كتاب الليل في العصور الغابرة | كيف كان الأوروبيون ينامون

كان الليل هو غطاء الشر في نظر البشر القدماء، فكان عدوهم الأول. وهذا على عكس الكائنات الأخرى، فالبشر هم الأضعف خلال الليل، خاصة عندما لا يكون القمر مكتمل أو مضيء، فكانوا في خوف دائم من الحيوانات اللاحمة والمفترسة في الليل. وهذا المفهوم تتطور ليلاحقهم إلى عصور قريبة وكان مهداً لنشوء الأساطير والحكايات الشعبية في الأرض. كما كان الليل الصديق المفضل للمجرمين والمتسللين، فمن الطبيعي أن ينام البشر 9 أو 7 ساعات لكن هل كان الوضع دائماً هكذا؟ هذا ماسيجيبنا عنه كتاب الليل في العصور الغابرة .

مضمون كتاب الليل في العصور الغابرة

يقوم كتاب الليل في العصور الغابرة بالحديث عن تاريخ النوم والحياة في العالم الغربي وخاصة أوروبا قبل العصر الصناعي. حيث أن الناس في العصور الوسطى يقومون بتقسيم نومهم إلى نوبتين أثناء الليل.

وحسب ماذكر موقع ميديا فاليستس (medievalists) الأميركي. أن كتاب روجر إيكيرش بعنوان (الليل في العصور الغابرة) يكشف عن أنه حتى العصر الحديث. (حيث أصبحت الأضواء الصناعية السبب الأول في بقائنا مستيقظين لوقت متأخر من الليل) حيث أن معظم الناس يخلدون للنوم تزامناً مع غروب الشمس. وقد كان وقت النوم الفعلي ينقسم إلى نوبتين: النوم الأول والنوم الثاني.

كما أوضح إيكيرش ضمن كتابه أن (مرحلتي النوم أو النوبتين كانتا بنفس المدة تقريبًا. حيث أنه يستيقظ الشخص بينهما في بعض الأحيان من تلقاء نفسه ثم يرجع للنوم مرة أخرى). كما أنه لم يكن الجميع ينامون تبعاً لجدول أوقات معين. وكلما تأخّر الشخص في خلوده للنوم فإن وقت استيقاظه من المرحلة الأولى يتأخر أيضاً. وإذا خلد لنومه بعد منتصف الليل فمن المرجح ألا يستيقظ حتى وقت الفجر.

وقد أشار الموقع إلى أن فترة الاستيقاظ بين النوبتين تدوم لمدة ساعة، وهذا ما يكفي لتلاوة (صلاة الليل) التي تكون في العادة بين الساعة الثانية وبين الثالثة فجراً أو للدراسة أو فعل أي شيء آخر.

وذكر الكاتب أن شجار أحد الجيران أو حتى عواء الكلاب (تبعاً لبعض التوصيفات) كان يوقظ الناس قبل وقت استيقاظهم من نومهم الأول، إلا أن أغلب المراجع تشير إلى أن الوضع الطبيعي هو أن يستيقظ الناس من نومهم من تلقاء أنفسهم، وذلك ليس بسبب الإزعاج أو النوم المتقطع.

كما نصحت الكتب الطبية خلال القرنين 15 و18 بالنوم على اليمين خلال فترة النوم الأولى من أجل هضم الطعام بشكل أفضل ونوم مريح. ثم قيامهم بالنوم على الجانب الأيسر خلال نوبة النوم الثانية.

جنح الليل

وقد أضاف أن (المؤرخ الفرنسي المدعو ب إيمانويل لو روي لادوري لم يتأكد ويحقق كثيرًا في الموضوع. إلا أن دراسته في مونتايو والتي تعود للقرن 14 تدل على أن (ساعة النوم الأولى) كانت تقسيمًا معروفاً في الليل مثلما كانت (ساعة منتصف النوم الأولى). ومع أن مصطلح (النوم الأول) لم يكن مستخدماً بكثرة على عكس تعبيرات أخرى مثل (إضاءة الشموع) أو (جنح الليل) أو (صياح الديك). فإنه ظل تقسيمًا زمنيًا معروفاً لأواخر القرن 18. كما هو مشروح في كتاب “لا ديمونولاتري” عام(1595) لنيكولاس ريمي. ويقول: يأتي الغسق، فيما يليه هبوط الليل، بعدها جوف الليل والنوم الأول ثم أخيرًا جنح الليل.

