ما هو الأدب العالمي؟

الأدب العالمي أو الآداب العالمية فهما تسميتان لتلك الآداب التي وصلت إلى العالمية، وتعريف الأدب العالمي في الأصل هو الأدب القومي، فالأدب القومي هو كل أدب أنتجه أدباء أمة من الأمم، ويرجع الفضل في صياغة مصطلح الأدب العالمي لأديب الرومانسية وناقدها أوجست فيلهم شليجل والذي ساهم في نشره الأديب الألماني غوته.وفهم تعريف الأدب العالمي على أنه الكنز العظيم من الآثار الكلاسيكية كآثار هوميروس ودانتي وشكسبير.

تعريف الأدب العالمي للدكتور حسام الخطيب

قبل عرض التعريف لا بد للحديث عن بعض المفاهيم الذي يظنها كثير من القرّاء في مفهوم الأدب العالمي أن كل الآداب الأجنبية المترجمة إلى لغتنا العربية هي آداب عالمية.

وثمة مفهوم أخير للأدب العالمي عند عامّة القرّاء مفاده أنَّ من نال أو سينال جائزة نوبل هو كاتب عالمي، والحقيقة غير ذلك فجائزة نوبل حديثة العهد وأول مرة مُنحت فيها هذه الجائزة كانت سنة 1906 م.

أمّا الآن سنعرض تعريف الدكتور حسام الخطيب للأدب العالمي، فيقول:

“هو ارتقاء أدبٍ ما، كليّاً أو جزئياً، إلى مستوى الاعتراف العالمي العام بعظمته وفائدته خارج حدود لغته أو منطقته، والإقبال على ترجمته وتعرُّفه ودراسته، بحيث يصبح عاملاً فاعلاً في تشكيل المناخ الأدبي العالمي لمرحلة من المراحل، أو على مدى العصور.”

 أدب عالمي
الدكتور حسام الخطيب

أسس داخلية تجعل من أدبٍ ما وفق مفهوم الأدب العالمي عالمياً

الأدب العالمي أدبٌ له أسس ومقومات تجعل منه عمل عالمي، يُقرأ ويُراجع ويُنقد.

وهم:

  • الموقف الإنساني هو الأساس في الأدب العالمي:

الأساس الأول هو المقياس الموقفي أو المضموني أو الفكري أيّ ما يقدمه الديوان الشعري أو الرواية أو الكتاب النقدي من فهم لقضية الإنسان سواء في إطار مجتمعه الخاص أم في إطار الكون والمصير.

فالمعيار الأساس للعمل الجيد هو إضاءة جوانب من موقف الإنسان في غمر الصراع الاجتماعي أو الفردي أو القومي أو الأيديولوجي أو المعرفي ضمن إطار التطلع الواسع معرفة الذات والآخرين وترقية المقدرة على السيطرة على الأشياء والطبيعة والكون.

وهذا المقياس موضوعياً إلى حدٍّ ما  في جميع الأعمال التي استطاعت أن تصل إلى المرتبة العالمية وتصمد لتنال الخلود.

وهذا القول ينطبق على سلسلة من الروائع الإنسانية ابتداءً من المسرحيات الإغريقيّة ومسرح شكسبير.

  • اللون المحلي ونكهته الخاصة في الأدب العالمي:

ثمة أعمال أدبية عالمية خالدة لا يرجع خلودها إلى طبيعة الموقف الذي تقترحه من قضية الإنسان، ولكن إلى ما تتمتع به من نكهة محلية وشخصية قوميّة أو إقليمية خاصة، ومقدرة على تعبير عن روح منطقة معطاة من العالم في مرحلة تاريخية معينة.

فمثلاً يرجع جانب كبير من سحر الروائع الروسية في القرن التاسع عشر إلى أنها كانت تنبض بالروح الروسية، وينطبق هذا الطرح على دوستويفسكي وغوغول وتولستري، وفي المرحلة الحالية على أعمال غابرييل ماركيز ونجيب محفوظ التي احتفظت دائماً بنكهة التوابل المحلية لتجربة الإنسان في مجتمع محدد.

