مِن المؤكد أنك قد سمعت بمعضلة ثقب الأوزون. وأنه يشكل تهديدًا صريحًا لنا ولكوكبنا الأخضر. ومن منّا لم يقرأ يوماً عن الاحتباس الحراري. أو مقالاً عن ضرورة الحفاظ على البيئة ليكي نتجنب ازدياد اتّساع ثقب الأوزون. فماذا تعلم عنه؟ وهل هو ثقب بالفعل؟
وبخاصةٍ أن الأوزون من الغازات وبالتالي فإن فكرة أن يثقب الغاز تعتبر فكرة غريبة إلى حدٍ ما. ولكن لا يمكننا أن ننكر أثر هذا الثقب “الغازي” علينا وعلى كوكبنا. فكيف اكتشف الإنسان وجود هذا الثقب في الجو؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال منذ قصة اكتشافه.
المحتويات
كيف تم اكتشاف ثقب الأوزون
قامت بريطانيا في عام ألف وتسعمئة وسبعة وخمسين بإرسال بعثة استكشافية إلى منطقة القطب الجنوبي. وفي أثناء جولتهم ودراساتهم لاحظ أحد العلماء أن هناك انخفاضاً واضحاً في مستوى الأوزون في هذه المنطقة ومن ثم جرت العديد من الأبحاث والدراسات التي تمخضت عن اكتشاف ثقب الأوزون في عام ألف وتسعمئة وخمسة وثمانين.
بعد ذلك استعانت وكالة ناسا بالأقمار الصناعية. بالإضافة إلى ذلك حصلت على معلومات تفيد بأن المنطقة القطبية الجنوبية بالكامل تعاني من نقص في الأوزون. علاوة على ذلك اكتشف وجود ثقب ثاني أصغر منه في المنطقة القطبية الشمالية. وبالبحث الحثيث والدراسات المستمرة لهذا الثقب. وجد العلماء أنه يزداد اتساعاً بشكل مستمر ولا سيما بين شهري أيلول وكانون الأول وتتقلص مساحته في بقية أشهر السنة.
ما الفرق بين غاز الأوزون وطبقة الأوزون
في الواقع غالباً ما يخلط الناس بين المفهومين. ولكن ثمة فرق بينهما. فغازا الأوزون O3 هو عبارة عن غاز سام لونه أزرق يتكون من اتحاد ثلاث ذرات من الأكسجين. ويتم استخدامه في الغالب في عمليات التعقيم الطبية.
أما طبقة الأوزون فهي عبارة عن طبقة واقية للأرض مكونة من غاز الأوزون تتوسع في الطبقة الثانية من طبقات الغلاف الجوي والتي تدعى بطبقة الستراتوسفير.
ولهذه الطبقة وظيفة أساسية في توفير الحماية للكائنات الحية على سطح الأرض من الأشعة فوق بنفسجية التي تصدر عن الشمس. حيث تعمل ذرات الأوزان على امتصاص هذه الأشعة المضرة قبل وصولها إلى الأرض.
الأسباب الطبيعية لحدوث معضلة ثقب الأوزون
ويأتي في مقدمتها انفجار البراكين وما تطلقه من غازات وسحب بركانية تضر بطبقة الأوزون الجوية. ولعل أكثر ما تطلقه البراكين ضرراً بطبقة الأوزون هو حمص الهيدروكلوريك الذي يؤدي إلى تلاشي الأوزون من طبقاته ولا سيما إذا كان تركيزه مرتفعاً.
كما حدث عند انفجار بركان ( للشيكون ) حيث تشكلت نتيجته سحابة تحتوي على حمض الهيدروكلوريك بنسبة أربعين بالمئة. والتي سببت بدورها زيادة تواجد هذا الحمض في طبقة الستراتوسفير بنسبة عشرة بالمئة وهذه لوحدها كفيلة بتوسع ثقب الأوزون.
وهناك أيضا غاز الكلور الذي تطلقه البراكين عند انفجارها أيضاً. والذي يتجمع في طبقة الستراتوسفير ويضر بطبقة الأوزون ولا سيما عندما يجد سطحاً مناسباً لحدوث التفاعلات الكيميائية عليه كوجود الهباء البركاني الذي يوفر للكلور هذا السطح الملائم لتفاعله وبالتالي الإضرار بطبقة الأوزون.
أسباب بشرية أدت لحدوث معضلة ثقب الأوزون
يقوم الإنسان بشكل دائم باستخدام مركبات ومواد تضر بثقب الأوزون. وتسهم في زيادته ولعل أبرز هذه المركبات وأكثرها ضرراً بطبقة الأوزون المركبات التالية:
- للكلوروفلوروكربون : يستخدم هذا المركب عادة في أجهزة التبريد. وفي إنتاج الرغوة ويستخدم كمادة دافعة وأيّاً كان وجه استخدامه فإنه يسهم في إنتاج عناصر تسبب نفاذ وتلاشي الأوزون من مثل غازي الكلور والبروم.
