هزة جديدة تقوم بضرب سوق الطاقة بقوة في العالم. وذلك بعد إعلان روسيا عن قطع الغاز الروسي لكل من بلغاريا وبولندا. وذلك هو بسبب رفض البلدين أن تدفع فاتورة الغاز بالعملة المحلية الروسية (الروبل). فأصبح رد الفعل الروسي بمثابة زلزال اقتصادي قد ضرب كل دول أوروبا، ويتم فتح الباب على مصراعيه لاستقبال حرب طاقة جديدة في عالمنا هذا، أو ما يمكن أن تسميه أوروبا ب (الابتزاز الطاقي).
المحتويات
مخاوف بعد قطع الغاز الروسي
يحاول أيضا الاتحاد الأوروبي التقليل من حجم الخسائر التي من الممكن أن تتكبدها الدول الأوروبية. وذلك بسبب قرار روسيا بقطع الغاز عن الدول التي لا تدفع بالروبل. وحيث أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأن التكتل قد أخذ بالحسبان هذه الخطوة وأعدّ وجهز لها العدّة. ويسعى أيضا بكل جهده حتى لا تتضرر أبدا أي دولة أوروبية.
كما وتستورد بولندا 45% من حاجاتها من الغاز من روسيا، ويربطها بموسكو اتفاقية طويلة المدى مع شركة “غاز بروم”، ولكن هذه الاتفاقية سوف تنتهي في هذه السنة وذلك ما قد جعل بولندا تستعد لهذه اللحظة من خلال التفاوض مع دول أخرى وتطوير وتجهيز بنيتها التحتية وذلك للحصول على الغاز من مصادر غير روسية.
كما وتستورد كل من بلغاريا وبولندا سنويا حوالي 13 مليار متر مكعب من الغاز وهو ما يمثل 8% مطلقامن مجموع واردات أوروبا من الغاز.
علاقة معقدة
فالسؤال الذي يطرحه القرار الروسي بقطع الغاز عن بلدين أوروبيين هو: إلى أي مدى من الممكن أن يصل التصعيد الروسي؟ وهل هو إلى الحد الذي يجعل موسكو توقف الغاز عن كل الدول الأوروبية؟
والجواب هو أن موسكو إذا قررت ذلك فهذا يعني بأنها تدخل في حرب تدميرية لاقتصادها وللاقتصاد الأوروبي كاملا وبمعنى أخر أنه لا أحد سيخرج منتصرا من هذه الحرب.
وبالأرقام التي يظهر بأن الاتحاد الأوروبي قد خصص نحو 35 مليار يورو وذلك لدفع فاتورة إمدادات الطاقة الروسية. وهو وضع يتوجب أن يتغير حسب ما قد قاله رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل. والذي أكد بأن التخلي عن الغاز الروسي سوف يأتي عاجلا أم آجلا.
وتدفع أيضا الدول الأوروبية نحو 450 مليون دولار في اليوم لروسيا وذلك مقابل الغاز والنفط، وذلك هو عن طريق 3 أنابيب للغاز، فهي التي تغطي نحو ثلث الحاجة الأوروبية من الغاز.
وهذه الأرقام تظهر مدى وكبر الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي. ولكنها تظهر حجم الأموال التي قد تدخل خزينة روسيا يوميا من أوروبا. فإذا توقفت هذه المداخيل فهذا يعني فقط تراجع مداخيل الدولة تراجعا كبيرا وذلك لأن عائدات الطاقة قد تشكل أكثر من نصف ميزانية الدولة.
وبالرغم من ذلك تحاول دول مثل ألمانيا والمجر بإيجاد حلول للدفع بالروبل الروسي وذلك فقط لعدم قدرتها عن التخلي الفوري عن الغاز الروسي.
المعضلة الألمانية في عملية قطع الغاز الروسي
قد حذرت صحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times) من أسوأ أزمة قد تحصل في الطاقة في أوروبا. وذلك منذ الحرب العالمية الثانية فإن توقفت روسيا عن مدّ ألمانيا بالغاز.
وتظهر أيضا الحالة الألمانية بأنها هي الأكثر تعقيدا وصعوبة وذلك بالنظر إلى حجم اعتماد ألمانيا على الغاز الروسي والذي يقدّر بأكثر من 55%. وبالنظر أيضا إلى مكانة ألمانيا بوصفها هي أكبر اقتصاد داخل الاتحاد الأوروبي. ومن ثم فيكون تضرر اقتصادها يعني تضرر اقتصاد الاتحاد جميعه.
كما وحذرت فدرالية الصناعة الألمانية (BDI) من أن تبعات. ومن أي توقف مفاجئ لتدفق الغاز الروسي سوف يكون لها نتائج “كارثية” على الاقتصاد الألماني. وبل توقعت بأن الاقتصاد الألماني هو قد يعرف أكبر انكماش في تاريخه وإن أُوقف استيراد الغاز الروسي من دون أ يوجد أي بدائل.
وقد توقع أيضا تقرير للمؤسسة الاقتصادية بأن”كيل للاقتصاد العالمي” (Kiel Institute for the World Economy) أن مقاطعة وحرمان ألمانيا للغاز الروسي. سوف تؤدي إلى أن تتراجع في نسبة النمو بحوالي 2.2%. وكما أنها سوف تؤدي إلى فقدان أربعمئة ألف منصب شغل وعمل
وبحسب توقعات المعهد نفسه. فإن الاقتصاد الألماني سوف يخسر ويتكبد خسائر قد تبلغ 230 مليار دولار في عامي 2022 و2023 وهذا هو ما يعادل 6.5% من الناتج الداخلي الخام الألماني تقريبا .
وتتبنّى أيضا ألمانيا خطة وهي من أجل التقليص التدريجي متخصص بالاعتماد على الطاقة الروسية. فمنذ قد انطلقت الحرب في أوكرانيا قد تراجعت واردات روسيا من الفحم من 50% إلى 25%، وتراجعت أيضا واردات النفط من 35% إلى 25%. وكما تراجعت واردات الغاز القادم من روسيا من 55% إلى 40%. وتهدف هذه الخطة الألمانية للتخلص بشكل تقريبا شبه تام من واردات الطاقة الروسية وذلك بحلول منتصف 2024.
إنقاذ الروبل
وقد وافقت أربع دول أوروبية على أن تدفع فاتورة الطاقة بالروبل الروسي. ففي حين كشف تقرير لوكالة “بلومبيرغ” بأن عشرة دول أوروبية قد فتحت حسابات بالروبل وذلك للدفع مقابل حصولها على الغاز والنفط الروسي.
ولكن أن تأثير هذه الخطوة على قيمة الروبل قد تبقى ضئيلة، وبذلك أن شركة “غاز بروم” مضطرة إلى بيع حوالي 80% من أرباحها الأجنبية بالروبل. ولهذا ترى الكثير من التقديرات الاقتصادية بأن خطوة قطع الغاز عن بولندا وبلغاريا. هي تكون خطوة سياسية الغرض منها فقط إظهار قدرة روسيا على فرض شروطها جميعها على الدول الأوروبية. وخصوصا من خلال اشتراط روسيا على الدول الأوروبية وفتح حسابات في بنك “غاز بروم بانك” (Gazprombank) الذي يحمل وعليه عقوبات غربية كثيرة.
تابع ملهمون لعلك تكون ملهمًا يوماً ما