علم الصرف، من علوم اللغة العربية، فما هي الأهمية التي يحظى بها هذا العلم في ميدان العربية، و ما هي الأهمية التي يحققها هذا العلم في المجال العملي.
بداية عليك أن تتأكد بأنّ جميع علوم اللغة العربية من نحوها و صرفها و بلاغتها لم توضع عبثاً، و أنّه سيخطر ببالك سؤالا ربّما تجد الإجابة عليه أو لا، ألا و هو: هل كان العرب قبل وضع القواعد يدرسون هذه العلوم؟، أنا سأجيبك، بداية يجب أن نتعامل مع هذه العلوم على أنّها جانبٌ عملي كان العرب يتعاملون به، فهم في ذلك الوقت لم يكونوا بحاجة إلى تدريسه، و من خلال ابتعاد العرب عن لغتهم الفصحى، فإنّنا أصبحنا نلحن في هذه اللغة كثيرا، فأمّا إلى دور علم الصرف من بين هذه العلوم، و ماهي أهميته؟، تابع معنا إلى النهاية، و ستعلم أهميته التي لا تقلّ عن باقي العلوم.
المحتويات
مفهوم علم الصرف
كما أنّه من الضروري معرفة مفهوم علم الصرف. فالصرف و التصريف في اللغة التغيير. و الصرف بالمعنى العلمي الاصطلاحي هو: “علم بأصول تعرف بها أحوال بنية الكلمة التي ليست بإعراب و لا بناء”.
أي هو مجموعة من القواعد تعرف بها الكلمة من حيث وزنها، و حركاتها، و سكناتها. و حروفها الأصلية والزائدة، و ما طرأ عليها من إعلال أو إبدال و ما إلى ذلك.
نشأة علم الصرف
كما أنّه يقال إنّ أوّل من تناول علم الصرف هو (علي بن أبي طالب رضي الله عنه) /٤٠هـ/.
و يقال إنّه (معاذ بن مسلم الهرّاء ) /٢٠٠هـ/.
على أنّ المؤلفات النحوية الأولى كانت تضمّ النحو و الصرف في آنٍ معاً، فلم يكنِ الصرّف علماً مستقلاً عن النحو، و ربّما يعود السبب إلى أنّ (سيبويه) /١٨٠ هـ/ لم يُفرد في كتابه فصلاً خاصّا بالصرف، و من ثمّ نهج المؤلفون من بعده نهجه، ثمّ أتى زمنٌ اتجه فيه علماء العربية إلى التخصّص، فظهرت مؤلفات خاصة بعلم الصرف، و من أهمّها و أقدمها كتاب (التصريف) لـ (المازني) /٢٤٧ هـ/.
أهمية علم الصرف و فائدته
بصورة شاملة يمكننا أن نتحدث عن أهمية علم الصرف و فائدته، فإنّ علم الصرف من أهمّ ميادين المعرفة. و لا بدّ من أن يُقدَّم على غيره من علوم العربية؛ حتى لا يقع اللحن و التحريف. و ربّما امتدّ هذا إلى القرآن الكريم، فمثلاً سُمِعَ بعضهم يقرأ قوله قوله تعالى: {كنتم خير أمّةٍ أُخرِجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر} بفتح الهاء و سكون الواو في (تنهَوْن)، فيقرؤها: (تنهُون)، بضمّ الهاء تسكين الواو؛ لأنّه يجهل أنّ أصلها: (تَنْهَيُوْن)، استثقلت الضمة على الياء فخذفت ثمّ بقيت الياء ساكنة. الواو أصلاً ساكنة فالتقى ساكنان فحذفت الياء، و بقيت الهاء مفتوحة.
فالتصريف كما قال (ابن جني) /٣٩٢ هـ/: “أشرف شطري العربية و أغمضها”.
فأمّا ما يبيّن شرفه فحاجة المشتغلين بالعربية جميعهم من نحويين و لغويين أيما حاجة إليه؛ لأنّه ميزان العربية، و جزء كبيرٌ من اللغة يُؤخَذ بالقياس، و لا يوصل إليه إلّا عن طريق التصريف، كقولهم: “كلّ اسم في أوّله ميمٌ زائدة، ممّا يُعمَل به وينقل، فهو مكسور الأوّل، كقولك: (مطرقةٌ، مثقبٌ، مبردٌ، منقارٌ)، إلّا ما استثني من ذلك”.
و أمّا ما يدلّ على غموضه فكثرة ما يعرض فيه للعلماء من السقطات. منها ما يحكى عن أبي عبيد. /٢٢٤ هـ/ أنّه قلل في (مندوحة) من قولك: ما لي عنه مندوحةٌ، أي (متّسعٌ)، إنّها مشتقة من (انداح)، و ذلك فاسدٌ؛ لأنّ (انداح) وزنه (انفعل)، و نونه زائدة، و (مندوحة) على وزن (مفعولة)، و نونه أصلية؛ إذ لو كانت زائدة لكانت (منفعلة)، و هو بناء لم يثبت في كلام العرب، فهو على هذا مشتق من (الندح).
و يعدّ علم الصرف تراثاً لغوياً؛ لذا عدّه العلماء في المنزلة الأولى للغة، و من خلاله يتجنّب المرء الأخطاء التي تخلّ الفصاحة، قال أبو الأسود الدؤلي:
و لا أفول لقدر القوم: قد غليت و لا أقول لباب الدّار: مغلوق
الميزان الصرفي في علم الصرف
بناءً على ذلك فإنّنا الآن على أعتاب الجانب التطبيقي لعلم الصرف.
إذن فهو الذي يعتمد على معرفة أصول الكلمات. و ما يطرأ عليها من زيادة أو حذف. أو تقديم أو تأخير، أو إعلال أو إبدال، أو حركة، أو سكون.
فالميزان الصرفيّ هو لفظٌ يؤتى به لبيان أحوال الكلمة من حيثُ: حركاتها، و سكناتها، و أصولها، و زوائدها. و هو مؤلف من أحرف الفاء و العين و اللام (فعل). ليكون معياراً موضوعاً تقابل عليه صيغة الموزون كما هو، من حيثُ عدد حروفه (أي حروف الموزون) ، وتركيبها، و حركاتها، و سكونها.
مثال: (آرَاء) وزنها (أعْفَال)، بدليل مفردها (رَأي)، و جمعه (أرْآء) على وزن (أفعال)؛ إذ الأصل (أرْأاْء)، نُقلت الهمزة التي بعد الراء، و وضعت قبل الراء؛ لتصير (أارَاء) على وزن (أعفَال)، ثمّ تصير (آرَاء).
من أمثلة قواعد علم الصرف
– الألف لا تكون أصلاً في متمكّن. و لا في فعل، بل تكون منقلبة عن واو أو ياء، أو زائدة، فالألف:
في (قال) منقلبة عن واو.
وفي (باع) منقلبة عن ياء.
و في (حامد) زائدة.
– إذا تحرّكت الواو و الياء بعد حرف مفتوح قلبتا ألفين:
مثال الواو: (قال)، أصلها (قَوَلَ).
و مثال الياء: (باع)، أصلها (بَيَعَ).
و في الختام فإنّ علم الصرف هو العلم الّذي يمكننا من خلاله معرفة أصل الكلمة فهو الذي يدرس بنية الكلمة و وزنها.
اقرأ أيضاً:وصف الطبيعة في الشعر الأندلسي
تابع ملهمون لعلك تكون ملهماً يوماً ما