ولكن لا يقوم الجميع باتباع نمط النوم لفترتين، حيث أشار إيكيرش إلى أن بعض البشر في فترة قبل العصر الحديث كتبوا أنهم كانوا ينامون الليل كله، ولكن يبدو أنها كانت عادة قديمة منتشرة بين الناس وتعود للعصور القديمة.

وقد ذكر جان فيردون في كتابه  أيضاً (الليل في العصور الوسطى) أن بعض الأشخاص كانت لديهم عادات نوم مختلفة. فمثلاً، كان الأطفال عليهم النوم طوال الليل لـ9 أو 10 ساعات متواصلة، لكن هذا الأمر كان الأصعب مع الصغار. وهذا ما اتضح من قصة (لا فورس دو كوفييه) التي تعود إلى القرن 15. حيث تتضمن مقطعًا يتحدث عن مصاعب جعل الأطفال الصغار ينامون، وهو ما يقوم بتفهمه الآباء في أيامنا هذه أيضًا: إذا استيقظ الطفل خلال الليل. كما اعتاد الأطفال في أحيان كثيرة، فالمشقة تكمن في هدهدة الطفل، ومن ثم تمشيته، وحمله، وبعدها إطعامه في غرفة النوم، وحتى ولو كان ذلك ضمن منتصف الليل”.

كتاب الليل في العصور الغابرة

أيضاً نمط نوم الرهبان خلال العصور الوسطى كان مختلفًا. وتبعاً لحكم سانت بنديكت، فقد كان الرهبان يخلدون للنوم في السابعة مساءً بعدها يستيقظون للصلاة عند الثانية صباحًا. وفي كنائس أخرى، كان يمكن لهم النوم لفترة ثانية حيث كان الرهبان البندكتيون الكاثوليكيون. يبقون مستيقظين لكن يمكن أن يُسمح لهم بالقيلولة خلال اليوم.

مشاكل النوم

تبعاً لفيردون، فقد كان الأشخاص خلال القرون الوسطى يعانون مشاكل النوم تشبه التي نعاني منها الآن، كالأرق وفرط النوم بالإضافة للمشي خلال النوم. كما سمع المؤرخ جان فرواسار عن قصة نبيل يدعى (بيير دي بيارن). مر بتجربة مؤلمة بعد قتله لدب ضخم بشكل استثنائي وذلك من خلال قتال بالأيدي. حيث كان في نومه يسحب سيفه ملوحًا به في الهواء خوفاً. وإذا لم يعثر على سيفه، كان هذا النبيل (يصدر صخبًا وكأن شياطين الجحيم تقاتله). وفي النهاية قامت زوجته وأطفاله بهجره بسبب تلك المشكلة.

كتاب الليل في العصور الغابرة

ولا يقوم الكتاب بتناول الليل فقط، بل يدرس أنشطة ارتبطت بالنوم كالخوف من الجريمة والنار والأمور الخارقة للطبيعة. وأهمية ضوء القمر، بالإضافة لزيادة معدل الإصابة بالمرض والوفاة ليلاً، كما أن التجمعات المسائية لغزل الصوف والقصص. بالإضافة إلى النزل والحانات وبيوت الدعارة وإستراتيجيات اللصوص والقتلة والمتآمرين، إضافة للاستجابات الوقائية للتعاويذ والتأملات والصلوات، وكذلك كوابيس النائمين.

تابع ملهمون فلعلك تكون ملهمًا يومًا ما.

 

قد يعجبك ايضا