  • عامل التَّفرد والابتكار والغرابة في الأدب العالمي:

التفرد أو الابتكار أو الإدهاش أو الإغراق في صفة خاصّة بعينها، فأحياناً يحظى عمل ما بالعالمية بسبب ما فيه من لون نوعي مميز جداً قد يختلف اختلافاً كبيراً عن روح المنطقة الأجنبية التي اشتهر فيها أو عن المناخ الأدبي السائد عالمياً.

ولكن هذا العامل لا يكفي بالطبع، وإذا قُرن بعوامل أخرى مساعدة فإنَّه يحظى بفاعليّة كبرى. وبما أن العالمية حتى الآن كانت تأتي عن طريق العواصم الغربية فإنه لا ضيّر من التأكيد أن عنصر ( الغرابة والعجب) ما زال فعّالاً في الذهن الغربي بوجه خاص.

وما زال القرّاء الأوربيون مثلاً يَبحثون عن أدب المشرق في تجارب ألف ليلة وليلة وعمر الخيام بل هم مصرُّون على أن تَبقى صورة الشرق هي صورة ألف ليلة وليلة التي يَتشرَّبونها منذ صغرهم.

  • توازن بين الخاص والعام في مفهوم العالمية:

يبدو أن المطلوب هو عملية توازن دقيقة جداً بين الخاص والعام. وما يخصّ مجتمعاً معيناً في فترة معطاة وما يخصّ الإنسانية بالمعنى المطلق. وكذلك بين المتحول والثابت، أي بين ما هو طارئ وزمني، ومتكرر على المدى فيما يتعلق بالحقيقة الإنسانية.

وحين ينجح الكاتب في تحقيق هذا التركيب اللطيف، فإنه يكون قد حقق الشرط الأساسي؛ لخلود العمل في موطنه ومن ثم على المستوى العالمي.

  • الإبداع الفني هو الشرط المسبق للعالمية

مهما تَحدثنا عن أهمية الموقف في الأدب فإنّ ذلك يَبقى مشروطاً دائماً بشرط الإتقان أو الإبداع الفني. وهكذا يكون في كلّ عمل فني عاملان يقرران مصيره هما الموقف والإبداع. وليس من الطبيعي الفصل بين هذين العاملين، فهما يبدوان في الروائع مثل سبيكة ذهبية مشعة ذات مكون واحد لا مكونين.

ويجب ألا ننسى أن الحديث هنا يتناول شرط الإتقان الفني في إطار مسألة العالمية. وهذا يزيد الطين بِلّة لأن التحديد الفني هنا لا ينحصر بذوق منطقة من العالم بل هو أشبه بحقل مفتوح لألوان التجارب الإبداعية.

مشكلات الترجمة في الأدب العالمي

  1. أن ترجمة الأعمال الأدبية، كانت فردية في أغلب مناحيها، وتعتمد على ذوق المتقنين والمتمرسين. وربما نصادف في البلد الواحد من البلدان العربية غير ترجمة لعمل أدبي واحد.
  2. معظم الترجمات تتم عبر لغة وسيطة، وليس من اللغة الأم لتلك الآداب. والمترجمون محقون في ذلك فبعضهم لا يتقن غير لغة أو لغتين من اللغات الأجنبية كالفرنسية والإنكليزية.
  3. مشكلة الاختصار أو حذف المقاطع من العمل الأدبي الأصلي، فضلا عن أنّ بعض المترجمين يتدخلون في النصوص المترجمة.
  4. دراسة الأعمال وفق أسلوب الكاتب ولغته وهذا لا يمكن بعد ترجمة العمل من لغة إلى لغة.

وفي الختام نلحظ كيف أن العمل يزداد قيمةً عندما يعبر عن روح الإنسان وقضيته وجعله هدفاً يعلو به.

اقرأ أيضاً: أدب الفانتازيا.

تابع ملهمون فلعلك تكون ملهماً يوماً ما

قد يعجبك ايضا