوغ. كانت النتيجة، أن الأفراد الذي تمتعوا بمستوى عالٍ من الإبداع والذكاء في الصغر هم أكثر ميلًا للتعرض لمرض ثنائي القطب حين يكبرون.

سلبيات أن تكون ذكيا

علاقة الذكاء بالقلق والاضطرابات النفسية
سلبيات أن تكون ذكيا

صدق من قال أن الجهل نعمة، كثيرا ما يحمّلنا المجتمع ما لاطاقة لنا به، فنقع فريسة توقعاته. مما يسبب لنا عزلة اجتماعية أو قد يعرضنا لاضطراب نفسي وإحساس داخلي في عدم الجدوى أو حتى الدونية في مراحل متقدمة. وإليك أبرز السلبيات التي يتّسم بها أولئك الذين يملكون معدل ذكاء مرتفع:

Advertisements
  • انخفاض القدرة على المثابرة والاجتهاد وفقدان ميزات الصبر وعدم التعود على الكفاح، كما أنهم أكثر ميلا للمماطلة والتهرب من المسؤولية والالتزام بتأدية الواجبات المنوطة بهم.
  • الإنعزالية والإحساس بالوحدة، مما يشكل عاملا مهما في الإصابة بالاكتئاب.
  • الإفراط بالتفكير، والتحليل العميق والطويل لأشياء قد لا تستحق. وبالتالي تضييع الفرص.
  • الغرق في أحلام اليقظة، والإجهاد النفسي في طول التفكير بما كان وسيكون.
  • صعوبة تكوين الصداقات، بحيث أن هناك علاقة بين الاكتئاب والذكاء تتجلى بحالة اجتماعية. يغلب عليها الحذر في معظم العلاقات مع المحيط.
  • أحد السلبيات الشائعة التي نجدها في الأشخاص الأذكياء، هي القدرة على الإدراك الواعي لحجم ما لا يعرفون. وهذا ما يجعلهم أكثر إحباطًا.

ماذا يعني أن تكون ذكيا وأن تصاب بالاكتئاب

بالطبع، لا يمكن أن يُفهم من كلامنا أنه كونك ذكيا لا بدّ أن تكون مكتئبا. بل أن كونك ذكيًا غالبًا ما يأتي مع بعض الصفات الأخرى التي يمكن أن تؤدي بسهولة إلى الوقوع في الاكتئاب. حيث يميل الأفراد الأكثر ذكاءً إلى تحليل حياتهم، وهذا يقودهم إلى الإفراط في النقد. ويؤدي إلى الكثير من القلق والمبالغة في إشغال الفِكر.

يميل الأفراد ذوو الذكاء العالي أيضًا إلى أن يعيشوا حياة داخلية متحفِّزة المشاعر، كما يميلون لأن يكونوا أكثر حساسسة وعاطفية. هذه العوامل تجنح إلى أن تؤدي إلى علاقة طردية بين الاكتئاب والذكاء، وذلك لأنه على الأرجح ستميل الأفكار تلقائيا إلى المزيد من السلبية مع الوقت. خصوصا في حالات الإفتقار إلى الدعم العاطفي والتجارب الإيجابية اللاّزمة لتأكيد صورة أكثر إيجابية وتصالحًا مع النفس ومع العالم من حولك.

من كل ماسبق، يتضح أن هناك علاقة سببيَّة مترابطة بين الاكتئاب والذكاء، ولكن هل هذا يعني أنه بات من المحتّم على كل ذكي أن يعاني نوبات الاكتئاب والسلبية؟. بالطبع لا، فحياة الإنسان في جوهرها اختيار وليس إجبار. فكن ذكيًّا جميلًا ترى الوجود جميلًا مؤنِسًا، أيها المُلهم.

Advertisements
تابع ملهمون لعلك تكون ملهمًا يومًا ما

Advertisements
قد يعجبك ايضا