- مركب بروميد الميثيل: هذا المركب يتم استخدامه عادة في صناعة المبيدات. ويكمن خطره في احتوائه على نسبة عالية من البروم الذي يضر بطبقة الأوزون.
- الهيدروكلوروفلوروكربون: وتعد هذه المركبات أكثر ضرراً وخطورة على طبقة الأوزون من مركبات للكلوروفلوروكربون ذاتها على الرغم من أنها تستخدم كبديل عنها. حيث إنه أكثر سرعة في تدمير الأوزون.
- الهالونات: التي يتم عادة استخدامها في مواد التنظيف الجافة ومن ثم مذيبات التنظيف وكذلك في أجهزة إطفاء الحرائق. بالإضافة إلى ذلك في مكيفات الهواء والتغليف المعزول وكذلك في المواد الدافعة في الرشاشات. ويكمن خطرها في أنها تطلق البروم المدمر لطبقة الأوزون.
- رباعي كلور الكربون: ويعود ضرر استخدامه إلى إطلاقه غاز الكلور في الجو. ويستخدم عادة في صناعة المنظفات والثلاجات وطفايات الحريق.
- البروموكلوروميثان: عادة تستخدم هذه المركبات في طفايات الحرائق. ويكمن خطرها في الغازات التي تطلقها ولا سيما الكلور والبروم الذي يسبب تخريب طبقة الأوزون.
- أكاسيد النيتروجين: تنطلق هذه المركبات من عوادم السيارات والشاحنات والطائرات. كما تنبعث من الفضلات الصناعية السائلة ومن بعض أنواع الأسمدة لاحتوائها على نوع من البكتريا لنزع النتروجين. إضافة إلى ذلك ينطلق من الانفجارات النووية.
وهناك العديد من المركبات الأخرى التي تسهم في تخريب طبقة الأوزون واتساع ثقب الأوزون.
أضرار معضلة ثقب الأوزون
في الواقع هناك الكثير من التأثيرات الضارة لثقب الأوزون على كافة أشكال الحياة على وجه الأرض. ولعل أبرزها ما يلي:
أضرار تتعلق بصحة الإنسان
في الواقع يصل الضرر إلى الإنسان من ثقب الأوزون نتيجة تسرب الأشعة فوق بنفسجية المؤذية جداً للإنسان حيث إنها تجعله عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض الجلدية وأشدها خطورة هو السرطانات الجلدية غير الميلانينية. كما أنها تسبب أَيْضًا إصابته بسرطانات الخلايا الصبغية. ولا يقتصر خطرها على ذلك بل تتعداه إلى تأثيرات مضرة أخرى. كتعتيم العينين وإضعاف جهاز المناعة لدى الإنسان فتزاد إصابته بالأمراض المختلفة.
أضرار تتعلق بالنباتات
إن تعرض النباتات للأشعة فوق البنفسجية المتسربة نتيجة حدوث ثقب الأوزون لها تأثيرات شديدة الخطر على النباتات. يأتي في مقدمتها خلل في أوقات نمو وتطور النبات وتغيرات تتعلق بشكل النبات وتوزيع الأغذية فيه. ومن ثم إصابته بالآفات والأمراض النباتية التي توقف إنتاجيته وتسبب موت النبات. بالإضافة إلى ذلك فإنه ينعكس بشكل سلبي على البيئة بشكل عام. ومن ثم تكون سبباً في تغير الدورة البيوجيوكيميائية في الطبيعة وكذلك حدوث خلل في الدورة الحيوية الجيولوجية الكيمائية للطبيعة.
أضرار ثقب الأوزون على البيئة البحرية
يؤدي ثقب الأوزون إلى تعرض العوالق البحرية إلى كميات كبيرة من الأشعة فوق بنفسجية مما يشل حركتها ويخل بتوزعها. ولما كانت هذه العوالق البحرية تعتبر أساس الشبكات الغذائية في الماء فإن تضررها وموتها يسبب تأثيرات سلبية على الكائنات التي تتغذى عليها مما يؤدي إلى نقصانها بشكل كبير.
التغيرات المناخية
لقد أدى تواجد ثقب الأوزون بشكل كبير في المنطقة القطبية الجنوبية إلى حدوث تغيرات مناخية حادة امتد تأثيرها حتى خط الاستواء مما يتسبب في زيادة المطولات المطرية في المناطق شبه الاستوائية.
هذه لمحة عن مسببات حدوث ثقب الأوزون والمخاطر الناجمة عنه. وفي الختام باستطاعتنا القول إنه ثمة العديد من الإجراءات التي قامت بها المجتمعات الدولية لحماية ثقب الأوزون من الاتساع. ومحاولة تقليص حجمه. ويقع علينا نحن كأفراد مسؤولية المساعدة في ذلك. من خلال التقليل من استخدام المواد المسببة للتلوث. حتى تتحقق توقعات العلماء بتعافي طبقة الأوزون تقريباً في منتصف هذا القرن.